خبراء يحددون إجراءات تجنب فخ شركات محتالة
حذر خبراء ماليون من الانسياق إلى إغراءات شركات تعرض فرصاً استثمارية في قطاعات مختلفة، بعوائد على الاستثمار تصل إلى نسبة 10 % شهرياً، مؤكدين أن تلك الشركات أو الكيانات ربما تستهدف جمع الأموال بالمخالفة للقانون والتراخيص الصادرة لها، وممارسة نشاط توظيف الأموال أو ما يعرف بالمحافظ المالية، والذي كان شائعاً قبل سنوات، قبل أن يتم التصدي له بقوة في الدولة.
حدد الخبراء عدداً من النصائح والخطوات المطلوبة لتجنب الوقوع في فخ عمليات احتيال، وأهمها عدم الانسياق وراء الكم الهائل من الأكاذيب والخداع والإغراءات التي تبدو غير منطقية والتي يسوقها مندوب الشركة، ثم التأكد من أن الشركة مرخصة، وأن الترخيص الصادر لها يسمح بتلقي وجمع الأموال، مع معاينة وزيارة المشاريع الاستثمارية الخاصة بالشركة على أرض الواقع، وعدم الانخداع بالعائد الاستثماري الضخم أو مقر الشركة والذي يتسم بالفخامة، فضلاً عن ضرورة بذل الجهد والبحث لمعرفة تاريخ الشركة وسابقة أعمالها، منبهين إلى أن الشركات المحتالة غالباً ما تتبع أساليب احتيالية لإقناع الضحايا، مثل ادعاء أن هناك شخصيات عامة ومشاهير يستثمرون معها، ونشر بعض الصور لمسؤولين بالشركة مع بعض المشاهير في حفلات عامة من أجل زيادة الإقناع.
عروض خيالية
وقال محمد شاكر الخبير المالي، إنه تلقى استفسارات من بعض المقيمين في الدولة بشأن شركات تعرض فرصاً للمشاركة بعقد شراكة يمثل استثماراً في حصة من محفظة شركة ما، مع ضمان عائد شهري لا يقل عن 5% شهرياً ويصل إلى 10%.
وأضاف، أن تلك الشركات ترجع هذا العائد الخيالي إلى أن محفظة الشركة (حول العالم) تضم مشاريع زراعية كبرى في عدد من دول العالم، إلى جانب ممارستها عدداً من الأنشطة المربحة التي تحمل عناوين براقة ومغرية، مثل «سولار تكنولوجي» و«إنفرتر تكنولوجي» و«جينيراتور تكنولوجي» و«البصمة المستقبلية» والزراعة «المائية الهيدروبونيك» و«الفوقبونيك»، وكذلك امتلاكها مصانع ومستودعات للمواد الغذائية وشركات تعمل في الشحن البري والجوي، محذراً من الانسياق وراء تلك العروض الوهمية للاستثمار، خاصة في ظل التحذيرات الدائمة والمتكررة من الجهات الرسمية، وعدم منطقية تحقيق عائد لا يقل عن 60% سنوياً ويصل إلى 120% في الأوقات الحالية في ظل تداعيات جائحة «كوفيد -19» التي تعصف بالأسواق والاستثمارات العالمية.
وحدد شاكر، عدداً من النصائح والإجراءات التي يجب اتخاذها قبل التعامل مع أي شركة في مجال الاستثمار، أولها عدم الانسياق وراء الإغراءات التي يسوقها مندوب الشركة والتي دائماً ما تفوق العقل والمنطق، مدللاً على ذلك بأن مندوبي بعض الشركات يزعمون امتلاكها أصولاً وضمانات للاستثمار كضمانة وتأمين على العقود التي توقعها مع عملائها ومنها مئات الأفدنة ومزارع للثروة السمكية والحيوانية، ومشاريع ضخمة خارج الدولة، وامتلاك أطنان عدة من الذهب وتخزينها في إحدى البورصات المتخصصة.
وأضاف شاكر، أن الخطوة الثانية تتمثل في ضرورة التأكد من أن الشركة مرخصة، عبر مراجعة جهة الترخيص والتأكد شخصياً من صدور الترخيص، مع عدم الاكتفاء بما يعرضه مندوب الشركة من مستندات والتي قد تكون مستندات غير حقيقية، أو الاقتناع بأن الشركة حاصلة على ترخيص مبدئي وأنها قيد الحصول على الترخيص النهائي، أو أنها ترسل نسخة من عقود الشراكة التي توقعها إلى هيئة الأوراق المالية والسلع من أجل اعتمادها.
وأشار إلى أن ثالث الخطوات المطلوبة تتمثل في ضرورة زيارة مشاريع الشركة على أرض الواقع والتأكد من أن تلك المشاريع مملوكة بالفعل للشركة، وليست مجرد فيديو مصور لأحد المسؤولين في الشركة وهو يتفقد أراضي زراعية، منبهاً أن بعض الشركات المحتالة قد تنشر إعلاناً أو دعايات عبر «الإنترنت» بشأن فوزها بعقود في بعض الدول من أجل خداع المستثمرين.
ونصح شاكر، الراغبين في الاستثمار مع شركة ما، بالنظر في محاولات مندوب الشركة ومدى إلحاحه وملاحقته للعميل من أجل اتخاذ قرار الاستثمار بسرعة، مبيناً أن مندوبي الشركات المحتالة دائماً ما يروجون لفكرة أن هناك عرضاً خاصاً وحصرياً، بضمان عائد شهري محدد، لمن يشارك في الاستثمار خلال الشهر ذاته للاستفادة من الفرص الاستثمارية التي أنتجتها جائحة «كورنا»، إلى جانب إمكانية الحصول على موافقة «استثنائية» من إدارة الشركة لقبول تخفيض الحد الأدنى للاستثمار من أجل جذب المستثمر.
