الإيجارات نحو الارتفاع في المرحلة المقبلة
في زمن الحرب، قام أصحاب العقارات برفع بدلات الإيجار بنسبة كبيرة جدّاً وصلت في بعض الأحيان إلى ما يفوق الـ 500%. هذا الوضع قد يتكرّر بعد وقف إطلاق النار، لا سيّما أنّ عدد الوحدات السكنيّة المُدمرّة كبير جدّاً، والفرصة لن تتكرَّر، وبالتالي فإنّ جني الأرباح الكبيرة مُتاح وسط غياب تامّ للدولة في مقاربة أوضاع اللبنانيين المُنهكين من الحرب. فهل تشهد أسعار الشقق في بيروت والمناطق التي سلمت من التدمير ارتفاعاً كبيراً في الأسعار أيضاً؟
يلفت نقيب المطوّرين العقاريين في لبنان مسعد فارس، إلى أنّ “الحرب خلفّت دماراً هائِلاً في لبنان، حيث تمّ تدمير حوإلى 220,000 وحدة سكنيّة بشكل كامل أو جزئي، ما أثر في نصف البلاد تقريباً”. ويشير إلى أن كلفة “إعادة الإعمار قد تبلغ ما بين 8.5 مليارات دولار و30 مليار دولار، مع فترة زمنيّة تتراوح ما بين 3 و5 سنوات حسب توافر التمويل وكفاءة التنسيق”.
ويُلخص فارس، لـ “نداء الوطن”، أبرز التحدّيات والحلول في هذه المرحلة، وهي على الشكل التالي: “الوضع السكني والحلول الموقتة”، وهنا يُشير إلى “أزمة النزوح، حيث نزح أكثر من مليون شخص، ما خلق طلباً كبيراً على المساكن الموقتة”، موضحاً أنّ “الجهود الحاليّة تشمل إقامة مراكز إيواء طارئة ووحدات سكنيّة مُسبقة الصنع”، ولكنه يؤكّد أنّ “هذه الحلول لا تكفي لتلبية الحاجات”.
الإيجارات وأسعار البيْع
في موضوع الإيجارات، يُرجّح فارس أنْ “ترتفع في المناطق غير المُتضرّرة، خصوصاً في بيروت والشمال، نتيجة زيادة الطلب”، لافتاً إلى أنّه “قد تكون هناك حاجة لسياسات ضبط الإيجارات أو تقديم إعاناتٍ حكومية لحماية الأسر النازحة”.
وبالنسبة إلى أسعار البيْع، في المناطق غير المُتضرّرة، يتوقّع أنْ “ترتفع الأسعار بسبب ارتفاع الطلب على العقارات الآمنة”، وأمّا في المناطق المُتضرّرة، فيلفت إلى أنّ ” الأسعار ستنخفض على المدى القصير بسبب قلّة الطلب، لكنها قد تنتعش على المدى الطويل مع بدء مشاريع إعادة الإعمار وتحسين البنية التحتيّة”.
دور القطاع الخاصّ
يتطرّق نقيب المطوّرين العقاريين إلى دور القطاع الخاص، الذي سيؤدّي “دوراً مهمّاً في إعادة الإعمار من خلال:
تنفيذ مشاريع إعادة البناء، خصوصاً في المناطق الحضريّة المتضرّرة.
توفير حلول إسكان موقتة مثل الوحدات مُسبقة الصنع.
المُساهمة في التخطيط الحضري وتحديث المناطق المدمّرة”.
ولكنه يُوضح أنّ “القطاع يُواجه تحدّيات مثل عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وصعوبة تحقيق الأرباح، بما يستدعي تقديم حوافز حكوميّة ودعماً دولياً لتشجيع الاستثمارات”.
التمويل العقاري
بالنسبة إلى التمويل، يُشير فارس إلى أنّ “الأزمة المصرفيّة في لبنان أدّت إلى توقّف التمويل العقاري، حيث تتمّ معظم الصفقات حالياً بالدفع النقدي”، ولإعادة تفعيل التمويل العقاري، يُشدّد على أنّه يجب:
“إطلاق برامج حكوميّة لتقديم قروض مُيسّرة لإعادة بناء المنازل.
الدعم الدولي من مؤسّسات ماليّة مثل البنك الدولي.
منتجات تمويل بالدولار تتماشى مع الواقع الاقتصادي الحالي في لبنان”.
إذاً، يؤكّد أنّ “لبنان بحاجة إلى مساعدات دوليّة ضخمة، حيث لا تكفي الموارد المحليّة لتغطية تكاليف إعادة الإعمار”، مُشيراً إلى أنّ “الفساد والبيروقراطيّة قد يبطئان التقدّم، ما يطيل أزمة النزوح”.
ويرى أنّ “ارتفاع تكاليف الإسكان والمعيشة قد يُساهم في ازدياد التفاوت الاجتماعي”.
“رفع الردم”
ولا يغفل فارس الموضوع الخطير الناجم عن رفع الأنقاض التي خلّفها العدوان الإسرائيلي، حيث يُشير إلى أنّ “الرقم الذي تتحدّث عنه الجهات الرسميّة هو 220 ألف وحدة سكنيّة”، إلّا أنّه وفق تقديراته يصل العدد إلى حوالى 300 ألف في مختلف المناطق المُتضرّرة”.
ويلفت إلى أنّ “الفترة التي يحتاجها رفع الردم تتفاوت بين منطقة وأخرى، وتتراوح ما بين ثلاثة أشهر وسنة. أمّا الكلفة فلن تكون كبيرة وعلى الأرجح لن تتخطّى الـ 400 مليون دولار على مستوى لبنان”.
لكن، يلفت إلى نقطة مهمّة وهي ضرورة “إجراء مسح للمباني السكنيّة كخطوة أولى في المناطق التي تعرّضت للقصف لتحديد تلك المُصدّعة وغير الآمنة للسكن”.
وفي الختام، يُشدّد فارس على أنّه “لتحقيق الاستقرار في سوق الإسكان وتسريع التعافي”، يجب على لبنان “تنسيق الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص والداعمين الدوليين. كما يجب أن تتكامل الحلول الموقتة، مثل الإسكان المُسبق وتجديد الإيجارات، مع خُطط إعادة الإعمار طويلة الأجل”.