دعم المملكة السعودية للسياحة العالمية يعيد الثقة لمستثمريها ويحفز تجاوزها عقبة الجائحة
أعلنت المملكة بالتعاون مع البنك الدولي ومنظمة السياحة العالمية عن دعم السياحة العالمية بمبلغ 100 مليون دولار لإنشاء صندوق دولي للسياحة الشاملة، والذي يهدف إلى دعم القدرات البشرية والمؤسسية وبنائها لنشر الاستفادة القصوى من القطاع السياحي، حيث تُعد السياحة إحدى الركائز الاقتصادية العالمية المهمة، كما أنها تساهم في توليد الفرص الاستثمارية المجدية للمستثمرين بالداخل والخارج، ووفقًا للمجلس العالمي للسفر والسياحة، يساهم القطاع بنحو 10 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، حيث في العام الماضي وصل النمو السياحي إلى 3.9 % مقابل نسبة نمو تعادل 3.2 % للاقتصاد العالمي، ومن المتوقع نمو القطاع السياحي بنسبة 3.7 % بحلول عام 2029، وستسهم بما يزيد على 13 مليار دولار في الاقتصاد العالمي بما يعادل 11.5 % من الناتج المحلي العالمي، كما يدعم القطاع السياحي 319 مليون وظيفة على مستوى العالم، ومسؤول عن خلق وظيفة مقابل كل خمس وظائف يتم توفيرها في السنوات الخمس الأخيرة.
وفي هذا الصدد، تعمل المملكة على تطوير البنية الأساسية والخدمات بهدف الاستعداد للطلب المتزايد بما يتوافق مع استراتيجية السياحة في المملكة، حيث تم توقيع مذكرات تفاهم زادت قيمتها عن 115 مليار ريال لتحسين البنية التحتية، وزيادة المعروض من الغرف الفندقية، كما تسعى المملكة بالتعاون مع المستثمرين من الداخل والخارج والصناديق الاستثمارية المحلية ومن بينها صندوق التنمية السياحي إلى بناء 500,000 غرفة فندقية في جميع أنحاء المملكة بحلول عام 2030، أيضًا تستهدف المملكة زيادة الطاقة الاستيعابية لمطارات المملكة بأكثر من 100 مليون مسافر سنوياً.
وفي هذا الشأن قال رئيس قسم السياحة والفندقة بجامعة أم القرى الدكتور محمد باقادر، مما لا شك فيه أن المملكة جزء من السياحة العالمية، ويساهم الدعم المُقدم لها محلياً وعالمياً من تعزيز هوية ومكانة المملكة السياحة حول العالم والتشجيع لها داخل المملكة، حيث تعود أهمية ذلك بالسعي على استقطاب رؤوس الأموال الخارجية واستثمارها داخل السوق المحلي مما ينعكس إيجاباً على انتعاش قطاع السياحة، ولفت باقادر، يُعد قطاع السياحة والفندقة من أكثر القطاعات تأثراً بجائحة كورونا، وذلك لاعتماده وارتباطه بشكل مباشر بحركة الأفراد بين مختلف دول العالم، حيث تتوقف هذه العملية تماماً وتتأثر سلباً بالأوبئة العالمية، وأدت جائحة كورونا إلى تخوّف المستثمر المحلي والأجنبي من دخول هذا القطاع، إلا أن وجود الدعم العالمي والمحلي عزز الثقة بالاستثمار وطمأن مختلف المستثمرين بمأمونية القطاع السياحي في هذه الفترة، وأشاد باقادر، رأينا الجهود الملموسة التي تبذلها كل من وزارة السياحة ووزارة الثقافة في إيصال النماذج المبهرة من المدن السعودية الجاذبة للسيّاح من مختلف دول العالم، وأيضاً مبادرات وزارة السياحة بما يتعلق بتطوير المستثمر المحلي بالقطاع السياحي، من تسهيلات الإجراءات ووضوح القوانين المُتبعة.
الدعم للقطاع
في ظل ذلك بيّنت وكيلة قسم السياحة والفندقة بجامعة أم القرى الدكتورة ريم الحسني، أن من أكبر الجوانب المهمة في رؤية المملكة 2030 هو الدعم للقطاع السياحي، والعمل على تقدّمه وازدهاره، حيث شاهدنا ثمرات ذلك بالآونة الأخيرة، من خلال بناء الشراكات الدائمة مع المستثمرين سواء المحليين أو خارجيين، كما يُعد ذلك من الجوانب المهمة في تنمية العلاقات بين مختلف الأطراف، وأشارت الحسني، إلى أن القطاع السياحي من المجالات الحديثة، ولمسنا الاهتمام والعناية بما يتعلق به، وستولد تلك العناية الكثير من الفرص القوية في المستقبل القريب، حيث وجود أقسام معنية بقطاع السياحة والفندقة بعدة جامعات في المملكة دلالة واضحة على ذلك، مما سيساهم ويعزز نمو وازدهار القطاع السياحي.
