محمد كركوتي يكتب: «بريكست» في الميزان

بعد مرور ثلاث سنوات على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست»، لا تزال هذه المسألة محوراً رئيساً على الساحة الاقتصادية في البلاد.
بل يزداد حضورها قوة، في ظل المصاعب التي تمر بها المملكة المتحدة، التي تستعد لانتخابات عامة هذا العام هي الأكثر حساسية منذ عقود.
عدد أولئك الذين يعتقدون بأن هذا الانفصال المفاجئ عن الكتلة الأوروبية، كان سيئاً بالنسبة لاقتصاد البلاد، يرتفع بصورة مستمرة، بمن فيهم الذين يديرون الأعمال في قطاعات مختلفة.
وهذا يضع حكومة ريشي سوناك في موقف أكثر حرجاً، بينما يبذل كل ما يمكنه من جهد، لتحسين صورة الحزب قبل الانتخابات العامة المستحقة. والذي يعمق قتامة المشهد، أن شعبية الحزب الحاكم مستمرة في انخفاضها أمام شعبية حزب العمال المعارض، حيث يتفوق هذا الأخير بأكثر من 17 نقطة، وفق آخر استطلاعات الرأي.
وبعيداً عن تفاصيل هذه الاستطلاعات، هناك حقيقة واضحة على الساحة البريطانية تمس الناخب مباشرة، وهي تلك التي ترتبط بأسعار السلع.
فوفق مؤسسة «أوبينيوم»، يعتقد غالبية البريطانيين أن «بريكست» أدى إلى ارتفاع الأسعار، في حين لم تتمكن الحكومة (بسبب الانفصال) من السيطرة الكاملة على الهجرة، التي تعد من المسائل المحورية الرئيسة لها، تستدعي العلاج الناجع.
فقد بلغت نسبة أولئك الذي يعتقدون أن الخروج البريطاني كان سبباً مباشراً في استفحال التضخم، وارتفاع تكاليف العيش نحو 63%. وهذا معدل مقلق جداً لرئيس الوزراء الذي روج في السنوات التي سبقت الخروج الفعلي، بأن «بريكست» يعد قفزة نوعية هائلة للاقتصاد البريطاني. علماً، بأن هناك بعض الجهات التي دعمت انفصال المملكة المتحدة، بدأت تتحدث عن ضرورة عودة البلاد إلى الاتحاد الجمركي فقط، نظراً لمزايا العضوية في هذا المجال.
ورغم أهمية هذه المسألة التي يبدو أن لا نهاية لها، فلن تكون محوراً رئيساً في الانتخابات العامة المقبلة. فمشاكل الغلاء، والديون، والخدمات الصحية والاجتماعية، ستكون الأساس في المعركة الانتخابية، وإن كانت هناك روابط لها مع «بريكست».
فلا يمكن لأي حكومة مقبلة العمل مباشرة على إعادة طرح مسألة عودة بريطانيا للاتحاد الأوروبي، عبر استفتاء آخر مشابه لذاك الذي تم في عام 2016، وأدى إلى الخروج النهائي. لكن هناك بلا شك جهوداً لا تتوقف من أجل إبقاء المسألة حية، من خلال إظهار آثارها السلبية على الحياة العامة، بما في ذلك عدم قدرة المملكة المتحدة بعد ثلاث سنوات من الانفصال عن الكتلة الأوروبية، في عقد اتفاقات تجارية واسعة حرة.

جريدة الاتحاد: الامارات

Leave A Reply

Your email address will not be published.