الدولارات الهاربة في الحفلات الفنية!

 

ظاهرة المهرجانات الفنية في مواسم الأعياد وأشهر الصيف بدأت تحتل الصدارة في الإهتمامات السياحية، وكأن مقومات البلد السياحية والمناخية والخدماتية قائمة على بضعة حفلات غنائية، تنتهي مفاعيلها مع نزول الفنان عن المسرح، وقبل إطفاء الأضواء.

ولكن اللافت في الموسم الحالي أن متعهدي الحفلات يتنافسون في إستقدام كبار المطربين والمطربات من الخارج، ودفع أجورهم بمئات الألوف من الدولارات، عدًا ونقداً، مقابل وصلات غنائية لا تتعدى الساعتين في حدها الأقصى. فتكون النتيجة خروج ملايين الدولارات من البلد مع مجموعة من الفنانين، في الوقت الذي تُعاني فيه البلاد والعباد، من تداعيات الأزمة المالية الخانقة منذ خمس سنوات.

لا إعتراض على التعاقد مع الفنانين العرب، الذي إعتاد لبنان أن يفتح أبواب النجومية أمام العديد منهم، ولو كان ذلك على حساب الفنانين اللبنانيين، الذين يضطر كثير منهم الذهاب إلى بلدان الإغتراب اللبناني، وإحياء أمسيات طربية وفولكلورية للبنانيين المتواجدين في بلدان الإنتشار.

أما المفارقة، وهنا بيت القصيد، فتكمن في التعاطي الأعرج للدوائر المالية في الدولة مع مثل هذه المناسبات. حيث يُطالَب الفنان اللبناني بدفع الضرائب المستحقة على أجوره من الحفلات والمناسبات المختلفة التي يحييها، في حين يحمل الفنان القادم من الخارج الأموال التي يجنيها من حفلاته في لبنان نقداً، والعودة إلى بلاده غانماً، دون أية مساءلة من قبل الدوائر المالية المعنية، على الدولارات الهاربة إلى الخارج، كما حصل الصيف الماضي مع المطرب عمرو دياب، الذي تقاضى قرابة المليون دولار في مناسبتين في ليلة واحدة، وغادر بيروت فجراً، وقبل آن تفيق الدوائر المالية من سباتها العميق!

في حين يُمنع على الفنانين اللبنانيين السفر في البلدان الأخرى، قبل تسديد ضريبة الدخل على ما تقاضوه من أجور ومداخيل من الحفلات والنشاطات الفنية، كضريبة الدخل، فضلاً عن الرسوم التي تتقاضاها نقابة الفنانين على قاعدة النسب المئوية.

فنانو لبنان يقضون على أبواب المستشفيات لأن نقاباتهم مفلسة، والدولة متنصلة من مسؤولياتها تجاه المبدعين والفنانين الذين أقاموا جسور التواصل مع اللبنانيين المنتشرين في بلدان الإغتراب، والدولة اللبنانية غارقة في غيبوبة العجز والفساد، وما تبقى من سيولة نقدية يُهدر في حفلات البذخ والسمر التي تتجاوز أسعار بعض تذاكرها الألف دولار، وتتضاعف تسعيرتها في السوق السوداء!

وتسألون لماذا الدولة متعثرة..، والفنانون يعانون في سنوات تقاعدهم من الفقر والعوز!

Leave A Reply

Your email address will not be published.