بدوره ذكر أستاذ السياحة والضيافة المساعد بجامعة أم القرى الدكتور علي القاسم، أن دعم السياحة في ظل استمرار الجائحة وتعثر كثير من المشاريع السياحية محلياً وعالمياً أمر في غاية الأهمية، وقد أعلنت المملكة بالتعاون مع البنك الدولي ومنظمة السياحة العالمية عن دعم السياحة العالمية بمبلغ 100 مليون دولار لإنشاء صندوق دولي للسياحة الشاملة، بهدف دعم القدرات البشرية والمؤسسية وبنائها لنشر الاستفادة القصوى من القطاع السياحي، وأشار القاسم، الى دعم المملكة قطاع السياحة المحلي بميزانيات كبيرة كانت على شكل رواتب وحوافز استفاد منها بالدرجة الأولى العاملين والمستثمرين في القطاع لحمايتهم من التسريح والإفلاس، لكن الطلب على الخدمات والانشطة السياحية لم يكن مختلفاً بشكل ملفت مقارنة بالسنوات الماضية قبل الجائحة، ولفت القاسم، كثير من الدول عالمياً وعربياً دعمت قطاع السياحة أثناء الجائحة لإنعاش السياحة الداخلية التي تضررت بشكل كبير مثل غيرها بسبب الجائحة، فعلى المستوى العالمي كانت اليابان قد أعلنت عن حملة بقيمة 18.2 مليار دولار، وذلك لتعويض تكاليف السفر للزوار، وقال حينها رئيس وكالة السياحة اليابانية هيروشي تاباتا، إن الخطة ترمي إلى جذب السياح من خلال دفع نصف نفقات سفرهم، أمّا جزيرة صقلية الإيطالية، فقد وعدت السياح بدفع نصف تكلفة تذاكر الطيران، ونسبة من فاتورة الفندق، وتقديم تذاكر مجانية للمتاحف والمواقع الأثرية، كجزء من استراتيجية استعادة السياحة في الجزيرة بعد انتهاء أزمة كورونا، وأوضح القاسم، أمّا النموذج العربي كان الأردن، فعلى مدى ثلاثة مواسم قبل الجائحة وأثنائها أطلقت خلالها برنامج يدعم السياح الأردنيين وذلك بتخفيف العبء المالي الذي يتحمله السائح الاردني بنسبة 40 % من تكاليف زياراته لوجهات تم تحديدها من قبل وزارة السياحة والآثار في الأردن وبنسب متفاوتة للمقيمين فيها، حيث إن هذا النموذج ساعد على انتعاش القطاع السياحي في الأردن بشكل كبير جداً، فالمواطن الذي تضرر هو أيضاً بسبب الجائحة استطاع بفضل الدعم أن ينفق ولو جزئياً على الأنشطة السياحية في بلدهم.
وطالب القاسم، الاستفادة من تلك النماذج واستغلال هذا الوقت تحديدًا لدعم السياحة الداخلية، فالآن بدأ موسم الصيف في المملكة ومن الملاحظ أن الطلب على السياحة الدولية أقل مما كنا نتوقع، فلا يزال السائح السعودي متخوف إما بسبب تفشي الوباء في الدول المفتوحة لاستقبال السياح أو اعتقاداً منه بأن الدول المعدودة التي سمحت باستقبال السياح الدوليين ستكون مكتظة بالسياح، وبالتالي تكاليف السفر قد تكون مرتفعة بسبب زيادة الطلب ونقص العرض، مشيراً إلى الحاجة لتحرك سريع من وزارة السياحة والهيئة السعودية للسياحة بدعم وجهات وأنشطة محددة من مناطق المملكة، ويتم اختيارها من منتجات سياحية متنوعة مثل المواقع الأثرية، والأنشطة البحرية والجبلية والترفيهية وغيرها، وذلك لزيادة التنوع في المعروض من المنتجات، حيث إن هذا النوع من الدعم سيزيد من حجم الطلب على الخدمات والأنشطة السياحية، وبالتالي يزيد من الحراك الاقتصادي عموماً.