تخصيص المودعين بإيرادات ضريبية: باب لترميم العلاقة بين المودع والمصارف؟

 

أصدرت حكومة تصريف الأعمال في الأسابيع الماضية مرسوماً يقضي بإحالة مشروع قانون إلى مجلس النواب يرمي إلى «تخصيص بعض الإيرادات الضريبية لتمويل صندوق استرجاع الودائع»، ويلجأ هذا المرسوم إلى فرض الضريبة بمفعول رجعي باعتبار أن المسألة كلّها تدور حول توزيع خسائر القطاع المالي التي ترفض المصارف تحمّلها، وسيتم تضمينه أصولاً عائدة إلى الدولة من مؤسسات وصناديق وتخصيص الإيرادات الناتجة من إدارة هذه الأصول لتسديد جزء من الخسائر.

رئيس لجنة الدفاع عن حقوق المودعين في نقابة المحامين المحامي كريم ضاهر يوضح في هذا السياق أن أهمية هذا المرسوم هو أن طرحه وإصداره جاء بالتزامن مع تحمل المودعين لوزر الإنهيار الإقتصادي الحاصل، في ظل العجز عن فعل أي شيء يذكر بما فيها إعادة هيكلة المصارف،والإتيان بقانون معين يحصر التعويض بفئة معينة من الناس والمواطنين ولا يشمل بقية الأشخاص المتسببين بالإنهيار الذي يعيشه اللبنانيون،لذا الهدف الأول من هذا القانون هو الحل المتكامل الذي يأتي إما عن طريق تطبيق القوانين الحالية كقانون (2/67)،وكنقابة محامين ولجنة حماية حقوق المودعين كنا قد باشرنا في بداية العام 2022 بحملة هدفها تطبيق هذا القانون.

ويشير ضاهر في حديثه لـ«اللواء» إلى أنه فيما يتعلق بالدعاوى التي تم التقدم بها في بعض القرارات،فهناك بعض القرارات صدرت عن القاضية الخاصة اعتبرت أن هناك مشكلة نظامية،ورفضت آنذاك تطبيق القانون (2/67) وفي أبسط الأصول والقوانين لأنه ليس على القاضي أن يقرر ما إذا كانت هناك مشكلة نظامية أم لم تكن هناك مشكلة، باعتبار أن إقرارها يعود إلى مجلس النواب في حال إقرار قانون إعادة هيكلة شامل وكامل، لذلك إعادة الهيكلة هي الأولوية لأنه من المفترض أن يكون هناك تدرج في المسؤوليات للبدء بالتدرج في المسؤوليات وتحديد الأجدى بالتعويض وتحديد العلاقة المباشرة بين المودع والمصرف.

ويردف قائلاً:«أي يجب البدء بأصحاب المصارف ومدراء ورؤساء وأعضاء مجلس إدارة الذي من المفترض أن يكونوا قد بدأوا بعملية إعادة تكوين رأس المال،أو يتحملوا في حال وقوع أخطاء إدارية وإستثمارية المسؤولية على ذمتهم الخاصة من خلال إسترداد جميع الأموال التي دفعت أثناء الهندسات المالية والتعويضات الإضافية وتوزيع الأرباح و تحصيل الفوائد المرتفعة عن الفائدة العادية واسترداد الأموال التي تم تحويلها بعد 17 تشرين 2019، وهذه العملية ليست مخالفة للقانون لأنه لغاية تاريخ اليوم لا يوجد قانون يمنع القيام بهذا الأمر، فأول قرار ناظم لمصرف لبنان كان في 9 نيسان عام 2020 وأول نص قانوني حدد قيوداً على السحوبات كان التعميم 150 و151 الذي صدر في هذا التاريخ فضلاً عن إسترداد الأموال الآتية من أعمال الفساد والهدر وغيرها من خلال قوانين أقرت لهذا الهدف.»

