لماذا لا نعمِّم تجربة وزارة الصحة؟
أثبتت الأحداث المؤلمة التي توالت بسرعة كبيرة الأسبوع الماضي، أن الصمود في الجبهات الخلفية، لا يقل أهمية عن الصلابة في الجبهة العسكرية، وأن توفير مقومات التماسك والصمود للجبهة الداخلية، يُعتبر جزءًا لا يتجزأ من العمل العسكري في ميادين الوغى.
نجاح وزارة الصحة في إستيعاب هذا الكمّ من الإصابات بتفجيري البيجر والأجهزة اللاسلكية، ثم ما تلاها بعد القصف الإسرائيلي الإجرامي لمبنيين في الضاحية، يؤكد أهمية الإعداد المسبق لمواجهة الحالات الطارئة، ووضع الخطط اللازمة للتعاون والتنسيق بين مختلف القطاعات المعنية، لتفادي حالات الإرباك، وعدم هدر الإمكانيات المتوفرة، على قلتها، وتجنب تضارب المهمات، في اللحظات الحرجة.
ما حققه وزير الصحة د. فراس الأبيض مع فريقه العامل في الوزارة، وبالتعاون الكامل مع المستشفيات، في تطبيق خطة الطوارئ الصحية خلال الأيام العصيبة الأسبوع الماضي، يستحق كل تقدير، سيّما وأن القدرات المالية المتاحة محدودة جداً.
ولا بد من وقفة أمام هذا التضامن الوطني الرائع في مواجهة نتائج جرائم العدو الإسرائيلي، حيث بادرت مختلف القوى السياسية والأطراف الحزبية، إلى إستنكار الإعتداءات الإسرائيلية، والوقوف إلي جانب أهالي الضحايا والمصابين. كما أن تجاوب الطواقم الطبية والصحية في مختلف المستشفيات في التعامل مع الكارثة الإنسانية التي أصابت الآلاف من اللبنانيين، كان مشرفاً، وتجاوز كل التحفظات المناطقية والطائفية ، وأطاح الخطوط الحمر السياسية، ورسم لوحة مشرقة للتضامن الوطني في الملمات والأزمات.
لقد إستوعبت مستشفيات لبنان، رغم ما يعانيه القطاع الإستشفائي منذ إنهيار العملة الوطنية، أكثر من أربعة آلاف إصابة خلال بضع ساعات فقط، وبقيت قادرة على إستيعاب المزيد إذا دعت الضرورة، وأقبل الشباب على التبرع بالدماء، حتى فاضت بنوك الدم بالتبرعات السخية، وقطع العديد من الأطباء والممرضين إجازاتهم، ليقوموا بموجبات إسعاف المصابين، والتخفيف من آلامهم، حيث عملت غرف العمليات على مدار الساعة يوماً كاملاً، لتلبية الحالات المستعصية للمصابين.
تجربة وزارة الصحة الناجحة، وجهود وزيرها النشيط د. فراس الأبيض يجب أن تكون نموذجاً للعمل الجدي في حالات الطوارئ، خاصة وأن كل ما حولنا، يوحي بأننا نخوض مواجهة صعبة مع العدو الإسرائيلي، الذي لا نستطيع دحره، إلا من خلال وحدتنا الوطنية.
فلماذا لا نعمِّم تجربة وزارة الصحة؟
