لبنان على اللائحة الرمادية…والمركزي حافظ على ٦مصارف مراسلة
بعدما أعطته أكثر من فرصة و كما كان متوقعاً وضعت مجموعة العمل المالي” فاتف” لبنان على اللائحة الرمادية ، بعدما تقاعست السلطات اللبنانية عن تطبيق الإجراءات والإصلاحات المطلوبة، وإن كان مصرف لبنان حاول جاهداً تجنب هذا الأمر وقام بكل الخطوات المطلوبة من أجل ذلك، لكن الحكومة اللبنانية تقاعست عن تطبيق الإصلاحات في وقت السلم فكيف ستقوم بتطبيقها في زمن الحرب التي كانت عاملاً إضافياً لوضع لبنان على اللائحة الرمادية، فضلاً عن عدم الاستقرار السياسي واستمرار الشغور الرئاسي منذ حوالى عامين مع حكومة تصريف أعمال ومجلس نيابي مشلول غير قادر على التشريع، وكل هذا يأتي في ظل تزايد ونمو الاقتصاد الكاش وعدم مكافحة تبييض الأموال وعدم مكافحة تمويل الارهاب التي هي العوامل الأساسية لوضع اي دولة على اللائحة الرمادية .
فما هي التداعيات الاقتصادية لهذا التصنيف وهل سيؤثر في التحويلات المالية وفي سعر الصرف ؟
في هذا الإطار يستبعد الباحث الاقتصادي والمالي الدكتور محمود جباعي في حديث للديار أن يكون لهذا القرار تداعيات نقدية أو مالية أو تداعيات على التحويلات المالية إلى لبنان،” لأن المصرف المركزي كان قد أرسى معايير شفافية نقدية ومالية مع المصارف عالية الدقة في المرحلة الماضية، وهذا ما كانت تثني عليه مجموعة فاتف”.
وأشار جباعي إلى أن ” فاتف” بقرارها هذا تؤكد ان لبنان سيخضع للرقابة في ما يخص مكافحة تبييض الأموال ودعم الإرهاب، وأيضًا في ما يتعلق بالتهرب الضريبي والتهرب الجمركي، “وهذا ما ركزت عليه المجموعة في توصياتها “.
ويطمئن الدكتور جباعي أن لا تأثير نقدي في سعر صرف الليرة والدولار عكس ما يحاول البعض الإشارة إليه، “وهو أمر مؤكد “.
كما طمأن جباعي أيضًا أنه لن يكون هناك تأثير في التحويلات من المغتربين إلى لبنان، سواء عبر المصارف أو عبر شركات تحويل الأموال الأخرى، “لأن الحاكم بالإنابة الدكتور وسيم منصوري والمجلس المركزي لمصرف لبنان تمكنا من المحافظة على علاقة مع ستة مصارف مراسلة، وهذا أمر ممتاز جدًا في المرحلة المقبلة، حيث سيستطيع لبنان أن يتعاطى مع هذه المصارف مما يسهل عملية دخول الأموال إليه وخروجها منه طلبًا للاستيراد كما يحصل عبر تقديم الطلبات الى المصارف”.
وإذ أكد جباعي على أنه لن يكون هناك أي تداعيات تذكر على صعيد التحويلات أو الصعيد النقدي والمالي، اعتبر أن هذا التصنيف هو إنذار للدولة اللبنانية، التي عليها أن تعمل على إصلاح ما يطلب منها في هذه الورقة، قبل أن تذهب إلى المحظور أو تواجه مشكلة أكبر و يتم إدراجها على اللائحة السوداء، مشدداً على ضرورة أن تتعامل الدولة اللبنانية مع الأمر بجدية في المرحلة المقبلة”.
ويتوقّع الدكتور جباعي، أن تلتزم الدولة اللبنانية بالتوصيات، بخاصة إذا تم انتخاب رئيس للجمهورية قريباً وانتهت الحرب وتشكلت حكومة جديدة تلتزم بمعايير الشفافية المطلوبة من المجتمع المالي الدولي، مشيرًا إلى “وجود بوادر انفتاح عربي ودولي على لبنان، كما حدث في مؤتمر باريس الذي استطاع تأمين أكثر من مليار دولار دعمًا للبنان، مما يؤكد أن المجتمعين الدولي والعربي لن يتركا لبنان، سواء من خلال المساعدات أو في الأمور المالية والسياسية”.
ودعا جباعي الدولة اللبنانية بكل أطيافها إلى الالتزام بالتوصيات سيما في مجال تطبيق الإصلاحات الضرورية في شتى المجالات من أجل الخروج من هذا التصنيف في المستقبل.
وبرأي جباعي أن أهم هذه الإصلاحات تكون بوضع خطة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي على أن تكون هذه الخطة شفافة ومرتبطة بمعايير مالية ونقدية حقيقية تعيد النشاط لهذا القطاع بشكل طبيعي وتحمي أموال المودعين مؤكداً أن هذا السبيل الوحيد الذي يمكن أن يساهم في مكافحة تبييض الأموال ومكافحة الاقتصاد النقدي ” مما يمهد الطريق أمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي و يعطي مزيدا من الشرعية للعمليات النقدية والمالية في البلاد.
واعتبر جباعي أن هذا التصنيف ليس نهاية المطاف، “بل يجب وضع الأمور في نصابها، فهناك دول كثيرة وضعت على اللائحة الرمادية ثم خرجت منها، ولبنان يستطيع الخروج منها ما دام هناك قواعد سليمة في التعاطي مع الشفافية النقدية والمالية”.
وإذ نوّه الدكتور جباعي بـإجراءات مصرف لبنان التي ساهمت في التخفيف من وطأة اللائحة الرمادية، نصح جميع مكونات المجتمع اللبناني بالتعاطي مع الملف بجدية من أجل الوصول إلى حلول سريعة في السياسة والاقتصاد، وأيضًا في موضوع مكافحة تبييض الأموال.