مؤتمر باريس: كيف سيلبي حاجات لبنان في ظل الحرب؟
احتضنت العاصمة الفرنسية باريس مؤتمراً دولياً استثنائياً لدعم لبنان في ظل تصاعد الأزمة الإنسانية واشتداد الصراع المستمر بين حزب لله وإسرائيل. بمشاركة واسعة شملت نحو 70 دولة و15 منظمة دولية، جمع المؤتمر أكثر من مليار دولار من التعهدات من المجتمع الدولي لدعم لبنان. وقُدرت المساعدات بنحو 800 مليون دولار للمجالات الإنسانية، بينما خُصص نحو 200 مليون دولار لدعم الجيش اللبناني.
وبالإضافة إلى تزامن هذا المؤتمر مع استمرار الحرب بين حزب لله واسرائيل، ولكن تزامن أيضاً مع إعلان مجموعة العمل المالية والدولية عن إدراج لبنان على اللائحة الرمادية ما خلق تساؤلات إضافية عن هذا التوقيت المتزامن في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان نتيجة الحرب مع حزب لله،ولكن ما هي انعكاسات هذا المؤتمر على لبنان في ظل استمرار الحرب وعبئ النازحين المتزايد؟
رئيس وحدة الدراسات في بنك بيبلوس نسيب غبريل يقول بأن هذا المؤتمر له هدفين رئيسيين الأول وهو تأمين مساعدة إنسانية مستعجلة للبنان،والثاني دعم القوات المسلحة وفي طليعتهم الجيش اللبناني بالتحديد وهذا المؤتمر أدى إلى تعهدات ب 800 مليون دولار كمساعدات إنسانية و200 مليون دولار مساعدات للجيش والقوى الأمنية،والهدف الإضافي هو إظهار الدعم الدولي للبنان بسبب الحرب الدائرة وأنه غير متروك.
ويكشف غبريل أنه خلال المؤتمر قدمت السلطات اللبنانية تقرير عن الحاجات التي يتطلبها لبنان في المرحلة الحالية،وهذه الحاجات تدخل ضمن شقيين : الأول معالجة الحاجات الآنية والملحة المعيشية في آخر ثلاث أشهر من السنة الحالية ب 426 مليون دولار،وهذا النداء أطلقته الدولة اللبنانية بالتعاون مع الأمم المتحدة في الأول تشرين الأول لأن الأولوية الكبرى تكمن بأن يحسنوا أماكن الإيواء الذي يتواجدوا فيها النازحين باعتبار أن فصل الشتاء اصبح على الأبواب،أما الشق الآخر وهو 678 مليون دولار تتعلق بما تحتاجه الدولة من تمويل لكي تستكمل الخدمات الأساسية كالحماية الإجتماعية والإتصالات والتغطية الصحية والبيئة والطاقة وسواها.
ويضيف بأن «الـ 678 دولار هو أيضاً من أجل تأهيل بعض هذه القطاعات وتحسين خدماتهم، واستمراريتها في ظل وضع لبنان الراهن، ضمن اطار الدعم الإنساني للبنان واللبنانيين والجيش اللبناني أي أن هذا الدعم ترجم بمليار دولار تعهدات وعلينا الإنتظار إلى نهاية الحرب لكي نرى ما إذا كانت هناك الإندفاعة ذاتها لدعم لبنان للنهوض بالإقتصاد من ناحية عملية إعادة الإعمار لنتمكن من الخروج من الأزمة بمساعدة أصدقاء لبنان والمجتمع الدولي».
ويشدد على أن اللافت في هذا المؤتمر بأنه لم يتطرق سواء بشكل مباشر أو غير مباشر للشق الإقتصادي بالأزمة أو التداعيات الإقتصادية لها، فقط حصرت أهدافه بالدعم الإنساني وكيفية مساعدة لبنان في هذا الصعيد، وإظهار على أن لبنان ليس متروكاً بشكل مطلق،وبالإضافة إلى البلدان الصديقة التي شاركت في المؤتمر هناك 70 مؤسسة متعددة الأطراف شاركت فيه أيضاً.
أما على المستوى الإقتصادي فيرى غبريل أنه من المبكر الحديث عن تأثير الحرب على الإقتصاد على الرغم من الخسائر اليومية التي يتكبدها الإقتصاد لأن الأرقام التي تكب في الإعلام عن الخسائر المباشرة وغير المباشرة تحولت فعلياً إلى مزاد هدفه فقط السباق على المزايدات بحجم الأضرار على الإقتصاد ولم تنتهي الحرب بعد لحد الآن.
ويذكر بأنه عند انتهاء حرب تموز عام 2006 جرى هناك مسح ميداني مستقل وعلمي هدفه الرئيسي تقدير الخسائر المادية،وهذا المسح سمح آنذاك بتقدير كلفة هذه الخسائر بالدولارات،وتم تقدير هذه الخسائر أيضاً على مستوى الحركة الإقتصادية والمالية العامة أيضاً لذلك في هذا الوقت من الصعب التكلم عن الخسائر المباشرة وغير المباشرة للإقتصاد في خضم الحرب وهذا الأمر مبكر لآوانه.
ويختم غبريل:«أي تقديرات عن الخسائر المباشرة أو غير المباشرة للإقتصاد هو في غير مكانه في ظل استمرار الحرب، ويومياً هناك خسائر مباشرة وغير مباشرة على الإقتصاد وفرص ضائعة على الإقتصاد اللبناني،أما فيما يتعلق بتزامن توقيت المؤتمر مع وضع لبنان على اللائحة الرمادية فهذا الأمر ليس له علاقة بالمؤتمر ومضمونه باعتبار أن مجموعة العمل المالي والدولي تجتمع ثلاث مرات في السنة في شباط،حزيران،وتشرين الأول من كل سنة لذلك تزامن اجتماعها الأخير الذي وضع لبنان على اللائحة الرمادية مع المؤتمر الفرنسي من دون أن ننسى أن مجموعة العمل المالي لم تضع لبنان على اللائحة الرمادية فجأة،إنما وضعت المجموعة في أيار 2023 تقرير مفصل عن نظام لبنان لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتقدم للسلطات اللبنانية في حزيران من العام نفسه وهذا التقرير المفصل تضعه المجموعة كل 10 سنوات لكل بلد على حدة إلى أن وقع الدور على لبنان وليس لأي غاية أخرى وهي تشمل هذه الآلية كل بلدان العالم».