تقديرات البنك الدولي: 1.2 مليار دولار خسائر القطاع الزراعي
البنك الدولي أضرار القطاع الزراعي في لبنان بـ 124 مليون دولار بين 27 أيلول الماضي حتى الأسبوع الثالث من تشرين الأول 2024. وأشار إلى أن تراكم الخسائر منذ بداية العمليات العسكرية انطلاقاً من لبنان في تشرين الأول 2023، بلغت 1.1 مليار دولار ناتجة من تراكم الأضرار على الأراضي والمزارعين، ولا سيّما التدمير الذي أصاب المنشآت الزراعية كالبيوت البلاستيكية، والمزارع.
تضاربت إذاً تقديرات خسائر القطاع الزراعي الناجمة عن الحرب الصهيونية على لبنان بين وزارة الزراعة، وبين البنك الدولي. في وقت سابق من عام 2024، ضخمت الزراعة الأضرار والخسائر، وقدّرتها بـ3 مليارات دولار من دون تقديم منهجية الحساب المعتمدة. لكن، هذا لا يعني أنّ ما صدر عن البنك الدولي أخيراً يمثل رقماً صلباً يمكن الاستناد إليه لاحقاً في عملية التعويض. فالبنك الدولي، وبحسب «الملحق أ» المرفق بتقرير أصدره أخيراً عن خسائر لبنان بسبب الحرب، تحدث عن الأضرار إلى جانب الخسائر الفائتة على القطاع التي تشمل «سعر السوق للمحاصيل الزراعية، وإيرادات الثروة الحيوانية».
58 مليون دولار هي خسائر تعطيل حصاد الزيتون بسبب القصف والنزوح علماً أن 12% من أشجار الزيتون أتلفها القصف
وأوضح البنك أنه تم احتساب قيمة الخسائر بناءً على وحدة قياس معيّنة. مثلاً، ذكر أنّ خسارة كل هكتار مزروع بالموز يكلّف 2000 دولار على مستوى الشجر. ولحساب الخسارة في المحصول، اعتبر أنّ كلّ هكتار مزروع بالموز ينتج 10 آلاف كيلوغرام، سعر الكيلوغرام الواحد 70 سنتاً. ما يعني أنّ الخسارة الإجمالية لكل هكتار مزروع بشجر الموز تصل إلى 9 آلاف دولار. وتكرّرت هذه الطريقة في احتساب خسائر القطاع الزراعي على كلّ المحاصيل، فارتفعت وانخفضت وفقاً للمحصول والمنتج. على سبيل المثال، كلفة كلّ هكتار من شجر الزيتون 3400 دولار، وإنتاجه السنوي يساوي 650 كيلوغراماً بسعر 4 دولارات لكل كيلوغرام. ما يعني أن خسارة هكتار الزيتون بالكامل تصل إلى 6 آلاف دولار. أما كلفة الهكتار الواحد من نبتة الدخان، زراعةً وحصاداً، فتصل إلى 14300 دولار.
ولفت البنك الدولي في دراسته إلى أنّ المناطق التي تتعرّض للاعتداءات اليومية، توقف فيها بشكل شبه كامل العمل الزراعي، علماً أنّها «تسهم في تزويد الأسواق المحلية بمعظم الإنتاج الزراعي». وهي محافظات البقاع، بعلبك الهرمل، لبنان الجنوبي، والنبطية، وتشكل 57% من الأراضي اللبنانية. لكن لم يذكر التقرير مساهمة كلّ من المحافظات في الناتج الزراعي، بل ذكر رقماً إجمالياً لمساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي لهذه المناطق، وحدّدها بـ80%، وهو رقم كبير ومستغرب، ولا سيّما مع توجّه الناس إلى ترك الزراعة وتفضيلهم الأعمال التجارية التي تؤمن أرباحاً أسرع في ظل الإهمال الرسمي للزراعة. فأشجار الزيتون على سبيل المثال لا تشكل قطاعاً زراعياً منظماً. أي لا يعمل أصحابها عليها طوال السنة، بل في المواسم فقط، وفي غالب الأحيان، لا تزرع الأراضي المغروسة بالزيتون بأيّ زراعات أخرى.
ولفهم الخسائر الزراعية أكثر، والقطاعات الأكثر تضرراً، عدّد التقرير أنواع الزراعات المتركزة في مناطق محدّدة. فمحافظة لبنان الجنوبي فيها 64% من أشجار الحمضيات في البلاد، و94% من مزارع الموز، و15% من أشجار الزيتون، و44% من أشجار الفاكهة الاستوائية، بما في ذلك 63% من أشجار الأفوكادو. أما في البقاع، فينتج 70% من العنب اللبناني، 30% منها يستخدم في صناعة النبيذ. وتتركز في محافظة بعلبك الهرمل مزارع الماشية المنتجة للحليب ومشتقاته من ألبان وأجبان. إلا أنّ حوالى 60% من الأسر الزراعية الأكثر فقراً تتركز في الجنوب، وفقاً للتقرير.
ولدى الغوص أكثر في تفاصيل الأرقام، يظهر اختلاف لأثر الاعتداءات بين المناطق التي تتعرض للقصف اليومي. إذ تعاني المناطق القريبة من الحدود الجنوبية من أكبر الأضرار والخسائر. وبالعودة إلى الأرقام، تعاني المحاصيل في محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية من أضرار بقيمة 25 مليون دولار. وتؤدّي، إلى جانب النزوح، إلى خسائر تبلغ 601 مليون دولار أميركي على مدى 12 شهراً. إذ تقدر الخسائر في مزارع الموز وحدها بنحو 353 مليون دولار بسبب القصف المستمر، وعدم إمكانية الوصول إلى المزارع. وتقع هذه المزارع كلّها في صور وصيدا. أما بقاعاً، فتأثرت 23% من حقول البطاطا بالحرب، ما أدى إلى خسائر قدّرها البنك الدولي بـ111 مليون دولار. ودمرت الحرب 16% من مزارع العنب.
تأثير الحرب في مزارع الحيوانات
أثرت الحرب الصهيونية بشدّة في الثروة الحيوانية. بلغت الأضرار التي أصابت المزارع نحو 99 مليون دولار، ووصلت الخسائر بسبب موت الحيوانات من ماشية ودواجن إلى 533 مليون دولار. وكانت الحرب أشدّ تأثيراً في قطاع الدواجن الذي سجّل أعلى أضرار بلغت 297 مليون دولار، تليها مزارع الأبقار بـ154 مليون دولار. إلا أنّ الخسائر مرشحة للتفاقم، وفقاً للبنك الدولي، معيداً الأمر إلى اضطرابات إمدادات الأعلاف، وترك القطعان بسبب النزوح، ما يعقّد جهود التعافي في المستقبل.