«الوطني»: «لقد حان الوقت…» تحدد مسار الأسواق

شهدت الأسواق العالمية تطورات مهمة خلال الأسبوع، على خلفية تحركات البنوك المركزية، وصدور بيانات اقتصادية جديدة، إذ أعطى رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول، خلال البيان الذي ألقاه في ندوة جاكسون هول، أقوى مؤشرات تصدر حتى الآن على أن تكاليف الاقتراض ستنخفض قريباً في الولايات المتحدة. وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي، الصادر عن بنك الكويت الوطني، كشف محضر اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوح في يوليو عن التأييد الكبير لخطوة خفض أسعار الفائدة، وساهمت أحدث البيانات الصادرة مؤخراً، بما في ذلك طلبات الحصول على إعانة البطالة، التي بلغت 232 ألف طلب، والمراجعة الهبوطية الكبيرة التي طرأت على تقديرات إجمالي الوظائف منذ بداية العام الحالي حتى مارس 2024، في تعزيز إمكانية خفض أسعار الفائدة.  أما في كندا فقد تراجع معدل التضخم إلى 2.5% على أساس سنوي في يوليو، في حين فاجأ بنك الاحتياطي النيوزيلندي الأسواق بخطوة غير متوقعة، وقام بخفض سعر الفائدة إلى 5.25%. وفي منطقة اليورو، رسم مؤشر مديري المشتريات المركب، الذي وصلت قراءته إلى 51.2، صورة مختلطة، إذ ارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات في فرنسا إلى 55.0، فيما يعزى إلى حد كبير للدعم المؤقت الذي قدمته أولمبياد باريس، في حين استمرت سلسلة انكماش قطاع الصناعات التحويلية في ألمانيا على مدار 27 شهراً متتالياً، ووصلت قراءة مؤشر مديري المشتريات التصنيعي إلى 41.2. وسلط محضر اجتماع البنك المركزي الأوروبي لشهر يوليو الضوء على شهر سبتمبر باعتباره موعداً محورياً لإعادة تقييم السياسة النقدية، في ظل طرح إمكانية خفض سعر الفائدة على طاولة المناقشات، نظراً لاستمرار التضخم والحالة الضبابية التي تحيط بالمؤشرات الاقتصادية. في ذات الوقت، تحسنت أنشطة الأعمال في المملكة المتحدة خلال أغسطس، إذ ارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب العالمي الصادر عن «ستاندرد آند بورز» إلى 53.4 بدعم من تراجع ضغوط التكاليف والتحسن القوي الذي شهده أداء كل من قطاعي الخدمات والتصنيع. وبالانتقال إلى آسيا، قام بنك الشعب الصيني بتثبيت سعر الفائدة، وسط ضعف النمو الصناعي واستمرار ركود سوق العقارات الذي امتد على مدار ثلاثة أعوام. وبصفة عامة، تمر الأسواق بمشهد تسيطر عليه البيانات وتحول مواقف وسياسات البنوك المركزية في ظل التقلبات المستمرة. «لقد حان الوقت…» وأشار رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول إلى أن «الوقت قد حان لتعديل السياسة النقدية»، مما يشير إلى إمكانية خفض تكاليف الاقتراض بدءاً من سبتمبر، مشدداً على أن «الاتجاه واضح، وسيعتمد توقيت ووتيرة خفض أسعار الفائدة على البيانات الواردة، وتطور التوقعات، وتوازن المخاطر». وذكر باول أن «الفدرالي» سيبذل «كل ما في وسعه للحفاظ على سوق عمل قوي في الوقت الذي نواصل إحراز المزيد من التقدم نحو استقرار الأسعار»، كما سلط الضوء على اهتمام «الفدرالي» بالموازنة بين كبح التضخم ودعم سوق العمل، لافتا إلى «تزايد ثقته بأن التضخم يسير على مسار مستدام». وارتفعت الأسهم وانخفضت عائدات سندات الخزانة بعد خطاب باول.  تأييد قوي لخفض الفائدة في سبتمبر وسط تباطؤ نمو الوظائف وتراجع معدلات التضخم تأييد قوي وأشار محضر اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة في يوليو إلى تزايد تأييد مسؤولي الفدرالي لإمكانية خفض أسعار الفائدة في سبتمبر، استناداً للبيانات الأخيرة التي أشارت إلى تباطؤ نمو سوق العمل وتراجع معدلات التضخم. وعلى الرغم من تثبيت «الفدرالي» سعر الفائدة في نطاق 5.25-5.50% خلال اجتماع يوليو، فإنه كان هناك إجماع واسع النطاق على وجود ما يبرر خفض سعر الفائدة إذا اتسقت الأوضاع الاقتصادية مع التوقعات. وقد تعزز هذا الرأي منذ ذلك الحين بدعم من ضعف بيانات سوق العمل بوتيرة أكثر من المتوقع، بما في ذلك المراجعة الهبوطية لنمو الوظائف بمقدار 818 ألف وظيفة منذ بداية العام الحالي حتى مارس 2024. ووسط ظهور بعض المؤشرات الدالة على تحسن معدلات التضخم، واقتراب موعد انعقاد اجتماع سبتمبر، أي قبل 6 أسابيع فقط من إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر، من المتوقع أن يؤدي الفدرالي دوراً جوهرياً لضمان الاستقرار الاقتصادي وتشكيل توقعات السوق، ووصل مؤشر الدولار إلى 100.602 في آخر تداولاته. طلبات الإعانة وارتفعت طلبات الحصول على إعانات البطالة الأميركية بمقدار 4 آلاف طلب إلى 232 ألفاً في الأسبوع المنتهي في 17 أغسطس، بما يتسق مع التوقعات، وانخفض متوسط أربعة أسابيع إلى 236 ألف طلب، وكما في 10 أغسطس، بلغ عدد الأشخاص الذين يتلقون إعانات البطالة 1.86 مليون، بزيادة قدرها 4 آلاف طلب عن الأسبوع السابق.

