د. واجب قانصو: الإصلاح لا يبدأ من تصفير الثقة بل باستعادتها
اعتبر د. واجب قانصو أنه وفي إطار معالجة “الأزمة المالية” و”التباين الحاصل ما يبن الفرقاء المعنيين سيما الحكومة والمصرف المركزي والمصارف، وما يُطرح عن “خطة التصفير” التي ستؤدي الى تطيير الودائع،
تبرز حقيقة لا يمكن تجاهلها: وجود نحو 16.5 مليار دولار مسجّلة في حسابات مصرف لبنان كدين على الدولة اللبنانية. هذا الرقم ليس تفصيلاً محاسبياً، بل يشكّل عنصراً جوهرياً في أي معادلة اقتصادية أو مالية مقبلة، إذ يؤثر مباشرة على ميزانية المصرف المركزي.
- حذار الرضوخ لإملاءات صندوق النقد الدولي
إنّ ما يُطرح اليوم من مشاريع وقوانين تحت عنوان “معالجة الفجوة المالية” يجب أن يُقارب بحذر شديد. فالرضوخ غير المشروط لإملاءات صندوق النقد الدولي، من دون مراعاة الواقع اللبناني وتركيبته الاجتماعية والاقتصادية، قد يؤدي عملياً إلى تطيير ودائع الناس بذريعة “ردم الفجوة “، في حين أن جوهر الإصلاح لا يقوم على تحميل المودعين تبعات الانهيار، ولا على شطب رساميل المصارف بطريقة انتقائية وغير عادلة.
وأوضح قانصو بأن المصرف المركزي كان ممولاً، والمصارف مجازِفة، والمودع واثقاً بالنظام المالي، والدولة اللبنانية أنفقت وأهدرت. وبالتالي، لا يمكن بأي منطق أو عدالة أن يُحمَّل المودع كلفة الانهيار، وهو لم يكن شريكاً لا في قرارات الاستدانة ولا في أسباب الانهيار.
- الدولة مطالبة بالاعتراف بديونها تجاه المصرف المركزي والمودع لم يكن يوما شريكا في الانهيار
وقال قانصو أنّ المسؤولية الأولى تقع على الدولة اللبنانية التي عليها أن تعترف بديونها للمصرف المركزي، وأن تعمل على إعادة توزيع الخسائر بعدالة، لا أن تتذرع بالإصلاح لتصفير الثقة وتطيير الودائع. فالإصلاح الحقيقي لا يبدأ من “تصفير” الثقة، بل من استعادتها، عبر الشفافية، والمحاسبة، ووضع خطة متوازنة تُعيد الثقة بالنظام المالي وتُعيد الأموال إلى أصحابها.
محذراً بأن الخضوع لإملاءات صندوق النقد من دون رؤية وطنية مستقلة هو تنازل عن السيادة الاقتصادية. ونحذر من أن بعض الوزراء والمستشارين الذين يسوّقون لهذه الطروحات، إنما يمهدون لسياسات تطيح بما تبقى من الثقة وتحمّل المودع كلفة الانهيار، بدل محاسبة من سبّبوه.
- السيادة الاقتصادية ليست للمساومة
وختم قانصو بالتأكيد على أن لبنان بحاجة اليوم إلى خطة إنقاذ عادلة، متدرجة، ومسؤولة، تنطلق من الاعتراف بالحقائق المالية، وتحفظ حق المودعين، وتعيد هيكلة الدولة ومؤسساتها وفق أولويات وطنية، لا وفق وصفات خارجية جاهزة.