عودة سعودية قوية إلى لبنان وزيارة مرتقبة لـ بن فرحان
تعود المملكة العربية السعودية إلى لبنان من بابه العريض وعلى مستوى عال، من خلال الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، وهي الأولى له بعدما انحصرت الجهود الديبلوماسية للمملكة بمستشار الديوان الملكي المسؤول عن الملف اللبناني آنذاك نزار العلولا، بمواكبة ومتابعة من السفير السعودي في بيروت وليد بخاري.
هذه الزيارة تذكّر اللبنانيين بحقبة أواخر السبعينيات والثمانينيات عندما كان يأتي وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل إلى بيروت، من أجل السعي إلى وقف الحرب الأهلية . فماذا عن زيارة الأمير فيصل بن فرحان في هذا التوقيت، ربطاً بحراك السفير بخاري من خلال لقاءات متتالية مع مسؤولين لبنانيين ومرجعيات سياسية، حيث توالت لقاءاته مع نواب وشخصيات أمنية، ومنهم من المرشحين البارزين لرئاسة الجمهورية، كقائد الجيش العماد جوزف عون الذي زار الرياض قبل أيام، وصولاً إلى اجتماعه الأخير بالنائب نعمة افرام، الذي أعلن ترشحه رسمياً لرئاسة الجمهورية، من دون إغفال اللقاء الرباعي لنواب “اللقاء التشاوري المستقل” إبرهيم كنعان والياس بو صعب وسيمون أبي رميا وآلان عون، حيث التواصل قائم؟
كل هذا يعني أن المملكة عادت إلى لبنان، وثمة معلومات تؤكد أن هناك ملفا جديدا أوكل إلى بعض المحيطين بوزارتي الخارجية والدفاع، عبر لقاء الأمير خالد بن سلمان قائد الجيش، وهو وزير للدفاع وشقيق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ما يعني أننا أمام مرحلة جديدة. ولكن يُنقل أنه خلال زيارة قائد الجيش للمملكة، لم يتم التطرق إلى أن السعودية داعمة لترشيحه، وهو ما حصل مع كل الشخصيات التي التقاها بخاري، بمعنى أن الرياض ليس لديها مرشح بعينه، لكنها حددت مواصفات.
وتردف المصادر أن الملف السعودي بات مباشرة في عهدة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان والأمير زيد بن فرحان، أي ضمن الخارجية، وصولاً إلى الاهتمام الذي كان واضحاً من وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان الذي التقى العماد عون، ما يعني أن الملف ممسوك ديبلوماسياً وأمنياً من المملكة، وهذه المسألة قد تعتبر بمثابة خريطة جديدة في إطار العلاقة التي ستتبدل وتتغير بوضوح عما كانت في الماضي، أي أنه لم يعد للأطراف والزعامات والمرجعيات السياسية الدور في بناء العلاقات، والأمور محصورة بين دولتين وحكومتين، مع الحفاظ على كل الصداقات.
والحال أن الواقع الجديد يأتي في إطار استراتيجية السعودية لعلاقاتها مع الدول، ومن ضمنها سيكون لبنان. وعليه، ليس من ضغوط، بل تمنٍ سعودي على لبنان لانتخاب الرئيس، إذ سيقول الأمير فيصل بن فرحان للمسؤولين اللبنانيين ما سبق أن أشار إليه، ومؤداه أن عليكم بالإصلاحات والتوافق في ما بينكم، والمملكة جاهزة لدعمكم، بمعنى أن “زمن الأول تحول”، إذ لم يعد مقبولاً أن يكون لبنان بعيداً من انتظام المؤسسات، وهو ما أوصل الوضع إلى ما هو عليه حالياً.
توازياً، يُنقل أن الموفد الفرنسي جان- إيف لودريان سيصل إلى بيروت بعد الأعياد، وثمة تنسيق بين الرياض وباريس لمتابعة اللقاءات التي سبق أن عقدت في العاصمتين السعودية والفرنسية، ودور الخماسية لم ينته مصرياً أو قطرياً، أضف إلى ذلك جهود واشنطن وباريس والمملكة. وعليه، واضح أن التقاطع الأميركي – السعودي – الفرنسي سيكون له دوره في انتخاب الرئيس، وذلك ضمن حل متكامل، يشمل إعادة الإعمار ومؤتمر الدول المانحة إذا سارت الأمور على ما يرام.
ويبقى أن وزير الخارجية السعودي سينقل لاءات حاسمة من المملكة للبنان، عبر انتخاب الرئيس وتأليف الحكومة والشروع في الإصلاحات وسوى ذلك، من دون إغفال ما خلّفه العدوان الإسرائيلي والوضع السياسي وبناء الجيش ودعمه، على أن يكون هناك دولة لا دولتان، وتُضبط الحدود نهائيا .