اختلاف على المطالب واتّفاق على الزيادة: القطاع العام نحو مزيد من التصعيد

انتهى إضراب الأيام الثلاثة لموظفي القطاع العام إلى لا شيء. لا الدولة استجابت ولا الحكومة اجتمعت ولا الزيادات على الرواتب دُرست. ولم يجرِ البحث في أيّ مشروع لتعديل الرواتب والأجور لموظفي القطاع العام. لذا الأمور ذاهبة إلى المزيد من التصعيد، إذ من المتوقّع أن تتوسّع التحركات مع بداية عام 2026 المقبل.

فالموظفون، وعلى الرغم من اختلافهم على تفاصيل المطالب، إلا أنهم متفقون على أنّ «الوضع لا يحتمل، وأن مشروع مجلس الخدمة المدنية لإعطاء الموظفين زيادة موضوعية على التقديمات مرفوض، ولا بدّ من تعديل الرواتب».

«نريد تصحيح رواتب وأجور يعيد قيمتها إلى ما كانت عليه عام 2019»، يقول عضو الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة إبراهيم نحال. والأهداف التي وضعها الموظفون لإضرابهم، «بسيطة، والحكومة قادرة على تحقيقها، لأنّ الأموال موجودة». وإن كان مجلس الوزراء يريد وقف التصعيد فعليه إقرار إعطاء الموظفين 17 راتباً إضافياً، ليصبح أساس الراتب مضاعفاً 30 مرّة مع بداية عام 2026.

وبحسب نحّال، هذا المقدار يسمح للراتب باستعادة 50% من قيمته التي كان عليها عام 2019. ثم يُقسّط 30 ضعفاً، أي نسبة 50% المتبقية، بمعدّل 10% إضافية كلّ 6 أشهر، أي خلال 30 شهراً. فالرواتب لن تستعيد قيمتها قبل مضاعفتها 60 مرّة، بحسب الدراسات التي أعدّها الموظفون، وهذا باستثناء الزيادات المطلوبة إضافتها على الرواتب بسبب غلاء المعيشة وتضخّم الأسعار.

من جهة ثانية، وضع تجمّع الموظفين في القطاع العام دراسته لتعديل الرواتب، وطالب بإدخال تغييرات على مشروع مجلس الخدمة المدنية تسمح باستعادة الرواتب 75% من قيمتها مع بداية عام 2026، وذلك بمضاعفة الراتب 35 ضعفاً، وتعديل بدل النقل من 450 ألف ليرة عن كلّ يوم حضور إلى 900 ألف ليرة.

وهذا أمر يسير، يقول ممثّل وزارة المالية في التجمّع حسن وهبي، معيداً السبب إلى أنّ قيمة التقديمات اليوم تساوي 50% من قيمة الراتب قبل الانهيار النقدي والمصرفي عام 2019. بحسب وهبي، «لن ننتظر 5 سنوات لنصل إلى استعادة 75% من قيمة الراتب، وفقاً لمشروع مجلس الخدمة المدنية، فالوضع لا يحتمل». لذا، من المتوقّع أن تأخذ التحركات زخماً إضافياً مطلع عام 2026 في حال عدم تحقّق أيّ من المطالب.

ولكن بالرغم من اجتماع المطالب النقابية على ضرورة تحسين الرواتب، إلا أنّ مشهد الإضراب في الدوائر والإدارات العامة لم يكن شاملاً. فالالتزام تفاوت بحسب الوزارة والإدارة. على سبيل المثال لم يضرب الموظفون في وزارة الصحة أو في وزارة التربية أو في وزارة المالية.

حتى في المدارس والثانويات وهي الأكثر قدرة على تحقيق ما يشبه الالتزام التام، خُرق الإضراب فيها، إذ فتحت مدارس التعليم الأساسي التي يشكل المعلمون المتعاقدون فيها نسبة تزيد عن 80% بسبب رفض هذه الفئة من المعلّمين للإضراب، فيما أقفلت الثانويات، حيث تصل نسبة الأساتذة في الملاك إلى 90%، إذ يشكّل هؤلاء ما يشبه رأس الحربة في التحرّك، ولهم أيضاً مطالب خاصة مغايرة لمطالب الموظفين، منها مضاعفة الرواتب 37 ضعفاً بإضافة 24 راتباً على الراتب الحالي المُضاعف 13 مرّة.

وفي سياق مرتبط، أشار موظفو وزارة المالية إلى «عدم مشاركتهم في الإضراب»، وأعادوا السبب إلى «عدم صحة الدعوة في هذا الوقت من السنة، فالعمل جارٍ على إقفال الموازنات وإنجاز الحسابات قبل بداية العام الجديد».

هنا، لفت وهبي إلى ضرورة تشكيل هيئة إدارية جديدة لموظفي الإدارة العامة، لأنّ الهيئة الحالية لم تعد مُمثِّلة للموظفين نظراً إلى بلوغ عدد من أعضائها سنّ التقاعد، فضلاً عن عدم إجراء انتخابات لتجديد ولاية أعضائها». لهذه الأسباب وغيرها، صمّت الحكومة آذانها ولم تتواصل مع الموظفين المُضرِبين، وتراهن على تمرير المرحلة من دون أن تضطر إلى تقديم وعود أو تنازلات للموظفين. إلا أنّ التوقّعات تشير إلى أنّ عام 2026 المقبل سيبدأ بالتصعيد والإضرابات العامة.

Leave A Reply

Your email address will not be published.