دور حاضنات الأعمال في إنقاذ المشاريع الصغيرة والمتوسطة من التعثر وتعزيز فرص النمو والنجاح

تؤدي المشاريع الصغيرة والمتوسطة دوراً محورياً وفعالاً في تنمية الاقتصاد الوطني وخلق فرص العمل، كما أنها تعتبر رافداً مهماً لدعم الإيرادات في الاقتصاد الوطني، بالرغم من أنها تواجه تحديات عديدة في المراحل الأولى من عملها. وهناك عدة أوجه لأهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الكويتي، مثل خلق فرص العمل من خلال توفير فرص عمل للمواطنين بالقطاع الخاص، والمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي وتنويع مصادر الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على القطاع النفطي، وذلك من خلال المساهمة في قطاعات أخرى، كالصناعة والخدمات، وهذا التنويع يعزز مرونة الاقتصاد وقدرته على التكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية والتحديات الناتجة عن ذلك. كما تسهم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تطوير المهارات والكفاءات لدى أصحاب المشاريع والعاملين فيها، وتعزز ثقافة ريادة الأعمال في المجتمع. وتبين التجارب العالمية أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهي من المحفزات الرئيسية للابتكار والتطوير، حيث تستطيع هذه المشاريع التكيف بسرعة مع التغيرات واستغلال الفرص الجديدة بشكل أفضل.

وتشير البيانات الاقتصادية والدراسات الأدبية الى الدور المهم الذي تؤديه المشروعات الصغيرة والمتوسطة في التنمية المحلية بالمناطق والمحافظات المختلفة، كما أنها تسهم في زيادة الدخل وتحسين مستوى المعيشة، وبما يؤسس لمنظومة تنموية محلية تقوم على توزيع الثروة بشكل أكثر توازنًا بين المناطق المختلفة، مما يقلل من الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بينها. وبشكل عام، تتميز المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالمرونة والقدرة على التكيف مع التغيرات الاقتصادية والسوقية، مقارنةً بالمؤسسات الكبيرة. لذلك يُعد تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الكويت وتشجيعها أحد أهم أولويات السياسات الاقتصادية في البلاد. ومن خلال البيانات والإحصاءات الاقتصادية المتوافرة، هناك عدة مؤشرات تبرز أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الكويتي كما يلي: • تسهم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بنحو 3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. (تقرير المركز المالي الكويتي 2020). • كما أن نحو 30 ألف مشروع صغير ومتوسط في الكويت تمثل 90 بالمئة تقريباً من إجمالي عدد الشركات، حيث يعمل 40 بالمئة من هذه المشاريع في قطاعات تجارة الجملة والتجزئة والفنادق والمطاعم، فيما يعمل 33 بالمئة منها في قطاعات البناء والصناعة.

(تقرير المركز المالي الكويتي 2020). • أشار تقرير الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) إلى أن أقل من 7 بالمئة من القوى العاملة الوطنية الكويتية، أي ما يمثل 27 ألف عامل كويتي يعملون في قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة. (جريدة الراي – 12 أبريل 2021). • ومن حيث التنوع الاقتصادي، فإن مساهمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في القطاعات غير النفطية تُعد محركاً رئيسياً ومهماً لتنويع الاقتصاد الكويتي وتقليل الاعتماد على النفط. وعليه تؤكد هذه الإحصاءات الدور المحوري والمتنامي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية الاقتصادية والتنويع الاقتصادي في الكويت. ووفقاً لإحصاءات الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الكويت، هناك مؤشرات مهمة تبرز أهمية هذه المشروعات التي تلقت دعماً من الصندوق، ويمكن إيجاز بعضها كما: • منذ فبراير 2016 وحتى 2024، تم تمويل حوالي 1.084 مبادراً/ مقترضاً، ويشكل ذلك 760 مشروعاً قائماً. • بلغ حجم التمويلات الممنوحة من الصندوق الوطني نحو 220 مليون دينار، في حين تبلغ نسبة التعثر الكلية المسجلة لديه 10 بالمئة، وذلك بواقع 138 مبادراً متعثراً. (جريدة الراي – 18 أغسطس 2024). • المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تم دعمها من الصندوق ساهمت بنحو 29 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي للكويت عام 2021. • ومن حيث التنوع الاقتصادي، ساهمت المشروعات الصغيرة والمتوسطة المدعومة بنحو 52 بالمئة في القطاعات غير النفطية بالاقتصاد الكويتي عام 2021. • كما بلغت مساهمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة المدعومة من الصندوق نحو 32 بالمئة من إجمالي صادرات الكويت غير النفطية عام 2021. وبشكل عام، توضح هذه الإحصاءات مدى تأثير الدعم الذي قدمه الصندوق الوطني على تعزيز دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الكويتي، وتسليط الضوء على أهميتها في خلق فرص العمل وتنويع الاقتصاد وتنمية الصادرات غير النفطية.