ودعا شاكر، من يرغب في الاستثمار إلى بذل الجهد والبحث لمعرفة تاريخ الشركة وسابقة أعمالها ومقابلة بعض العملاء الحاليين للشركة وجهاً لوجه للتأكد من مصداقية الشركة، محذراً من أن بعض الشركات المحتالة قد تزعم أن لديها آلاف العملاء الذين يستثمرون معها، وغالباً ما تحرص على استئجار مقر فخم لها في أرقى الأماكن من أجل إغراء العملاء، إلى جانب ادعاء أن هناك عدداً من الشخصيات العامة والمشاهير الذين يستثمرون معها.
الترخيص وحدة لا يكفي
من جهته، شدد طارق قاقيش، الخبير المالي، على ضرورة التأكد من ترخيص الشركة، وأن ذلك الترخيص يسمح لها بتلقي وجمع الأموال من الأفراد بغرض الاستثمار، موضحاً أن بعض الشركات تكون حاصلة على رخصة تجارية ولكنها تمارس أنشطة خارج نطاق الترخيص الصادر لها، حيث إن تلقي وجمع الأموال هو نشاط يتطلب موافقة المصرف المركزي، في حين أن عملية طرح أسهم للاستثمار تتطلب موافقة صريحة وترخيصاً من هيئة الأوراق المالية والسلع.
وأشار قاقيش، إلى أن المواقع الإلكترونية تزخر بعروض للمشاركة في الاستثمار من شركات وهمية، حيث تطلق تلك الشركات مواقع إلكترونية تعرف نفسها من خلالها بأنها كيان مالي وتجاري وتكنولوجي متنوع في مجالات مثل التنقيب عن العملات الرقمية وتقنية المعلومات والعقارات والزراعة والثروة الحيوانية والبترول ومنصات التسويق الإلكتروني، محذراً من أن تلك العروض قد تمثل نوعاً من النصب عبر «الإنترنت»، ولذا يجب على المستثمرين بذل الجهد والتحري عن جهة الاستثمار قبل اتخاذ أي خطوة.
ونصح قاقيش، الأفراد من مخاطر الوقوع تحت طائلة القانون بسبب مشاركتهم (من دون قصد أو نية) في عمليات الاحتيال على الآخرين، وذلك عبر الانضمام إلى «جروبات» خاصة بالشركة المحتالة، والعمل كمندوبي تسويق بعمولة أو راتب شهري عند جذب عملاء جدد للشركة، لافتاً إلى أن بعض الشركات تعرض على الأفراد فرصة العمل لديها بنظام التسويق الشبكي أو الهرمي، وجذب عملاء بحيث يمكن الحصول على كيلو ذهب مكافئة عند وصول شبكة العملاء إلى 121 شخص فعالين، وصولاً إلى مكافآت مثل سيارة فاخرة وفيلا ويخت وطائرة خاصة.
شهادات مزيفة
من جهتها، حذرت هيئة الأوراق المالية والسلع سابقاً من عروض وهمية من مندوبي شركات يدعون ترخيصهم من قبل «الهيئة»، من خلال شهادات مزيفة تستهدف المستثمرين بالدولة، وذلك بعد أن تلقت «الهيئة» استفسارات عدة من الجمهور حول مدى صحة شهادات التسجيل أو الترخيص التي حصلوا عليها من مروجين أو مندوبي شركات، تعرض فرصاً استثماريةً، وتدّعي أنها مرخصة من هيئة الأوراق المالية والسلع، علماً بأن تلك الشهادات مروّسة بشعار «الهيئة».
وأكدت «الهيئة» أنه تبين بعد معاينة هذه الشهادات أنها (مزيفة)، وأن أسماء الشركات المذكورة فيها غير مسجلة أو مرخصة من «الهيئة»، وأن العروض الاستثمارية التي يتم تسويقها والترويج لها من قبل مندوبي هذه الشركات عبارة عن (عروض وهمية) تستهدف المستثمرين، خصوصاً الأفراد.
وأشارت إلى أن بعض الشركات تذكر عبر موقعها الإلكتروني، أنها مرخصة من «الهيئة» ومن الجهات الرقابية الأخرى داخل دولة الإمارات، لكن تبين بعد البحث أنها شركات غير مرخصة، محذرة من أنه في معظم الحالات، يتبين أن هذه الشركات عبارة عن «كيانات وهمية» تقوم بعمليات نصب واحتيال مالي، ولذا يجب عدم تحويل أي أموال لها. ونصحت «الأوراق المالية» المستثمرين والجمهور بضرورة التحقق من ترخيص الشركات التي تعرض الفرص الاستثمارية، وتدّعي حصولها على التراخيص القانونية، وذلك من خلال الاطلاع على قائمة الشركات المسجلة والمرخصة في الموقع الإلكتروني لهيئة الأوراق المالية والسلع، أو الجهات الرقابية المماثلة (مثل مصرف الإمارات المركزي، وهيئة التأمين، وسلطة دبي للخدمات المالية، وسلطة تنظيم الخدمات المالية في سوق أبوظبي العالمي، أو من خلال التواصل المباشر مع «الهيئة» والجهات الرقابية المماثلة.