شركات «تتذاكى» على الجهات الرقابية… بإفصاحات مبهمة!
يجب رصد عمليات النفي التي تقوم بها الشركات ومحاسبتها عند القيام بتأكيد هذه المعلومة او تلك لاحقاً.
رغم أن تعليمات وقوانين هيئة أسواق المال تنص صراحة على ضرورة تقديم إفصاحات واضحة وشفافة وبلغة مفهومة للجميع، فإن العديد من الشركات تواصل تقديم إفصاحات مبهمة، وبعضها مضلل لا يسمن ولا يغني من جوع.
وبعض الشركات «تتذاكى» في صياغة الإفصاحات وتقدمها من باب رفع العتب ليس الا، حيث لا تقدم ولا تؤخر بالنسبة للمستثمر، لأنها لا تحمل أي معلومة جديدة، بل تزيد الشكوك وتعمق من اللغط حول المعلومات الجوهرية التي تتداول حول أي شركة، وتشعل المضاربات.
الإفصاح والشفافية
ولأهمية ملف الإفصاح والشفافية خصصت هيئة الأسواق الكتاب العاشر كاملا لذلك، وأوضحت كل الإجراءات بتفاصيل دقيقة، ولعل من أبرز وأهم ما يخص ملف افصاح الشركات عن المعلومات الجوهرية قد شددت مواد الفصل الرابع من الكتاب العاشر للائحة التنفيذية على انه عند إعداد الإعلان عن هذه المعلومات، أو ايضاح اي بيانات، يجب مراعاة الآتي:
1 – أن يكون الإعلان معبراً عن الحقيقة وواضحا وغير مضلل.
2 – أن يحتوي على قدر كاف من المعلومات والبيانات بما يسمح لأي شخص بالوقوف على أثر هذه المعلومات الجوهرية.
3 – ألا يتم اخفاء او تجاهل ذكر معلومات سلبية عن الشركة.
4 – ضرورة تجنب الإفراط في استخدام المصطلحات التقنية في الإعلان، وأن يتم إعداده بلغة بسيطة مفهومة قدر الإمكان.
5 – إذا حدث نشاط نتيجة تسريب معلومات جوهرية يجب على الشركة الإفصاح عنها فورا بغض النظر عن ملاءمة القيام بهذا الإفصاح لمصلحة الشركة من عدمه.
6 – الشركة مطالبة بتأكيد المعلومات أو إيضاحها أو نفيها دون إبطاء.
وبالنظر الى ما سبق يتضح أن كل التعليمات تؤكد أهمية الوضوح في تقديم المعلومات دون تحايل او تضليل، وبشكل واضح وسريع، حتى وإن كان الإفصاح عن المعلومات الجوهرية يتعارض مع خطط وتوجهات الشركة بشأن توقيت الإفصاح.
لكن ما يحدث في الواقع، من خلال عمليات رصد واسعة، عكس ذلك تماما، ومع ذلك تمر بعض الإفصاحات مرور الكرام دون طلب ايضاحات اضافية، وبعضها يتم طلب ايضاحات ما يتوجب اعادة النظر في انه ما لم يكن الإفصاح شاملا ووافيا ومقنعا ويحتوي على معلومات كاملة لا ينشر على موقع السوق.
ملاحظات ومثالب
ومن أبرز الملاحظات والمثالب التي تعج بها العديد من الإعلانات ما يلي:
1 – شركات تتحايل في الرد على المعومات الجوهرية بخصوص تخارجات من استثمارات تابعة أو زميلة بأنها تقوم بمراجعة استثماراتها سنويا حالها حال كل الشركات، ويأتي الرد عائما غير حاسم، مما يفتح الباب أكثر للشائعات، واستمرر تأثر السهم سلبا او ايجابا بالردود غير الحاسمة للشركات.
2 – بعض الإفصاحات تُقدَّم بلغة احتيالية مطاطة تحتوي على معلومات مغايرة لصلب الموضوع الأساسي، وتختم افصاحها بأنه في حال توافرت اي معلومات سيتم الإفصاح عنها، فتكون بذلك أخفت بيانات جوهرية ناضجة وقيد التنفيذ لم ترغب في الإعلان عنها في توقيت محدد يتماشى مع مصالح ملاك أو متنفذين في الإدارة، دون مراعاة للقاعدة الأعم وهي جموع المساهمين.