ويرى أن تحقيق هذا الأمر هو مرتبط بقرار سياسي،ومرتبط بمن هو على إستعداد بالسير بإعادة الهيكلة وتحمل المسؤولية من خلال رد الأموال إلى أصحابها،فمنذ خمس سنوات حتى الآن لا زلنا في الحلقة المفرغة ذاتها بسبب عدم قرار سياسي واضح لحل هذه الأزمة، لأن النية هي أن لا يكون هناك قرار لحل أزمة المودعين من خلال المماطلة في معالجة هذه المشكلة، وتنتهي مع مرور الزمن بإعلان المودعين إستسلامهم من خلال الرضى بالأمر الواقع،أي بأقل بكثير مما هو قائم في الوقت الحالي، وهذا ما نشهده اليوم من خلال رضى المودع بأخذ أموالهم على الـ15000 ليرة أي هيركات بنسبة 85%،فمن المتوقع مستقبلاً أن يقبل بما هو أقل بناءً عليه،لذلك فإن هدف مشروع القانون بأن يكون هناك بداية معينة من مكان معين لحل هذه الأزمة من خلال تأمين إيرادات،وزيادة مبالغ من خلال الصندوق المقترح لإعادة تعويض المودعين،فمن الممكن العثور على آلية محصورة بخيارين إما الصندوق المتعلق بقانون 214/2022 الذي يتطرق إلى إسترداد الأموال المتأتية من أعمال الفساد وتبيض الأموال، وهذا الصندوق له آلية محددة له باعتبار أن هناك قانوناً صدر فيه،أم من خلال وضع حساب إئتماني في مصرف لبنان لوضع فيه هذه الأموال ويتم تخصيصهم للمودعين، ويتم إعطاؤهم من قبل مصرف لبنان إلى المصارف لزيادة السحوبات الشهرية التي تعطى لهم على الـ 300 أو 450$ .»

ويختم ضاهر قائلاً«خلال زيارتنا لحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري وتكلمنا معه في هذا الموضوع،رحب بهذا المقترح ولكن قال لنا أنه بحاجة إلى قانون لتخصيص هذه الإيرادات والضربات لكي يصبح قيد التنفيذ، وهذا هو الهدف الأساسي من هذا المشروع وإقتراح القانون الملازم له وهو مساعدة على عدم بيع الوهم للمودعين والبدء في أسرع وقت ممكن على العمل من أجل تحسين أوضاع المودعين،والمتأثرون من هذا المشروع إستفادوا من وضع معين كان قائماً وهو تعاميم غير قانونية كان يصدرها مصرف لبنان وبالرغم من هذه الإستفادة هم ليسوا معنيين أيضاً في رد أموالهم،فنحن لسنا ساعين لخلق ضرائب جديدة كما يتم تصوير الأمر،وقمنا بدراسة وضع القوانين اللبنانية خصوصاً القانون المتعلق بضريبة الدخل الذي هو موجود منذ العام 1959،وفي هذا القانون في المادة الرابعة فقرة «د» يطبق مبدأ عام من خلال نصه على أن «أي إيراد يحققه شخص ولا يكون خاضعاً لضريبة نوعية أخرى،ولا يكون معفى بصورة صريحة فيكون خاضعاً لضريبة الباب الأول «وهي ضريبة التي تكون على الأفراد من 4 إلى 25%وعلى الشركات 17% ويقتضي تسديدها،وهذا قانون قائم ينذر بأن هناك ضريبة مترتبة ويجب تسديدها،لذلك أهمية مشروع القانون هو قائم على مبدأ تخصيص الضريبة وليس خلق ضريبة جديدة بدل أن تذهب إلى الخزينة وتصرف هدراً فتخصص للتعويض على من تأثروا في هذه العمليات.»

أما رئيس جمعية المودعين حسن مغنية فيؤكد أن هذه هرطقة سياسية لا قيمة لها،ولمحاولة القول بأن السلطة السياسية لا زالت تعمل في محاولة حل ملف المودعين،ولكن فعلياً من المستبعد أن تقوم السلطة أو الحكومة بحل هذه الأزمة.

ويشير مغنية لـ«اللواء» إلى أنه وكأن ملف «المودعين» مؤجل إلى حين تشكيل حكومة أصيلة،في عهد جديد أما في الوقت الحالي فلم يحدث أي شيء يتعلق بملف المودعين،والأمور في الوقت الحالي محصورة فقط بتعميم من هنا أو مرسوم من هناك.

ويؤكد أنه كحل جذري ونهائي لم يشهد اللبنانيون حلاً أو بوادر خطة للوصول إلى حل حتى،لذلك ستبقى الأمور على حالها وكجمعية مودعين أو باقي الجمعيات فمن المحتمل أنه لم يعد هناك أي قدرة لوجستية أو مادية لهذه الجمعيات لتنظيم تحركات،ومن الأساس المودعون نفسهم لم يتحركوا من أجل حقوقهم إن كان بسبب حالة الحرب التي يعيشوها أو بسبب حالة اليأس الضياع بسبب تداعيات الأزمة الإقتصادية المستمرة.

Leave A Reply

Your email address will not be published.