15 % الحد الأدنى للضريبة.. ينهي سباق المجموعات الرقمية العملاقة
توصل وزراء المال في مجموعة السبع إلى اتفاق “تاريخي” يقضي بفرض ضريبة العالمية دنيا نسبتها 15 بالمئة على أرباح الشركات وتوزيع العائدات الضريبية للشركات المتعددة الجنسية في شكل افضل، خصوصاً المجموعات الرقمية العملاقة.
وأعلن الاتفاق في بيان مشترك صدر بعد اجتماع استمرّ يومين في لندن.
وقال الوزراء في البيان “نلتزم فرض ضريبة دنيا عالمية لا تقل عن 15 بالمئة على أساس كل دولة على حدة”، معبرين عن أملهم “في التوصل إلى اتفاق نهائي في اجتماع موسع في يوليو لوزراء مال دول مجموعة العشرين”.
وفور الإعلان عن هذا التعهد، قال وزير المال البريطاني ريشي سوناك الذي تتولى بلاده رئاسة مجموعة السبع حالياً، إنه “اتفاق تاريخي”، بينما رحبت ألمانيا “بالنبأ السار للعدالة والتضامن الضريبي”.
وقال سوناك في بيان عبر الفيديو “يسعدني أن أعلن أن وزراء مال مجموعة السبع توصلوا بعد سنوات من المناقشات إلى اتفاق تاريخي لإصلاح النظام الضريبي العالمي لجعله ملائما للعصر الرقمي العالمي”.
واكد عملاق المنصات الاجتماعية الاميركي فيسبوك الذي يستهدفه الاصلاح أنه يريد “نجاحه” حتى لو كان ذلك يعني انه “سيدفع مزيدا من الضرائب وفي امكنة مختلفة”، على ما كتب نيك كليغ مدير الشؤون العامة في المجموعة على تويتر.
وتستفيد الدول الصناعية السبع الكبرى (بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا واليابان وألمانيا والولايات المتحدة) من عودة الاهتمام الأميركي بالمسألة منذ وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض.
ويستهدف الإصلاح شركات التكنولوجيا الكبرى ومعظمها أميركية، التي تدفع ضرائب زهيدة رغم الأرباح الكبيرة التي تحققها وتصل قيمتها إلى عشرات وحتى مئات المليارات من الدولارات، عبر إنشاء مقراتها في دول معدّل الضريبة على الشركات فيها منخفض أو حتى معدوم.
وأشادت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين السبت “بالالتزام غير المسبوق” من جانب دول مجموعة السبع. وقالت في بيان إن “هذا الحد الأدنى للضريبة العالمية سينهي سباق خفض الضرائب على الشركات”.
وقال سوناك إن الاتفاق في مجموعة السبع هو “خطوة أولى والشهر المقبل سيجتمع وزراء مال مجموعة العشرين لإحراز مزيد من التقدم”، معتبرا أن التسوية التي تم التوصل إليها السبت ستسمح “بإحلال بعض العدالة في نظامنا الضريبي العالمي”.
من جهته، رأى وزير المال الفرنسي برونو لومير في تسجيل فيديو نُشر على حسابه على تويتر بعد الاجتماع أنه “بعد أربع سنوات من الكفاح انتصرت فرنسا”. وأضاف “إنها نقطة انطلاق وفي الأشهر المقبلة سنكافح من أجل أن يكون معدل الضريبة الأدنى هذا أعلى ما يمكن”.
واشادت رئيسة المفوضية الاوروبية اورسولا فون دير لايين عبر تويتر ب”خطوة كبيرة نحو نظام ضريبي ومنافسة منصفين”، داعية الى مزيد من “التعاون الدولي”.
ورأت غابرييلا بوشر من المنظمة غير الحكومية أوكسفام أن “تحديد حد أدنى عالمي لمعدل الضريبة على الشركات بنسبة 15% فقط منخفض جدا” و”لن يحقق الكثير لإنهاء سباق ضريبي خطير نحو الانخفاض في ضرائب الشركات والاستخدام المكثف للملاذات الضريبية”.
وقامت دول عدة بينها فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا أصلا بتطبيق الضريبة الرقمية الخاصة بها بانتظار التوصل إلى اتفاق لذلك تركزت المناقشات مع الولايات المتحدة أيضا على الجدول الزمني لسحب هذه التدابير الوطنية لمصلحة التعديل الدولي.
وأصر ريشي سوناك على أن “هذا أمر نتحدث عنه منذ نحو عقد وللمرة الأولى لدينا اليوم اتفاق حول المبادئ الملموسة لشكل هذا الإصلاح وهذا تقدم هائل”.
لكنه اعترف بأنه “ما زال علينا الذهاب إلى مجموعة العشرين والتوصل إلى اتفاق مع مجموعة أكبر من البلدان لذلك من الصعب تحديد موعد إبرام اتفاق نهائي”، مخفضا بذلك سقف التوقعات.
ويتوقع أن تستمر هذه العملية سنوات إذ سيكون من الضروري، بعد اتفاق في مجموعة العشرين، إقناع 140 دولة تعمل على مشروع الإصلاح الضريبي في إطار منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
ويتمثل التحدي خصوصا بإقناع البلدان التي بنت اقتصاداتها على معدلات ضرائب منخفضة للغاية على الشركات مثل أيرلندا (12,5 بالمئة)، مما جذب المقار الأوروبية للعديد من الشركات المتعددة الجنسية إليها.
واورد مصدر قريب من المفاوضات ان التحدي خلال قمة مجموعة العشرين المقبلة يمكن ايضا في اقناع قوة كبرى مثل الصين.
واقرت يلين خلال مؤتمر صحافي في لندن أن “بعض الدول لا تزال قلقة، من مثل ايرلندا والصين”، لكنها دافعت عن اصلاح “سيجلب الاستقرار” في ظل سعي دول عدة الى ان يستهدف كل منها الشركات الكبرى وخصوصا عمالقة الانترنت.
ورأى وزير المال الألماني أولاف شولتز إنه “نبأ سار جدا للعدالة الضريبية والتضامن، وسيء للملاذات الضريبية في جميع أنحاء العالم”. وأكد أن “الشركات لن تتمكن بعد الآن من التهرب من التزاماتها الضريبية عن طريق تحويل أرباحها بذكاء إلى دول” ضرائبها منخفضة.
وحثت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين نظراءها في مجموعة السبع على مواصلة الدعم المالي لاقتصاداتهم على الرغم من التضخم “المؤقت” الذي قالت إنه سيظل مرتفعا خلال بقية العام.