مدرّبو «اللبنانية» يصعّدون ضد «عقود غامضة»
توسّعت مروحة الاعتراضات في أوساط المدربين في الجامعة اللبنانية على قرار رئاسة الجامعة الأخير المتعلق بتوقيع عقود بشروط جديدة، على خلفية أنها تتضمن «عبارات غامضة وغير معهودة» مثل تقاضي تعويضات شهرية وفق «أجر الوحدة» أو «وحدة الساعات»، في حين لم تطبّق الإدارة الجامعية القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة الرقم 499/2023، والذي أبطل تعميماً للرئيس السابق فؤاد أيوب فرض عليهم تنفيذ دوام عمل كامل محدد بـ35 ساعة أسبوعياً، أي بما يفوق الساعات المحددة في عقودهم، فيما تدفع لهم المستحقات على أساس العقود، وليس على أساس ساعات العمل.
أما القرار الجديد فينص على أن ينفّذ المدربون الأعمال المكلفين بها وفقاً للأنظمة والتعاميم المرعية الإجراء في الجامعة، وأن يتقيّدوا بدوام العمل الرسمي بناءً على تعليمات رئيس الوحدة، على أن يتقاضوا تعويضاتهم شهرياً على أساس وحدة قياس تُسمى «وحدة الساعة». كما يستفيدون من تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في انتظار صدور قرار قبول انتسابهم إلى تعاونية موظفي الدولة.
ومع أن هناك مرسوماً يشير إلى أن المدرب يتقاضى ثلثي ما يتقاضاه الأستاذ المتفرغ في الجامعة، فإن 90 في المئة من عقود المدربين اليوم لا تتجاوز، بحسب مصادرهم، 750 ساعة، فيما أجرة الساعة توازي 60 ألف ليرة فقط، علماً أنهم لا يأخذون بدل الإنتاجية الذي يأخذه موظف القطاع العام بل بقبضون 375 دولاراً أسوة بأستاذ التعليم الثانوي، كما باتت تقديمات صندوق التعاضد للعاملين «هزيلة»، واستعيض عن المنح الدراسية باتفاقات مع مراكز صحية داخل الجامعة لا تغني ولا تسمن، على حد تعبيرهم. ويشير هؤلاء إلى أن النقص الحاد في أعداد الموظفين في الجامعة يفرض زيادة الأعمال، ما يجعلهم يطالبون برفع قيمة العقود إلى أكثر من 1000 ساعة بدلاً من 750 (الحد الأقصى حالياً).
الجامعة تنتظر رد مجلس شورى الدولة على طلب استشارة لتعديل صيغة العقود
وفي موازاة توقيع جزء كبير من المدربين حتى الآن للعقود الجديدة «لضمان تقاضي المستحقات آخر الشهر»، سلكوا المسار القانوني بتوكيل المحامي علي عباس الذي يتجه في اليومين المقبلين إلى تقديم شكويين الأولى إدارية أمام ديوان المحاسبة والثانية جزائية أمام النيابة العامة التمييزية لمخالفة تطبيق قرار قضائي، مشيراً إلى أن «المدربين يتعرضون لشتى أنواع التهديد والابتزاز على قاعدة مش عاجبك فل».
وكان عباس رفع كتاب تحفظ إلى رئاسة الجامعة يطالب فيه بتوضيح الغموض في العقود وتغيير ما تضمنته من عبارات غير معتادة وإفادة المدربين بأسباب عدم الالتزام بقرار مجلس شورى الدولة، علماً أن القرار «ملزم وغير قابل للتعديل، ولا يمكن للمجلس أن يعطي استشارة مخالفة لقرار صدر عنه»، مشيراً إلى أن «كل توقيع تجبر الجامعة المدربين عليه باطل ومنعدم الوجود ويُعتبر مخالفة لقرار قضائي ملزم ونهائي وغير قابل للطعن». وأوضح عباس أن عقود المدربين صادرة في مجلس الوزراء ولا يمكن تعديلها، وأن يطلب من المدربين أن ينفذوا ساعات عمل بلا أجر.
إلى ذلك، دخلت الهيئة التنفيذية لرابطة العاملين في الجامعة على خط الاعتراض بعدما كانت انتهجت مسار الحوار على خلفية «أننا نريد أن نأكل العنب». وأشارت في بيان إلى أنها تيقنت من حدوث «تحايل كلامي» لجهة توزيع معين لأموال بدل الإنتاجية يناقض تماماً الاتفاق مع إدارة الجامعة. ودعت إلى إيجاد حل وزاري أو داخلي لتحسين قيمة الإنتاجية، أو أي صيغة لخلق مساعدة إضافية، إذ إن مجموع الرواتب الحالية مع الإنتاجية غير كافٍ لتأمين معيشة كريمة، ولا حتى لتسديد الأقساط المدرسية.
وطالبت بتقديم تفسير واضح للمصطلحات المستخدمة في عقد المدربين الجديد، إضافة إلى رفع أجر ساعة المدرب إلى ثلثي ساعة الأستاذ الجامعي، كما كانت سابقاً.
على المقلب الآخر، علمت «الأخبار» من مصادر في الجامعة أن إدارتها تقدمت فعلاً بطلب استشارة مجلس شورى الدولة بالصيغة المعدّلة للعقود، إلا أن «الجواب تأخر، ولا يمكن صرف المستحقات من دون توقيع العقود». وقال رئيس الجامعة بسام بدران إن الجامعة «تقدم كل التسهيلات المطلوبة لإنصاف المدربين وتحسين شروط عملهم، وقد ساهمت في تحويل عقودهم من عقود مصالحة إلى عقود رسمية صادرة في مجلس الوزراء وهو مطلب يعود إلى 20 عاماً، ودعمت صندوق التعاضد، وتسعى إلى إدخالهم في تعاونية موظفي الدولة، وعقد اتفاقات صحية مع المركز الصحي الجامعي وكلية طب الأسنان بما يسمح لهم الحصول على استشارات طبية بكلفة منخفضة، فيما تطلب الجامعة في المقابل أن يداوموا وأن يقوموا بكل واجباتهم لحماية المؤسسة والحفاظ على استمراريتها».