مقاهي البردوني تفتتح موسمها الصيفي

 

عمرٌ مضى وزحلة تحلم بتوسيع منطقتها السياحية. عمرٌ مضى وزحلة لم تعرف سوى الحُب والعطاء والعمل.

وها هي اليوم، مع انطلاق الموسم الصّيفي، تتحضّر لاستقباله على الرّغم من الوضع السياسي والأمني والاقتصادي الصّعب.

ولأنّ مدينة زحلة، تبقى صامدة في وجه كل التّحديات، نلحظ أنّها تضيء شموعها لتستقبل كلّ مغتربٍ وسائحٍ وأجنبيٍ لقضاء أجمل الأوقات تحت شمسها.

وعندما نتكلّم عن زحلة، أوّل ما يخطر في ذهننا مقاهي البردوني.

من يزور مدينة زحلة هذه الأيام، لا بد أن يقصد “وادي العرايش” الواقع على ضفتي نهر البردوني المنساب بهديره من أعالي صنين.

وبحسب ما أكّد رئيس نقابة المطاعم في البقاع رشيد عرابي، فإنّ وادي البردوني أو وادي عروس البقاع وعروس لبنان، لا يفارقه السياح طوال أيام السنة، خصوصًا أنّ زحلة اشتهرت منذ القدم بازدهار موسم السياحة والاصطياف. وقد أضافت إليهم المدينة، الملقبة بصاحبة الطربوش الأحمر تيمنًا بقرميد منازلها الذي تزدان به، مفهومًا جديدًا وهو السياحة العائلية، فضلاً عن الازدهار الذي تشهده أيام المهرجانات التي تقام إمّا في المدينة، وإما في المدن والبلدات المجاورة لتستقطب السياح والزوار.

وبالرغم من أنّ السياحة والمهرجانات اليوم عمّت مختلف المدن والقرى، إلّا أنّ لزحلة يبقى رونقها الخاص، فهي مدينة الشعر والخمر، و “جارة الوادي” ومركز لقاءات أشهر باشاوات مصر، والشخصيات العراقية والسورية، وعمالقة الفن الأصيل، كأم كلثوم، وفريد الأطرش، وعبد الحليم حافظ، ومحمد عبد الوهاب الذي غنى لها في جلسة حميمة مع شعراء من المنطقة قرب نبع البخاش في كازيو عرابي «يا جارة الوادي»، التي كتبها له أمير الشعراء أحمد شوقي. وقد كنا ككازينو عرابي الأول وما زلنا رواد المطاعم السياحية منذ أكثر من مئة عام.

وتابع عرابي في حديثه للدّيار، وقال: تتوزع المطاعم على ضفتي البردوني،المطاعم التي تقدم اللقمة اللبنانية الأصيلة، فيقضي روّادها أجمل الجلسات على صوت خرير المياه وفي جو من البرودة في أوج الحر، من دون الحاجة الى المكيف وأجوائه المصطنعة.

الحركة ناشطة في البردوني

ووصف الحركة في البردوني بالناشطة هذه الأيام، على الرغم من الجو العام السائد في البلد. ونحن بطبيعة الأمر، نقاوم محاولات ضرب القطاع السياحي في لبنان، ونفتقد غياب دعم الدولة لهذا القطاع، بالرغم من أنها تدعم أمورًا أخرى ليست أكثر أهمية من قطاعنا.

وما زاد من نشاط حركتنا، أنغام الموسيقى اللبنانية الصادحة من هذا المطعم، مثل أغاني فيروز ووديع الصافي ووردة الجزائرية، وأغاني نجوى كرم ووائل كافوري. وقبل أن تلتفت يمينًا ويسارًا لتختار المطعم الذي يعجبك فتتناول فيه الغداء أو العشاء، يمكنك أن تزور المحلات والبسطات الخشبية المنتشرة على باب الوادي، التي تبيع التذكارات اللبنانية المحفورة على الخشب، أو المصنوعة من الزجاج المنفوخ، إضافة إلى العباءات المطرزة، والأعمال اليدوية والحرفية على أنواعها، وكذلك الصدفيات والفخاريات، وكلها لها دلالة على معالم لبنان الأثرية والسياحية.

وتكمل مشوارك في الوادي الذي يبلغ طوله حوالى 400 متر، فتتسلل إلى أنفك روائح الطعام اللبنانية الشهية، كاللحم والدجاج المشويين، والنقانق المقلية، والكبة الزحلاوية، مما يجعلك تستعجل خطواتك لترخي نفسك على أحد كراسي القش المحيطة بأقرب طاولة في واحد من المطاعم هناك، «».

تشتهر مطاعم الوادي بتقديم أكثر من 90 صنفًا من المازة اللبنانية، بدءًا بأطباق التبولة والحمص بطحينة والبابا غنوج، مرورًا بورق العنب ولبنة الماعز، وصولًا إلى الشنكليش والهندبة مع شرائح الليمون.

أما أكثر الأطباق المعروفة فهي الكبّة على أنواعها: المحشوة باللحم والبقاعية، والمشوية، والمتبلة مع الثوم، والنيئة، وهذه الأخيرة كانت المفضلة لدى أم كلثوم وعبد الوهاب. إضافة إلى الدجاج وفراخ كييف واللحم المشوي والكباب والسمك.

عرابي يؤكّد أنّ مطاعمنا في وادي العرايش كانت أساس تعريف اللقمة اللبنانية للعالم، وأنه عام 1984 دعي و نال عام 1972 الميدالية الذهبية في مسابقة la bonne bourchette في الألعاب الأولمبية في ميونخ، إلى قصر الأمم في جنيف، لمأدبة خدمت 2500 شخص، استعين فيها يومذاك لتلبية طلباتها بجسر جوي نقل ستة أطنان من الأطباق الزحلاوية المشهورة فيها. وكذلك خدم مطعمنا مأدبة البابا القديس يوحنا بولس الثاني لدى زيارته لبنان في التسعينيات.

Leave A Reply

Your email address will not be published.