اتفقت وكالة الطاقة الدولية، والوكالة الدولية للطاقة المتجددة، وشعبة الإحصاءات بالأمم المتحدة، والبنك الدولي، ومنظمة الصحة العالمية، بأنه ما لم يتم تعزيز الجهود بدرجة كبيرة في البلدان التي تعاني من أكبر حالات العجز في الحصول على الكهرباء فإن العالم سيعجز عن تحقيق هدف حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة بحلول عام 2030، وجاء هذا الاتفاق الخماسي في التقرير الموحد الصادر عن الجهات الخمس بعنوان “تتبع الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة: التقدم نحو تحقيق الطاقة المستدامة”.

وما أشبه هذا الاتفاق بما تطالب به المملكة العربية السعودية في كافة أطروحاتها العالمية ورؤاها الحثيثة التي كثفتها في السنتين الأخيرتين وشعارها “كيفية إيصال الطاقة الآمنة الموثوقة اليسيرة المستدامة”، ومبدؤها أن فقر الطاقة لا يزال يمثل بلاء حيث لا يزال هناك قرابة مليار شخص يفتقرون إلى الكهرباء وثلاثة مليارات لا يمكنهم الحصول على الوقود النظيف لأغراض الطهي، قبل أن تجعل المملكة تلك القضايا أكبر همها وهذا بالفعل ما أعلنه وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان للعالم من أن التحدي الأكبر الذي تخوضه صناعة النفط العالمية تكمن في “كيف يمكننا أن ننتج الطاقة والنفط بالطرق الآمنة ذات الكفاءة العالية المتوازنة دون انقطاع لأي طارئ عالمي لتكون بذلك قادرة على تحقيق عنصر التنمية المستدامة شريطة إلا يصاحب ذلك النمو أي تأثيرات مباشرة أو غير مباشرة على البيئة”، في إشارة للارتباط القوي بين الاستدامة وسلامة البيئة”.

وشدد سموه على أهمية الطاقة ذات النمو المستدام وقال “نحن بحاجة إلى نمو مستقر ومستدام لسوق النفط من حيث الطلب والعرض، والقدرة على التنبؤ والتأكد من أننا نركز على الاهتمام بالتحديات المناسبة للصناعة وهي كيفية إنتاج النفط والطاقة بأكثر الطرق كفاءة، وكيف يمكننا إدارة ذلك في الميزانية العمومية الصحيحة وكيف نضمن نمو الطلب دون مخاوف أن يسبب هذا النمو أي تأثير سلبي كبير على البيئة، حيث إن النمو المستدام للطلب يمكن في طريقة الحفظ السليمة بيئيا.

وبالعودة للاتفاق الخماسي أوضح التقرير أن هناك تقدماً ملموساً منذ عام 2010 في مختلف أبعاد الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة، لكن التقدم كان متفاوتا فيما بين المناطق. ومع أن أكثر من مليار شخص أُتيح لهم الحصول على الكهرباء على مستوى العالم خلال السنوات العشر الماضية، فقد حالت الآثار المالية لجائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) دون تمكن 30 مليون شخص آخرين من الحصول على خدمات الكهرباء الأساسية يعيش أغلبهم في إفريقيا، وسجَّلت نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا أكبر حالات العجز في الحصول على الكهرباء، وحلت إثيوبيا محل الهند كثالث أكثر البلدان في هذا الترتيب.

وعلى الصعيد العالمي، ذكر التقرير لقد انخفض عدد الأشخاص الذين يعيشون بدون كهرباء من 1.2 مليار نسمة في عام 2010 إلى 759 مليوناً في 2019، وتسارعت وتيرة جهود توفير الكهرباء من خلال حلول لامركزية ترتكز على الطاقة المتجددة. وزاد عدد من يحصلون على الكهرباء من خلال أنظمة متصلة بشبكات صغيرة إلى أكثر من الضعفين بين عامي 2010 و2019 من خمسة ملايين إلى 11 مليونا، بيد أنه في ظل السياسات الحالية والمخططة والآثار الناجمة عن أزمة كورونا، من المتوقع أن يظل 660 مليون شخص محرومين من الكهرباء في عام 2030 معظمهم في أفريقيا جنوب الصحراء.