وفي الوقت الذي بلغ متوسط المطالبات 231 ألف طلب خلال الفترة الممتدة بين يناير ومايو، إلا أنها ارتفعت إلى 250 ألفاً في أواخر يوليو، مما يعكس تأثير ارتفاع أسعار الفائدة، ورغم هذه الزيادة الأخيرة فإن المطالبات آخذة في الاستقرار، مما يشير إلى أن هدوء سوق العمل يتخذ وتيرة تدريجية وليس تدهوراً سريعاً، ويدعم هذا الاتجاه، إلى جانب تراجع النشاط التجاري وانخفاض أسعار الفائدة على قروض المنازل، توقعات خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الشهر المقبل

. بيانات مؤشر مديري المشتريات الأميركي وانخفض مؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة وفقاً لمسح «ستاندرد آند بورز» هامشياً في أغسطس، إلى 54.1 مقابل 54.3 في يوليو، مما يعكس استمرار التوسع القوي للقطاع الخاص، كما تجاوزت قراءته التوقعات التي رجحت وصوله إلى 53.5. في ذات الوقت، انخفض مؤشر مديري المشتريات لقطاع التصنيع إلى 48.0، مقابل قراءته السابقة البالغة 49.6، مما يشير إلى استمرار الانكماش، في حين ارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 55.2 مقابل 55.0 في السابق. ويفسر الاقتصاديون هذه البيانات على أنها مؤشر على نمو قوي للناتج المحلي الإجمالي، بنسبة قد تتجاوز 2.0% على أساس سنوي في الربع الثالث من العام، ووصول معدلات التضخم إلى مستوياتها الطبيعية، مما يحد من مخاوف الركود، ويدعم توقعات خفض أسعار الفائدة. وتجدر الإشارة إلى أن قطاع الخدمات في الولايات المتحدة نجح في الحفاظ على زخمه منذ النصف الأول من العام، على خلفية النمو الكبير الذي شهدته الأنشطة التجارية بدعم من زيادة الطلبات الجديدة، الأمر الذي أدى إلى زيادة فرص العمل وانعكس ايجابياً على آفاق النمو.
جريدة الجريدة: الكويت

Leave A Reply

Your email address will not be published.