وزارة الطاقة تتجاهل النصوص القانونية في دفاتر الشروط.. «الحملة الجبرانية «على النفط الروسي تكبِّد الخزينة مئات الملايين
يبدو أن سياسة الهدر مستمرة في وزارة الطاقة، التي مازالت تتأثر بالحملات التي يشنها أنصار التيار الوطني الحر الذي «إحتكر» إدارة وزارة النفط حوالي خمس عشرة سنة، ويحاول اليوم عرقلة خطوات الوزير الحالي، عبر الترويج لتلفيقات وإشاعات على وسائل التواصل الإجتماعي.
وآخر فصول الحملات المفتعلة من جانب التيار الإستهداف المتعمَّد لمصادر الطاقة التركية والروسية، لغايات في نفس يعقوب، ولمجرد عرقلة مناقصات وزارة الطاقة، وتأخير تحسُّن ساعات التغذية بالتيار الكهربائي.
فبعد فوز شركة «آبلوم»(Iplom) بمناقصة تبادل الوقود الجديدة بتاريخ ٢٧ تشرين الأول الماضي، بادرت وسائل التيار الألكترونية، وبتوجيه مباشر من النائب جبران باسيل، إلى شن هجمة شعواء على مصادر الوقود الروسية والتركية، والتسبب بإرباكات ومشكلات للشركات المعنية، مما أدى إلى إعتماد الوازرة للوقود ذات المنشأ الأوروبي في تواطؤ مشبوه بين بعض المسؤولين في الوزارة والمعنيين في حملة التيار، رغم أن الوزارة مازالت تعتمد مواصفات النفط الروسي في دفاتر المناقصات. وفق تعديلات تنظيمية أقرّتها وزارة الطاقة والمياه ومجلس الوزراء اللبناني عامي 2022 و2023 تسمح عمليًا للشركات المتقدمة إلى المناقصات باستيراد النفط من أي مصدر غير خاضع لعقوبات دولية مباشرة على لبنان، بما في ذلك روسيا، شرط احترام القوانين الدولية المعمول بها في القطاع المصرفي والتمويلي.
وجاء في دفتر الشروط المعدل نص الفقرة التالية: «يُسمح للشركات المشاركة بتقديم عروض لمشتقات نفطية مصدرها أي دولة، شرط ألا تكون خاضعة لعقوبات تمنع التعامل معها من قبل المصارف اللبنانية أو المؤسسات الدولية المعتمدة في عمليات الدفع والتحويل».
هذه الصياغة فتحت الباب أمام النفط الروسي طالما أن الصفقة لا تمرّ عبر جهات أو مصارف خاضعة للعقوبات الأوروبية أو الأميركية.
وفي توضيحات وزارة الطاقة اللبنانية، وفق بيانات رسمي2022–2023):
تأكيد أن لبنان ليس ملزماً بالعقوبات الأوروبية على روسيا، وأنه يمكنه استيراد النفط الروسي «إذا تمّ تسديد قيمته بعملات أو عبر وسطاء لا يخالفون الأنظمة المالية الدولية».
وبناءً عليه، قدمت بعض الشركات اللبنانية عروضاً لاستيراد فيول روسي المنشأ عبر وسطاء في تركيا أو الإمارات. الوزارة قبلت هذه العروض بعد التأكد من مطابقة الشحنات للمواصفات الفنية، وعدم وجود مخالفة للعقوبات،على أن تتم عمليات الدفع عادة عبر مصارف وسيطة خارج لبنان لتفادي أي إشكالات مع النظام المصرفي الأميركي.
ولكن «الحملة الجبرانية» تجاهلت وتجاوزت كل هذه النصوص القانونية وشنت هجماتها على النفط الروسي، والتي أدت إلى تكبيد الخزينة عشرات الملايين من الدولارات، نتيجة إرتفاع أسعار النفط من المصادر الأوروبية والذي يتم تداوله وفق أسعار «بلاتس» العالمية، دون أي حسم، ونتيجة ذلك إرتفعت أسعار العلاوات(Premiums)، إلى ١١١ دولاراً في نهاية تشرين الفائت، بعدما كانت بحدود ٥٢ دولاراً فقط للطن الواحد في مطلع حزيران الماضي.
والمفارقة أن وزارة الطاقة لم تلتزم النصوص القانونية السالفة الذكر، و«إستسلمت» للأمر الواقع المستجد، رغم فوارق الكلفة المرتفعة على الخزينة، والتي يتحملها المستهلك اللبناني، رغم الأوضاع المعيشية المتردية.