3 – ومن المثالب التي تشهدها العديد من الإعلانات ملف الأثر الجوهري من التخارجات أو المناقصة التي تفوز بها شركة او التحالفات التي تتم بين شركة وأخرى، إذ يتم إخفاء الأثر، والتحايل بجملة بسيطة مفادها انه لا يمكن احتساب الأثر المالي حاليا، علما بأن أي شركة تكون لديها دراسة وافية ودقيقة عن كل مشروع او مزايدة او مناقصة تفوز بها، وتعرف مسبقا حجم العائد بدقة 100 في المئة، الا أن هناك أسبابا ومأرب أخرى، ويمكن للجهات الرقابية طلب نسب تقريبية كما هو مسموح للشركات بتقديم بيانات مالية أولية غير مدققة.
4 – تباين واختلاف الإفصاحات رغم تشابه الحالة، فبعض الشركات تعلن عن حصولها على تمويل مع احد البنوك دون تفاصيل، وشركات اخرى تعلن عن هيكلة مع بنك، وتحدد المصرف وكل التفاصيل، وأخرى تخفي هوامش الفائدة او العائد.
5 – بعض الشركات تنفذ صفقات بيع وتخارج من اصول لأحد الأطراف ذات الصلة، وتخفي اسم الأصل او المشتري، إذ يكون الاعلان رفع عتب بأنه تم تنفيذ صفقة، وهنا التساؤل: إذا كانت على أسس سليمة وقانونية ولا تشوبها اي شائبة فلماذا يتم اخفاء التفاصيل؟
6 – بعض الكيانات والمجاميع تنفي معلومات صحيحة ودقيقة، وبعد أيام قليلة تؤكدها وتعلن تفاصيلها، والمثير أن مثل هذه الممارسات تمر مرور الكرام رقابيا دون محاسبة.
7 – مذكرات تفاهم واتفاقات وصفقات تتم على أصول واستثمارات خارجية دون اعلان أملا في عدم كشف المعلومة، وكثير من الغرامات توقع من الهيئة بعد كشفها من الفرق الرقابية، لكن بعد مرور وقت عليها يكون السهم تأثر ايجابا، وتم نفي وجود اي آثار او معلومات غير اعتيادية.
ولعل الإدراج في البورصة يستلزم شفافية مطلقة ومن نوع خاص، وكل اسواق المال تمتاز بشفافية المعلومات والشغل على المكشوف، وبالتالي فإن التعامل مع بعض الشركات على انها ملك خاص او كيانات عائلية دون اعتبار لشرائح المساهمين، لا يتوافق مع مبدأ الإدراج في السوق.
مسؤوليات البورصة والهيئة
وعلى هيئة اسواق المال والبورصة مسؤوليات في هذا الملف، إذ يجب أن تكون هناك عمليات رصد ومتابعة دقيقة للإفصاحات وقياس دقة ووضوح المعلومات فيها، بحيث لا يتم نشر أي افصاح الا اذا كان شاملا ووافيا، إذ لوحظ مؤخرا تقديم أكثر من افصاح لذات المعلومة نتيجة عدم وضوح الإفصاح الأول.
كما يجب رصد عمليات النفي التي تقوم بها الشركات ومحاسبتها عند القيام بتأكيد هذه المعلومة او تلك لاحقا، لأنها في تلك الحالة تكون ضللت المساهمين، وأخفت معلومات جوهرية يجب الإفصاح عنها، مع ضرورة ان يكون الإفصاح واضحا بحيث يتم بشكل بات التأكيد أو النفي للمعلومة الجوهرية محل الإيضاح.
والأمر نفسه يخص البورصة من جهة فلترة الإفصاحات التي تعج بها شاشة السوق، وبعضها يفتقد لكثير من المعلومات، فليس كل ما يأتي من الشركة ينشر الا اذا كان مستوفيا لأركان الإفصاح، ويقدم قيمة مضافة ومعلومة فعلا، اما الإفصاحات المطاطة فلا تفيد بل تضر.
المصدر: الجريدة
كتب الخبر: محمد الإتربي