مهرجان رمضانيّات في طرابلس… بين التحدّي للأزمات وإحياء التراث الطرابلسي

 

يجمع الطرابلسيون على ان قرار منظمة “الاسكوا” باعلان طرابلس عاصمة للثقافة العربية، فرصة سانحة قد لا تعوض للخروج من الازمات والتخبط الامني والاجتماعي في المدينة، وما اعلنه وزير الثقافة القاضي محمد بسام مرتضى مؤخرا عن تمسكه بمبدأ طرابلس عاصمة مستديمة للثقافة في لبنان، هو بحد ذاته اقرار للدور الثقافي التاريخي لمدينة العلم والعلماء والانفتاح.

وما تشهده طرابلس خلال شهر الصيام من انشطة ثقافية ودينية واجتماعية ذات صلة بعادات وتقاليد شهر رمضان، وما تنتظره من مهرجان رمضانيات الذي يقام ليل غد في ساحة التل ضمن فعاليات “طرابلس عاصمة للثقافة العربية” برعاية مرتضى، انما يؤشر لاهمية المدينة وما تكتنزه من ثقافة ومن تقاليد موروثة منذ اجيال الى يومنا الحاضر. وقد رأت الاوساط الطرابلسية ان في مهرجان رمضانيات، وما سبقه من انشطة وفعاليات في شوارع المدينة، الى انشطة شارع مينو في مدينة الميناء، دلالة على اصرار ابناء المدينة النهوض من كبوتها وكسر طوق الحرمان وتحدي الازمات، ورفع سيف الاهمال عن رقاب اهل المدينة بفعل ممارسات سياسية انتجت تهميشا وتجاهلا، وزجا لها في أتون الصراعات السياسية والطائفية والمذهبية، فالبسوها اثوابا مستعارة وشوهوا سمعتها بتشويه تاريخها…

فالمدينة اثبتت تحديها للازمات المعيشية والاقتصادية التي اوصلت اهل المدينة الى مراحل اليأس والاحباط، وتركت اثارا بالغة في حركتها الاقتصادية والتجارية، لكن انشطة شهر رمضان المتنوعة وما رافقها من مواصلة عمليات تجميل وتزيين واضاءة الشوارع كانت كفيلة بنفض الغبار واعادة احياء التراث والتقاليد والعادات…

فقد نشطت ما يعرف بفرق ” الوداع”، حيث يطرقون على طبلة صغيرة وينشدون الاناشيد الدينية، متجولون في الشوارع ومن بيت الى بيت في العشر الاواخر من رمضان لوداع رمضان وما يعنيه للمواطنين… كما نشطت فرق المواوية التي تؤدي ما يسمى (الفتلة المولوية) مع تراتيل دينية، مع عودة للحكواتي الذي سيحضر غدا مع الفرقة الشامية ومسرح تيرو…

ويعتبر طرابلسيون ان هذه الانشطة هي كالرد على حفنة مارقة تعبث بأمن المدينة، وعصابات فالتة للسلب والنهب والنشل والسرقة، ورد على من يتوسل السلاح لفض نزاع او خلاف فردي.

استطاعت جمعيات وهيئات وفاعليات خلال الشهر الفضيل من مواجهة العابثين، وازالة الشوائب، فاعادت للمدينة حركتها التي بدأت تتفاعل وتتصاعد في الشوارع والاسواق، وعاد الاكتظاظ اليها. وساحة التل التي هي الوسط التجاري لطرابلس، بانت مرتدية اثواب العيد، تستقبل الزائرين ليس من كل انحاء طرابلس وحسب، انما من كل مناطق الشمال لا سيما من عكار والمنية والضنية، حتى مقاهي طرابلس تكتظ بالزائرين من كل المناطق الذين يقضون ساعات الليل حتى موعد السحور فجرا…

ما يأمله اهل المدينة هو ضبط الساحات والشوارع، وملاحقة العابثين بالامن من عصابات ومجموعات مشبوهة، وبسط الامان، كي تعود طرابلس واحة شمالية يتفاعل فيها الجميع، ولتكون بالفعل عاصمة ثقافية وفي الوقت عينه عاصمة لبنان الاقتصادية، بتفعيل دور المعرض والملعب ومبنى القطار والقلعة والآثار المملوكية. فطرابلس احدى أهم المدن الاثرية السياحية على البحر المتوسط، وتضاهي اهم المدن السياحية في العالم.

Leave A Reply

Your email address will not be published.