حين تخيطُ المرأةُ ظلّها من ضوء بيروت

بيروت طريق الجمال الذي لا ينكسر

بيروت في عيون مريم بختياري

 

مريم لم ترَ في بيروت مجرد مدينة؛ كانت بالنسبة لها امتحانًا داخليًا، مرآة تُعيد فيها قراءة القوة كما تُقرأ الحكايات القديمة. عامان فقط عاشتهما هناك لكنهما كانا كافيين لتفهم سرّ المدينة وسرّ نسائها: أن المرأة هنا تشبه بيروت تنهض دائماً، حتى لو سقط العالم من حولها.

ومن هذه الرؤية وُلدت «نساء بيروت»؛ ليست مجموعة أزياء كما يقول الناس، بل محاولة من مريم لتجميد لحظة صمودٍ يومية لا يراها أحد، لكنها تتكرر بصمت في كل وجه وفي كل خطوة.

 

بدأت حكاية مريم مع الموضة في طفولتها، في مزون والدتها، حيث اكتشفت أن القماش ليس مادة جامدة، بل حياة يمكن صياغتها. شيئًا فشيئًا، تحوّل هذا الاكتشاف إلى لغة. ومع السنوات، صارت الموضة طريقتها لفهم العالم وفهم النساء وفهم ذاتها.

 

لكن المحطة التي صقلت جوهرها كانت تجربتها الطويلة إلى جانب المصمم الكبير عبد محفوظ. أكثر من خمس سنوات تعلّمت فيها ما لا يُكتب في الكتب: أن الهوت كوتور ليس فخامة، بل احترام الحياة واحترام للوقت، لليد التي تخيط وللمرأة التي تحمل القطعة كأنها تكمّل سيرتها الذاتية. هناك، خلف الكواليس، اكتسبت مريم الهدوء الذي يتطلبه الفن، والانضباط الذي يسبق الجمال.

 

عملها كـ Creative Director في بيروت ودبي فتح أمامها أبوابًا جديدة لرؤية المرأة العربية: حضورها الهادئ الذي يخفي قوة جبّارة، أنوثتها التي لا تُشهر سلاحها، وطريقتها الفريدة في أن تمشي في الحياة دون أن تطلب اعترافًا من أحد. كل مشروع كانت تخوضه كان درسًا إضافيًا في كيف تنسج المرأة هويتها من التفاصيل التي تمرّ على الجميع ولا ينتبه لها إلا من يراها بقلبه.

 

«نساء بيروت» بالنسبة لمريم ليست تصاميم، بل رسالة اعتراف.

هي تقولها للمدينة ولنسائها بطريقتها الخاصة:

إلى كل امرأة تعبر الشارع بثقة خفيفة،

إلى كل حجر احتفظ بظلّ زمن صعب،

إلى كل صباح يعرف كيف يشرق رغم كل الانكسارات.

 

هذه المجموعة ليست فساتين

إنها مدينة تُحوَّل إلى خيط،

وامرأة تُحوَّل إلى قصة،

ومصممة تضع في يدها بداية حكاية مريم بختياري في بيروت.

Leave A Reply

Your email address will not be published.