موجة النزوح من المناطق الحدوديّة الجنوبيّة “تنعش” سوق الحاويات السكنيّة الجاهزة

 

في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي يشهدها لبنان، أصبحت مسألة السكن واحدة من أكثر القضايا تعقيداً وصعوبة. فقد أسفر انهيار العملة الوطنية وارتفاع أسعار السلع الأساسية عن تآكل القدرة الشرائية للمواطنين، مما فاقم أزمة الغلاء المعيشي.

وتعد مشكلة السكن من بين التحديات الأشد إلحاحاً التي تواجه اللبنانيين اليوم، حيث ارتفعت إيجارات الشقق السكنية بشكل ملحوظ، بخاصة بعد تزايد عمليات الانتقال من المناطق الحدودية الجنوبية، نتيجة ارتفاع وتيرة الاعتداءات العسكرية من قبل العدو الاسرائيلي. وقد دفع هذا النزاع آلاف الاسر الى الفرار من بيوتها، بحثا عن الأمان في المناطق الأكثر هدوءا، مما ضاعف الضغط على المناطق السكنية في المدن الكبرى، ورفع أسعار الإيجارات بصورة غير مسبوقة.

الى جانب ذلك، بات العديد من المواطنين، مع اشتداد وطأة الوضع الاقتصادي، غير قادرين على شراء شقق سكنية او تحمل نفقات الإيجارات المرتفعة، مما اجبر الكثيرين على البحث عن بدائل مناسبة.

وفي هذا الإطار، علمت “الديار” أن بعض البلديات قد فرضت قيودا على وضع البيوت الجاهزة في المساحات العامة والأراضي المشاعية أو التابعة للدولة، حيث يتطلب ذلك الحصول على إذن مسبق. يأتي هذا الإجراء ضمن الجهود الرامية إلى تنظيم استخدام هذه الأراضي، وضمان عدم استغلالها بشكل غير قانوني.

في المقابل، يُسمح للأفراد الذين يمتلكون أراضي خاصة بوضع البيوت الجاهزة عليها واستخدامها بحرية، شريطة الالتزام بالقوانين المحلية وشروط البناء. يعكس هذا التوجه سعي البلديات الى الحفاظ على النظام والعدالة في توزيع واستخدام الأراضي العامة، مع الأخذ بعين الاعتبار الحاجة الملحة للمواطنين الى تأمين مساكن بتكلفة معقولة.

أيسر الحلول شراء “Bungalow”!

كشف السيد عبد الله الحاج، المتخصص في بناء “Bungalow” لـ “الديار” عن “ان الطلب على هذه المنازل يشهد زيادة كبيرة حاليا، حيث يتفوق الطلب التجاري على الفردي. ويهدف معظم المشترين الى تأجير هذه البيوت للنازحين الجنوبيين، مما يسهل عملية الحصول على رخصة بسرعة أكبر”.

وأضاف: “سوق هذا القطاع مزدهر، خاصة لأولئك الذين يمتلكون مشاريع بالقرب من النهر أو في المناطق الجبلية والأرز. ويتركز الطلب حالياً في البترون وعكار، ومؤخراً في الضنية، ويتزايد في الشتاء أيضا للاستفادة من البيوت في عيون السمك، حيث يتم تأجيرها يومياً”.

وأوضح قائلا: “لقد طلب مني أحد الأشخاص اليوم تصنيع خمسة بيوت، يتألف كل منها من غرفة واحدة. إذا كان البيت “دوبلكس” فإن تكلفته تصل إلى حوالى 28 ألف دولار، ويتضمن سريرا مفردا وآخر مزدوجا، بالإضافة إلى حمامين ومطبخ ومدفئة كهربائية أو حطب، وتكييف وآلة سولاريوم. بينما تبلغ تكلفة الوحدة العادية حوالى 14 ألف دولار أميركي، تشمل سريرا مزدوجا ومطبخا وحماما بالإضافة الى براد صغير، وتصميمها قريب من نمط “الشاليه”.

وأشار الى “ان هذه البيوت تُباع في بعض المناطق (خارج منطقة طرابلس) بحدود الـ 40 ألف دولار، ولكنها تحتوي على جميع المرافق الضرورية”.

