سلامة يردُّ على قرار توقيفه
محاولة حاكم المصرف المركزي السابق رياض تبرئة نفسه من المسؤولية عن الانهيار المالي الذي مايزال يتخبط فيه لبنان منذ اكثرمن خمس سنوات، واتهامه الثنائي الشيعي والتيار العوني بالمسؤولية الكاملة عن هذا الانهيار الكارثي الاكبر في تاريخ لبنان، فيها جانب من الحقيقة بعد تفنيده للوقائع وتحديده للاموال التي صرفت من احتياطي المصرف المركزي، ولكن هذا لا يُعفيه من جانب اساسي من المسؤولية، مما حصل لسببين اساسيين:
السبب الاول، لماذا صمت على ما وصفه بالمؤامرة التي بدأت منذ العام ٢٠١٥، لضرب القطاع المصرفي، مادام يعرف ان هناك مؤامرة من الخارج لضرب بعض المصارف كما قال، ولم يحرك ساكناً، او يقوم بعمل صامت لتعطيل هذه المؤامرة؟
السبب الثاني، لماذا تذرَّع سلامة بقانون النقد والتسليف، ولم يتوقف عن تلبية مطالب الحكومات بالاستدانة من المصرف المركزي، بعد ان وصلت الاوضاع الى حافة الهاوية، ويوقف التدهور المالي، واستمر بتطمين اللبنانيين بعبارته الشهيرة بأن «الليرة بألف خير»، بالرغم من معرفته بواقع الوضع المالي،وسوء الاداء الحكومي والمليشياوي في السلطة.
اراد سلامة في اطلالته الاعلامية الاولى بعد خروجه من التوقيف الاحتياطي، من تحميل الثنائي الشيعي والتيار العوني، مسؤولية الانهيار المالي وخسارة اموال المودعين، الرد بشكل اساسي ومباشر على موقف الثنائي الشيعي، وتحديدا رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بتغطية قرار توقيفه سياسياً، لانه لم يقم بأي خطوة لمنع وتعطيل هذا القرار، وتركه لمصيره، بالرغم من كل التسهيلات المالية ، والعطاءات المرئية والمخفية له ولأتباعه،كما التخفيف من الاجراءات والتعاميم التي تمنع التحويلات المالية المشبوهة لحزب الله من الخارج الى لبنان.
قدَّم رياض سلامة نفسه بمثابة «كبش فداء «عن ممارسات وسياسات الثنائي الشيعي والتيار العوني، لتبرئة نفسه من مسؤولية الانهيار المالي امام الرأي العام والمواطنين، الذين خسروا ودائعهم، وإن استند الى بعض المواقف الخجولة، التي لا تقدم او تؤخر، بل اكثر من ذلك، لم يتطرق الى موقف حاسم اتخذه لوضع حد للتدهور كالتلويح بالاستقالة مثلا، كما فعل سلفه الحاكم السابق ادمون نعيم، الذي تجرأ ورفض طلبات الاستدانة الحكومية. واكثر من ذلك تولى سلامة تغطية المصرف لسياسة الدعم التي كلفت المصرف المركزي مليارات الدولارات التي خصصت لتعويم نظام بشار الاسد وجيوب المنتفعين يومذاك، ولكنه لم يستطع تقديم اي ادلة ملموسة تثبت انه غير مسؤول عما حصل.
كلام ومواقف رياض سلامة فضحت بعض جوانب السياسات النقدية ودوافعها في مرحلة تسلط ثلاثي الثنائي الشيعي والتيار العوني على السلطة بقوة السلاح، ولكنه تجاهل الدوافع والطموحات الشخصية لالتزامه الصمت والموافقة الضمنية طوال هذه المرحلة، وكان الاجدى به اعلان هذه المواقف في وقتها لمنع الانهيار الذي حصل، وقد يكون اوانها متأخرا في الوقت الحاضر.