وفي هذا الإطار برزت أهمية دور حاضنات الأعمال في مساعدة هذه المشاريع على البقاء والنمو والتطور. إن التعريف الأشمل لحاضنات الأعمال هي مؤسسات تقدم الدعم والخدمات للمشاريع الناشئة والجديدة في مرحلة التأسيس والنمو. وتشمل هذه الخدمات توفير المساحات المكتبية والإدارية والفنية والتسويقية والاستشارات القانونية والإدارية والفنية والتدريبية، وغيرها من الخدمات التي تساعد على إنجاح المشاريع، وربط المشاريع الناشئة بشبكات الأعمال والمستثمرين والشركاء المحتملين، وتقديم المشورة حول الحصول على التمويل وتسهيل الوصول إلى القروض والاستثمارات. إلا أن أغلب الحاضنات، العاملة في الوقت الحالي، تركّز على توفير المساحات المكتبية فقط، ويستخدمها أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة للحصول على الرقم المدني من الهيئة العامة للمعلومات المدنية بهدف إنهاء إجراءات وزارة الشؤون ودعم العمالة وفتح الحسابات في البنوك وغيرها. وبشكل عام تعتبر حاضنات الأعمال من أهم الأدوات لتنمية وتوسيع وتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتوفير احتياجاتها في ظل بيئة الأعمال ومن ثم تحوّلها إلى المشاريع القائمة والكبيرة بشكل عام. ويتمثل الدور الرئيسي لحاضنات الأعمال في تذليل المصاعب أمام مشاريع الشباب، من خلال تقديم الدعم لهذه المشاريع في المراحل الأولى، إلى أن یصل إلى مرحلة النضوج ومن ثم الخروج من مرحلة الحاضنة. إن المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل عام تواجه مجموعة من التحديات التي تؤثر على قدراتها التنافسية وفرص استمرارها، وسيعمل تفعيل دور الحاضنات على تذليل هذه الصعوبات والمساعدة في دعم وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتعزيز القطاع الصناعي، وتبنيها كأحد الخيارات الاستراتيجية في تدعيم النمو الاقتصادي.

ويشمل دور حاضنات الأعمال في إنقاذ المشاريع الصغيرة والمتوسطة من التعثر ما يلي: 1) تقدم حاضنات الأعمال خدمة المساعدة في توفير الدعم المالي من خلال برامج تمويلية، بالتعاون مع البنوك وجهات التمويل للمشاريع الناشئة في شكل قروض ميسرة أو استثمارات مباشرة، مما يساعد على تجاوز العقبات المالية التي تواجهها هذه المشاريع. 2) توفر حاضنات الأعمال للمشاريع الناشئة بعض المرافق والخدمات، مثل مساحات وتجهيزات مكتبية وخدمات إدارية وفنية بأسعار معقولة، مما يسهم في تخفيض التكاليف التشغيلية وزيادة الإنتاجية. 3) تقديم الدعم الفني والإداري من خلال توفير خدمات استشارية في المجالات القانونية والتسويقية والإدارية والتكنولوجية، بما يسهم في تجاوز التحديات الإدارية والفنية التي تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة. 4) تساعد حاضنات الأعمال في تمكين المشاريع من الشبكات والعلاقات مع العملاء من خلال إنشاء شبكات تواصل بين المشاريع الناشئة والمؤسسات والخبراء وصناع القرار، مما يعزز فرص النمو والتطور والاستفادة من الخبرات والفرص المتاحة. 5) توفير حاضنات الاعمال خدمات التدريب والتأهيل من خلال برامج تدريب متخصصة في مجالات الإدارة والتسويق والتكنولوجيا وريادة الأعمال، كما تسهم في تطوير المهارات والكفاءات اللازمة لنجاح المشاريع. 6) تساعد حاضنات الأعمال المشاريع الناشئة على التكيف مع التغيرات السريعة في بيئة الأعمال، من خلال تقديم الدعم اللازم لها لتطوير منتجاتها وخدماتها، وتوسيع أسواقها، وتحسين كفاءتها التشغيلية. 7) تسهم حاضنات الأعمال في تعزيز ثقافة الريادة في المجتمع، من خلال تشجيع الشباب على المبادرة بإنشاء مشاريعهم الخاصة، وتقديم الدعم اللازم لهم لتحويل أفكارهم إلى مشاريع ناجحة. وختاماً، إن دور حاضنات الأعمال في إنقاذ المشاريع الصغيرة والمتوسطة من التعثر يتجلى في توفير الدعم المالي والفني والإداري واللوجستي اللازم لهذه المشاريع في مراحلها الأولى، مما يسهم في تعزيز قدرتها على البقاء والنمو والتطور. وعليه، فإن تعزيز دور حاضنات الأعمال واستراتيجيات دعمها يعد أمراً حيوياً لنجاح المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتنمية الاقتصاد الوطني. وبالإضافة إلى ما سبق، يمكن أن تسهم حاضنات الأعمال في زيادة فرص العمل، وتحفيز الابتكار، وتعزيز النمو الاقتصادي، لذلك، من المهم دعم حاضنات الأعمال وتوفير التمويل اللازم لها، وتبسيط الإجراءات التنظيمية الخاصة بها، وبناء الشراكات الاستراتيجية بينها وبين المؤسسات الجامعية، حتى تتمكن من أداء دورها بشكل فعال في مساعدة المشاريع الصغيرة والمتوسطة على النجاح.

جريدة الجريدة: الكويت

 

Leave A Reply

Your email address will not be published.