وفي ما يخص إمكان تقسيط هذه الحاويات السكنية في المستقبل، قال الحاج: “نحن ندرس إمكان اعتماد نظام تقسيط مشابه لما يقدمه مصرف الإسكان، بشرط أن يكون لدى المواطن رخصة بناء صالحة. لذلك نحن بصدد دراسة التعاون مع شركات تمويلية متخصصة لتقديم هذه الخدمة، بحيث تكون شروط التقسيط ميسرة وتناسب جميع الفئات. وسيتم الإعلان عن التفاصيل والإجراءات اللازمة في حال اعتماد هذا النظام”.

مما تصنع هذه البيوت؟ يجيب السيد إلياس الحلو، الخبير في تجارة البيوت الجاهزة، “تنتج هذه المنازل في المصانع ثم تُنقل إلى الموقع المحدد لتركيبها، وتتميز بسرعة بنائها وتكلفتها المنخفضة مقارنة بالمنازل التقليدية.” ويوضح لـ “الديار” أنها تُبنى من مجموعة متنوعة من المواد، تضم:

1- الفولاذ المجلفن: يُوظف الهيكل الفولاذي في تشكيل إطار المنزل، مما يمنحه متانة وقوة تدوم لفترات طويلة.

2- الألواح الخرسانية المسبقة الصب: تُستعمل أحيانا لبناء الجدران، حيث تؤمن عزلا جيدا ضد الحرارة والصوت.

3- الألواح الخشبية المعالجة: تُستخدم في بعض الأجزاء، بخاصة في المناطق الداخلية، مما يعطي المنزل شكلاً دافئا وطابعا طبيعيا.

4- ألواح العزل: تُدمج بين الجدران، وهي مصنوعة من مواد عازلة مثل الفوم أو الألياف الزجاجية، لتوفير العزل الحراري والصوتي.

5- الألمنيوم أو الفينيل: تُستعمل هذه المواد أحيانا في تغطية الأسطح الخارجية، لحمايتها من العوامل الجوية وإضافة لمسة جمالية.

وأضاف: “تُعد هذه البيوت خيارا اقتصاديا جذابا لمن يبحثون عن مسكن بديل وفعال من حيث التكلفة والوقت، كما أنها مصممة لتلبية المعايير البيئية الحديثة”.

الإجراءات القانونية!

ولفت الحلو الى انه “من الناحية القانونية، لتحويل البيوت الجاهزة إلى ملكية خاصة، يجب استيفاء عدة شروط وإجراءات تتعلق بتسجيلها واستخدامها مثل:

– أولاً: إذا كانت الأرض التي سيتم وضع الحاوية عليها مملوكة للمواطن، يجب تسجيلها كملكية خاصة في السجل العقاري. ويتطلب ذلك تقديم مستندات تثبت ملكية القطعة ونيل الموافقة لوضع البيت الجاهز عليها.

– ثانياً: في العديد من البلديات، قد يكون من الضروري الحصول على ترخيص للبناء أو تركيب الحاويات السكنية. تتضمن هذه العملية تقديم خطط البناء، وامتلاك تصريح من البلدية، والالتزام بقوانين البناء المحلية التي تحدد الارتفاعات والمساحات المسموح بها.

– ثالثاً: يجب أن تتوافق الوحدات السكنية المسبقة الصنع مع مواصفات البناء المحلية، من خلال استخدام مواد بناء معتمدة، وضمان العزل الحراري والصوتي، والامتثال لمعايير السلامة العامة.

– رابعاً: بعد تسجيل البيت كملكية خاصة، قد يتعين على المالك دفع اشتراكات تتعلق بالعقار. وتختلف هذه الرسوم من منطقة لأخرى، لكنها عادةً تشمل رسوم تسجيل وتقييم للعقار.

– خامساً: في حال رغبة المواطن في وضع البيت الجاهز على أرض عامة أو تابعة للدولة، يجب اخذ اذن مسبق من البلدية، والذي يتضمن غالباً دفع رسوم إيجار أو استخدام الأرض، والتعهد بعدم تغييرها دون موافقة الجهة المعنية.

وختم الحلو “بمجرد استيفاء هذه المتطلبات، يصبح البيت الجاهز ملكية خاصة للمواطن، ويتمتع بحقوق الملكية الكاملة بما في ذلك البيع والإيجار، أو التعديل على المبنى وفقاً للقوانين المحلية”.

Leave A Reply

Your email address will not be published.