الفيول الجزائري.. هل يكون بداية حل لأزمة الكهرباء ؟

 

وصلت الناقلة البحرية «عين اكر» المحملة بالهبة الجزائرية وهي عبارة عن 30 ألف طن متري من الفيول أويل الجزائري إلى منشآت النفط في طرابلس،تنفيذاً لقرار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بتزويد لبنان بكميات من الفيول من أجل تشغيل محطات التوليد الكهربائي، وفي الساعات الماضية تزايد الحديث عن أن الفيول المحمل في هذه الباخرة غير صالح لمعامل كهرباء لبنان وعلى الأرجح سيتم بيعها او استبدالها بالمزاد، ما يعني تأخيرًا أطول من الممكن أن ينتظرنا،ولكن هل سيكون الفيول الجزائري بداية حل لهذه الأزمة أم سيزيد المشكلة ويبقى القديم على قدمه؟

مدير عام الإستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه والخبير في المعهد اللبناني لدراسات السوق غسان بيضون يؤكد أن الفيول الجزائري من أجود الأنواع ويصلح للمعامل الجديدة، وفي لبنان هناك معامل تعمل على «الفيول»، ومعامل أخرى تعمل على «الغاز أويل» كمعامل «دير عمار» و«الزهراني» كانوا يعملون على «الغاز أويل» قبل الأزمة التي حدثت في العام 2019، وهناك نية بإعادة تشغيلهم بعد الأزمة.

ويردف بيضون قائلاً:«أما المعامل التي تعمل على «الفيول منقسمة إلى قسمين قسم «أ» وقسم «ب»،القسم «أ» هو معمل «الزوق» و«الجية» القديمين، معمل «الجية» تم جرفه أما «الزوق» بحاجة إلى المزيد من الجهد لعودته إلى العمل، وهناك معملان جديدان في الزوق والجية والفيول متواجد داخلهم، ولكن لنستفيد من العرض الجزائري الأفضل أن نعيد تشغيل المعملين الجديدين في الزوق والجية باعتبار أن الفيول متواجد فيهما، وعليه يتم تخزين الفيول «الجزائري» في المنشآت إلى حين إنتهاء الفيول في معملين «الزوق» و«الجية» الجديدين ونعود ونستكمل تشغيلهم لأن من الممكن أن يتم تشغيلهم في الفيول «الجزائري» لأكثر من شهر تقريباً.»

ويكشف أنه إذا تمت المعالجة السليمة والحكيمة من خلال إعتماد هذه الطريقة، فمن الممكن أن ترسل لنا «الجزائر» المزيد من «الفيول»، وموضوع التبديل والبيع والعمل على أن الإتيان بفيول بديل بكيمات أقل فهو عامل يدخل فيه الفساد والسمسرات، وهناك باخرة مجهزة في مصر من خلال تركيب المبررات لوجودها على أساس أن دفتر الشروط وإعلان المناقصة حاضراً وتكون هذه الباخرة هي الأقرب لتأتي وتنقذ ما يمكن إنقاذه، وهذا ما يدل على أنه لا يوجد شيء تفعله وزارة الطاقة أو مؤسسة كهرباء لبنان ويكون سليماً.

ويشدد على أن هناك حاجة ماسة لإعادة تشغيل المعملين الجديدين في الزوق والجية،وتعزيز فرصة إعادة إرسال الجزائر للبنان المزيد من الفيول باعتبار أن نية الجزائر للمساعدة هي موجودة،ومن المفترض على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزارة الطاقة والمياه من خلال المنطق الإداري السليم للأمور العمل على تأمين مصادر مستقرّة قدر الإمكان من المحروقات بعكس نظرية وزير الطاقة وهي تعداد المصادر، لأن تعداد المصادر الهدف منها تعدد سبل المنافع و«الزعبرة» و«الغش».

