شراكة الطوارئ والمؤسسات الرعائية
كارثة النزوح التي يرزح لبنان تحت وطأتها ، وما تحمله من ضغوط إنسانية في مختلف المجالات الإغاثية والمعيشية والإيوائية، تفوق طاقة البلد على مواجهتها منفرداً، نظراً للحجم المليوني لإعداد النازحين، فضلاً عن الفترة الزمنية القياسية التي ترك فيها أهالي الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية مناطقهم وبيوتهم، وتوجهوا إلى العاصمة بيروت، وإلى الأماكن، الآمنة نسبياً، في المناطق الأخرى.
بقي إستنفار هيئة الطوارئ يواجه التحديات المتناسلة ضمن الإمكانيات المتاحة، مالياً وإغاثياً، على الصعيد المحلي، ولكن متطلبات مواجهة الواقع المرير كانت أكبر بكثير من تلك الإمكانيات المتاحة، رغم تجاوب العديد من المبادرات الفردية في مد يد العون، وتقديم المساعدات الممكنة، كلٌ حسب قدراته.
ثم جاء تدفق المساعدات من الدول العربية خاصة، وبعض الدول الأوروبية، ليسد بعض الحاجات الملحة لمئات الألوف من العائلات النازحة، حيث كانت دولة الإمارات العربية سباقة في تخصيص مائة مليون دولار بتوجيه من رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد، حمل مساعداتها جسر جوي ساهم، وإلى حد كبير، في تخفيف تداعيات أزمة قلة الموارد عند الدولة اللبنانية. ثم كرّت رحلات الدعم الإنساني من قطر والأردن ومصر والكويت وبعض الدول الأوروبية، تضامناً مع الشعب اللبناني المنكوب في محنته مع العدوان الإسرائيلي الوحشي.
ولكن تدفق المساعدات وحده لا يكفي لتلبية حاجات أهلنا النازحين، إذا لم تتوافر البنية التحتية الضرورية، وما تحتاجه من فرق عمل ناشطة، وتتمتع بالخبرة والكفاءة اللازمين، لضمان وصول المساعدات في وقتها المناسب، خاصة وأننا على أبواب فصل الشتاء.
من هنا أهمية أن تعمد هيئة الطوارئ إلى الإستعانة بخبرات وقدرات المؤسسات الإيوائية والإجتماعية، العاملة على إستيعاب المئات من اليتامى وذوي الإحتياجات الخاصة، والأطفال الأكثر فقراً، للإستفادة من إمكانياتهم المتوفرة، سواء بالنسبة للإيواء، أو تقديم وجبات الطعام، أو حتى فرز وتوضيب المساعدات العينية، ليتم توزيعها وإيصالها لمستحقيها، في أسرع وقت ممكن.
هذه الشراكة في العمل وتوزيع المهمات بين هيئة الطوارئ والمؤسسات الرعائية ذات القدرات المهنية، والسمعة الحسنة، ( دار الإيتام الإسلامية، كاريتاس.. وغيرها) من شأنها أن تُضاعف إنتاجية الطوارئ من جهة، وتزيد سرعة حركة توزيع المساعدات للعائلات النازحة، والتي تعاني من ظروف معيشية صعبة.
رئيس هيئة الطوارئ الوزير ناصر ياسين يملك من تجارب العمل مع المؤسسات المدنية الفاعلة من خبرات ما يُشجع على ضمان نجاح التجربة الجديدة.