هل الدورات المفتوحة لانتخاب رئيس سابقة؟
هل ما سيشهده لبنان سابقة، أم أن البرلمان سبق أن انتخب رؤساء للجمهورية بدورات متتالية تخطت الدورتين؟ وهل يستطيع المجلس التشريع وتعديل الدستور إذا أبقى جلسة الانتخاب مفتوحة؟
يُكرّر رئيس مجلس النواب نبيه بري أن جلسة التاسع من الشهر الحالي ستكون بدورات مفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية. فهل ما سيشهده لبنان سابقة، أم أن البرلمان سبق أن انتخب رؤساء للجمهورية بدورات متتالية تخطت الدورتين؟ وهل يستطيع المجلس التشريع وتعديل الدستور إذا أبقى جلسة الانتخاب مفتوحة؟
الرقم 13 نذير شؤم في بعض السرديات، فهل تخالف نتائج الجلسة الـ13 لانتخاب رئيس ذلك الاعتقاد بعدما أخفق البرلمان في إنجاز الاستحقاق الانتخابي منذ 29 أيلول/ سبتمبر 2022 وحتى 14 حزيران/ يونيو 2023؟
هي المرة الأولى في تاريخ لبنان يصرّ رئيس مجلس النواب على استمرار جلسة انتخاب رئيس للجمهورية مفتوحة وبدورات متتالية، إلى أن ينجز الاستحقاق الانتخابي ويكون للبنان رئيس بعد أكثر من سنتين وشهرين على الفراغ في سدة الرئاسة.
لكن هل الدورات المفتوحة، في حال عدم التمكن من الانتخاب بغالبية 65 صوتاً بعد الدورة الأولى، ستبقي المجلس هيئة انتخابية لا يمكنها التشريع قبل إقفال المحضر وبالتالي رفع الجلسة؟
في لبنان درجت العادة على تفسير الدستور وفق أكثر من نظرية متعارضة، كما هي حال المادة 75 التي تنص على أن “مجلس النواب الملتئم لانتخاب رئيس للجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية، ويترتب عليه الشروع في انتخاب رئيس الدولة من دون مناقشة أي أمر آخر”. وعليه، فإن البرلمان لا يستطيع التشريع ولا تعديل الدستور ما دامت جلسة انتخاب الرئيس منعقدة، ملتئمة أو مفتوحة الدورات.
لكن هل المجلس يتحول إلى هيئة ناخبة في شكل دائم، أم فقط عندما يلتئم للشروع في الانتخاب؟
وزير العدل السابق سليم جريصاتي يوضح لـ”النهار” أنه “عند افتتاح الجلسة لانتخاب الرئيس يصبح المجلس هيئة انتخابية عملاً بالمادة 75 من الدستور، ولا يستطيع على الإطلاق التشريع، وفي حال ترك الجلسة مفتوحة عندها أيضاً لا يستطيع المجلس أن يشرع، ويبقى أمر تحديد موعد جلسات الانتخاب منوطاً برئيس المجلس، إذ إنه قرار إداري يعود له حصراً”.
ويلفت جريصاتي إلى أنه “في حال كان هناك تشريع للضرورة، وعملاً بالمادة 16 من الدستور التي تنيط التشريع بهيئة واحدة فقط هي مجلس النواب، وهي المهمة الأساسية له، فيمكن رئيس المجلس تحديد موعد للجلسة من خلال قرار إداري، على ألا يكون المجلس في أي حال ملتئماً لانتخاب رئيس، أو تكون جلساته مفتوحة للانتخاب”.
أما عن تعديل الدستور فيشير إلى “وجوب احترام الأصول الجوهرية للتعديل، والتي لا يمكن تجاوزها لكونها منصوصا عليها في المادتين 76 و77 من الدستور، وهي أصول تتلخص بالآتي:
يمكن إعادة النظر في الدستور بناء على اقتراح رئيس الجمهورية، فتقدم الحكومة مشروع القانون إلى مجلس النواب، الأمر غير المتاح راهناً بسبب غياب الرئيس، أو أن يعاد النظر فيه بناء على طلب مجلس النواب، على أن يكون المجلس منعقداً خلال عقد عادي، وهو الأمر غير المتوافر راهناً لكون العقد العادي الأول بحسب المادة 32 من الدستور يبدأ يوم الثلثاء الذي يلي 15 آذار/ مارس وتتوالى جلساته حتى نهاية أيار/ مايو، والعقد العادي الثاني يبدأ يوم الثلثاء الذي يلي 15 تشرين الأول/ اكتوبر حتى نهاية كانون الأول/ ديسمبر، وبالتالي اليوم ليس المجلس في عقد عادي”.
ويلفت إلى أن ما “قيل في السابق عن أن المهل تسقط عندما تخلو سدة الرئاسة من دون انتخاب رئيس، غير متاح في الدستور، إذ إنه لو قيض ذلك للمشترع الدستوري لنص عليه”.
ويضيف: “أما عن السابقة في انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية في ما سمي في حينه التعديل الضمني بحيازته 86 صوتاً من أعضاء المجلس، حتى لو أخذ بها ولم يُطعن بالأمر أمام المجلس الدستوري، فيكون الرئيس قد نصّب على كرسيه”.
وفي سياق آخر، يبقى البحث عن الصيغة التي سيعتمدها رئيس المجلس في حال عدم التمكن من انتخاب رئيس للجمهورية في الدورات المفتوحة واضطراره إلى تحديد موعد للدورات المقبلة.
لا سابقة عرفها لبنان ليبنى عليها، وبالتالي من المفترض أن يحدد رئيس المجلس موعداً لاستكمال الدورات المتتالية من دون أن يقفل محضر الجلسة، فإقفال المحضر يعني تلقائياً العودة إلى الجلسة الأولى، وبالتالي ضرورة أن يحصل المرشح للفوز بالرئاسة على 86 صوتاً في الدورة الأولى من الجلسة، لا أن يكتفى بغالبية الـ65 صوتاً، لأن الدورات لم تعد مفتوحة عندما يعلن رئيس المجلس إقفال المحضر.
أكثر من رئيس للجمهورية تم انتخابه في الدورة الثانية من جلسات الاقتراع بعد تعذر حصوله على غالبية الثلثين، ولكن هل انتخب رؤساء في الدورة الثالثة أو الرابعة؟
سابقتان شهدهما لبنان عندما أخفق المجلس في انتخاب الرئيس في الدورة الأولى وانتقل إلى الدورة الثانية من دون أن يتم الانتخاب.
ففي العام 1970، وبعد عدم حصول الرئيس الراحل سليمان فرنجية على غالبية الثلثين في الدورة الأولى، انتقل المجلس للانتخاب في الدورة الثانية حيث تكفي الغالبية المطلقة (النصف زائدا واحداً)، ولكن لدى عدّ الأوراق تبين وجود 100 ورقة اقتراع بينما عدد النواب كان 99، وعندها تم إلغاء دورة الانتخاب وإعادة توزيع الأوراق ومن ثم كان احتساب الأصوات، فاز فرنجية بحصوله على 50 صوتاً.
والأمر تكرر عند انتخاب الرئيس ميشال عون عام 2016 بعد الانتقال إلى الدورة الثانية، ولدى عد الأوراق تبين أن العدد 128، بينما عدد النواب الحاضرين كان 127، فألغيت الدورة وأعيدت مرتين للسبب عينه، ولم يتم احتساب الأصوات فيهما، إلى أن تم الانتخاب بحصوله على 83 صوتاً.