وفي الوقت نفسه، لم يتمكن نحو 2.6 مليار شخص أو ثلث سكان العالم من الحصول على الوقود النظيف لأغراض الطهي في عام 2019. ويؤدي تعثر التقدم المُحرز منذ عام 2010 إلى وفاة الملايين كل عام من جراء استنشاق دخان الطهي، وما لم تتخذ إجراءات سريعة للتوسع في حلول الطهي النظيف زيادة كبيرة فإن العالم سيُسجِّل عجزا نسبته 30% بحلول عام 2030.

ويشير التقرير إلى أن معدل النمو السكاني في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء يتجاوز حالياً عدد من يحصلون على خدمات الطاقة، حيث يعاني 910 ملايين نسمة من نقص وسائل الطهي النظيف. وتضم أعلى عشرين بلدا تعاني من نقص في إمكانية الحصول على وقود الطهي النظيف وتقنياته 81% من سكان العالم المحرومين. ومن هذه البلدان، تبلغ نسبة السكان الذين يحصلون على وقود الطهي النظيف في جمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا ومدغشقر وموزامبيق والنيجر وأوغندا وتنزانيا ما يعادل 5% أو أقل من ذلك. وفي الجانب الإيجابي، سجَّلت إندونيسيا وكمبوديا وميانمار تحسناً ملحوظاً في كل عام خلال الفترة التي يغطيها التقرير.

ويتناول التقرير مختلف السبل لسد الفجوات من أجل تحقيق الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة، ومن أهمها مقصد السعي لتحقيق زيادة كبيرة في استغلال الطاقة المتجددة التي أثبتت أنها أكثر مرونة وقدرة على الصمود في وجه التحديات مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى خلال أزمة كورونا. وقد شهدت مصادر الطاقة المتجددة نموا غير مسبوق خلال العشرة أعوام الماضية، إلا أن حصتها من إجمالي الاستهلاك النهائي للطاقة ظلت ثابتة مع نمو استهلاك الطاقة العالمي بمعدل مماثل. ويشير التقرير إلى أن الطاقة المتجددة تحقق مكاسب كبيرة في قطاع الكهرباء حيث بلغت نحو 25% في عام 2018، لكن التقدم في قطاعي التدفئة والنقل كان أبطأ من ذلك بكثير.

ويُعزَى أكثر من ثلث الزيادة في توليد الطاقة المتجددة في 2018 إلى شرق آسيا، وذلك بفضل ارتفاع مستويات استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في الصين. وسُجِّلت أكبر زيادات في استخدام الطاقة المتجددة على مستوى البلدان في عام 2018 في إسبانيا بفضل ارتفاع توليد الطاقة الكهرومائية، تلتها إندونيسيا التي شهدت زيادة سريعة لاستخدام الطاقة الحيوية في توليد الكهرباء. ولتحقيق زيادة كبيرة في حصة الطاقة المتجددة تمشيا مع الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة، يجب تسريع وتيرة الجهود الحالية في كل قطاعات الاستخدام النهائي من أجل النهوض باستخدام أنواع الطاقة المتجددة وفي الوقت نفسه احتواء الطلب الكلي على الطاقة.

يأتي هذا التقرير في وقت حرج مع استعداد الحكومات وأصحاب المصلحة للمشاركة في حوار الأمم المتحدة رفيع المستوى بشأن الطاقة، وهو اجتماع على مستوى القمة سيعقد في سبتمبر 2021 وسيناقش الخطوات اللازمة لتحقيق الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030 وحشد الالتزامات والتعهدات الطوعية والإجراءات اللازمة في شكل اتفاقات بشأن الطاقة.

 المملكة اعتبرت الرائدة والسباقة للطاقة الموثوقة الممكنة الأقل تكلفة المستدامة

جريدة الرياض – السعودية
الجبيل الصناعية – إبراهيم الغامدي