لبنان على أبواب «كارثة» صناعية وزراعية
لم تطل الفترة الذهبية التي عاشتها المصانع اللبنانية لجهة الاستفادة في العامين الماضيين من تراجع الاستيراد نتيجة أزمة السيولة، ما أدى لارتفاع الطلب على المنتجات المحلية الصنع، إذ تعاني المصانع اليوم من أزمة كبيرة تهدد استمراريتها، مرتبطة بشح وفقدان مادة المازوت الأساسية لتشغيل المصانع والماكينات، والتي ازداد الطلب عليها لتشغيل مولدات الكهرباء بسبب التقنين القاسي الذي تفرضه مؤسسة كهرباء لبنان.
وحذر النائب ميشال ضاهر، وهو من كبار الصناعيين في لبنان، من «كارثة صناعية وزراعية» إذا لم تحل أزمة المحروقات، لافتا إلى أن «الشح بمادة المازوت بدأ منذ أسبوعين علما بأن الاستهلاك ازداد بسبب انقطاع التيار الكهربائي».
وقال ضاهر لـ«الشرق الأوسط»: «منذ أسبوع لم نتمكن من الحصول على المازوت، علما بأن المخزون يكفينا 10 أيام، ما سيضطرنا لإقفال مصانعنا منتصف الأسبوع المقبل». واعتبر أن «الحل يكمن في رفع الدعم وضبط الحدود لمنع التهريب، علما بأننا نخشى أن يكون هناك مخطط لتدمير القطاع الذي انتعش مؤخراً وكأن هناك قرارا بتدمير كل القطاعات في البلد».
وأمنت الصناعة اللبنانية في العامين الماضيين مئات فرص العمل للبنانيين مع افتتاح مصانع جديدة وتراجع نسب الإقامات والإجازات الممنوحة للعمال الأجانب بنسبة 83 في المائة.
ويشهد لبنان منذ أشهر أزمة محروقات ازدادت حدتها خلال الأسابيع الماضية نتيجة سياسة التقنين في توزيع البنزين والمازوت وهما مادتان يدعمهما مصرف لبنان الذي تآكلت الاحتياطات المالية فيه.
وأشار رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل إلى أنهم بدأوا يستشعرون الأزمة قبل نحو شهرين، «مع بدء عملية تقنين الفيول الذي تستخدمه بعض المصانع لتشغيل ماكيناتها وقد تفاقمت الأزمة مع شح المازوت الذي يستخدم اليوم لتوليد الكهرباء عبر المولدات نتيجة التقنين القاسي بالتيار الكهربائي كما لتشغيل المكنات».
ووصف الجميل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الوضع بـ«الصعب والخطير خصوصاً أن توقف مصانع المواد الأساسية والضرورية يهدد الأمن الغذائي والاجتماعي خاصةً في ظل تعذر الاستيراد نتيجة شح الدولار».
ويستورد لبنان أكثر من 80% من المواد الغذائية التي يتم استهلاكها، إلا أن حجم الاستيراد تراجع من 19.2 مليار دولار في العام 2019 إلى 11 مليار دولار في العام 2020 نتيجة انهيار سعر صرف الليرة وارتفاع الأسعار بشكل جنوني. وقد تخطى أخيرا سعر صرف الدولار الواحد في الأسواق عتبة الـ15 ألف ليرة لبنانية، علما بأن سعر الصرف الرسمي لا يزال ثابتا عند حدود الـ1500 ليرة.
ومن المتوقع أن يبدأ الانفراج في الأزمة، بعدما وافق رئيس الجمهورية ميشال عون على استصدار الموافقة الاستثنائية لفتح اعتمادات مستندية لشراء المحروقات لزوم مؤسسة كهرباء لبنان، وذلك من خلال إعطاء سلفة خزينة للمؤسسة استنادا إلى القانون الذي أقره مجلس النواب بإعطاء مؤسسة الكهرباء سلفة خزينة لشراء محروقات بحد أقصى قدره 300 مليار ليرة.
لكن الأزمة لا تتوقف على الكهرباء بالنظر إلى أن بعض المصانع تستخدم المازوت لتوليد الكهرباء، كما يستخدمه المزارعون لاستخراج مياه الري أو لتشغيل جراراتهم، ما يهدد الموسم الزراعي بالكامل، وهو ما أشار إليه رئيس تجمع المزارعين والفلاحين في البقاع إبراهيم ترشيشي الذي تحدث عن «نكبات متتالية يتعرض لها القطاع، انطلاقا من ارتفاع سعر صرف الدولار وصولا لأزمة التصدير وقد وصلنا إلى الذروة مع تعذر ري المزروعات في فترة نحن الأحوج فيها للري».
وتحدث ترشيشي لـ«الشرق الأوسط» عن «احتكار التجار لمادة المازوت وتخزينها لبيعها بأسعار أعلى عند رفع الدعم»، لافتا إلى أنه ورغم تحديد وزارة الطاقة سعر صفيحة المازوت بـ30 ألف ليرة لبنانية (دولارين وفق سعر صرف السوق السوداء)، إلا أنه حتى ولو دفع المزارع 45 ألفا فهو لا يجدها، تماما كالأسمدة التي باتت شبه مفقودة ويتم تخزينها أيضا لبيعها لاحقا بأسعار أعلى، ويترافق كل هذا مع تراجع وتيرة التصدير التي لم تعد تتعدى 40 في المائة ما كانت عليه في السنوات الماضية».
المصدر: الشرق الاوسط
بولا أسطيح