ويختم بيضون قائلاً:«إن هناك حاجة لإعادة إحياء ما يشبه عقد سونتراك، ولكن مباشرة من موانئ الجزائر وليس من موانئ اليونان وموانئ سواها لكي تعود عائدات النفط من خلالها، لذلك تفكير الوزير فياض في هذا الموضوع هو في «عكس سير» المنطق الإداري السليم والحكمة، لأن الحاجة تكمن في ضرورة تأمين مصادر مستقرة وليس تأمين مصادر متعددة،وفي حال تم تطوير العرض مع الجزائر حتى لو لم يكن «هبة» من خلال إتفاقية جديدة تضمن تشغيل معملي «الزوق» و«الجية» الجديدين فهذا أمر ممتاز لأن الفيول أرخص بنسبة 42.5% من «الديزل أويل» وهذا عنصر مشجع،وهذه المعامل هي الأكثر كفاءة في الإنتاج شرط أن لا يتم إعطاؤهم «فيول مغشوش» لتجنب تكرار حالة الهلع من تكرار الوصول إلى العتمة الشاملة».

ومن جهتها تقول الخبيرة في شؤون النفط والغاز لوري هايتيان بأن هناك مسارين: المسار الأول وهو المسار الآني المتعلق في كيفية عودة الكهرباء إلى بيوت اللبنانين سواء ثلاث أو أربع أو ست ساعات،وهذا ما يحدث فعلياً من خلال إنتظار الشحنة الجزائرية كخطوة ترقيعية على المدى القصير مثلما حدث في موضوع الفيول العراقي الذي يأتي غير مطابق للمحطات الموجودة، مما يتم إستبدالهم بمواد تتطابق مع المحطات الموجودة، فالأمر نفسه يحدث فيما يتعلق بالجزائر من خلال إستقدام «فيول» غير صالح للمحطات واستبداله بالمواد التي تستعمل لهذه المحطات.

وتعتبر هايتيان أن الإشكالية الأساسية تكمن في أسباب هذا التبديل ومكانه ومن يقوم بهذه العملية، وبأيٍّ من هذه البضائع يتم الإتيان بها، وهذا ما يجب أن يتم السؤال عنه من خلال معرفة طريقة التبديل كيف تتم،كما حصل في الشحنات العراقية التي كانت تأتي ويتم تبديلها في مواد أخرى صالحة للمحطات،لذلك هذا الأمر من الضروري أن يتم توضيحه.

وتشدد على أن هذه الطريقة المتبعة من خلال الإتكال على «المدى القصير» وإنتظار أي دولة لتساعد لبنان لحل المشكلة هي غير صالحة لحل الأزمة،وليس الحل المستدام الذي من المفترض أن يطمح له اللبنانيون، ففي حال تم حل المشكلة من خلال هذه الطريقة فهذا الأمر لا يدعو إلى الإطمئنان، لأن هذا ليس حلاً لأزمة الكهرباء، فليس إنجازاً أن تأتي الكهرباء إلى بيوت اللبنانيين لمدة 3 إلى 6 ساعات،لأن الكارثة الكبرى هي أن مؤسسة كهرباء لبنان غير قادرة على تأمين كهرباء 24/24 لللبنانيين فهذه معالجة آنية لا تقدم ولا تؤخر.

وتردف :«إن المسار الآخر وهو مسار مستدام وطويل الأمد وهو العمل الذي يجب أن يحصل على حوكمة مؤسسة كهرباء لبنان، وأن تكون مستقلة وقادرة على أن تنتج الكهرباء، وأن لا تكون خسارتها كبيرة وتكون عبئاً على الدولة اللبنانية،كما كانت عبئاً عليها لسنين طويلة بسبب إتكالها على الدولة اللبنانية بإعطائها الأموال لشراء الفيول لتعود بعدها وتسكر المؤسسة يوما ما ديونها للدولة اللبنانية وورطنا في العجز، وحين قاموا برفع التعرفة تحت حجة أن المشكلة هي في التعرفة لأن كلفة الإنتاج كانت أكثر من السعر الموجود.

وتختم هايتيان قائلة:«إن المشكلة هي أننا لا زلنا نشاهد بأن الأمور لم تحل بعد بسبب مشكلة الجباية، فإذا حلت تلك الأمور فهل سيكون للجباية حل مناسب؟،وكلنا يعلم أن مشكلة الجباية ليست مشكلة تقنية فقط ولكن هي مشكلة سياسية بسبب تعود بعض المناطق على أخذ الكهرباء من دون القيام بدفع تعرفتها، وطالما أن الأمر سيستمر على ما هو عليه ستبقى مؤسسة كهرباء لبنان في عجز،وستبقى تلجأ للدولة اللبنانية المكسورة أيضاً، لذلك يجب العمل على مؤسسة كهرباء لبنان ودعمها، وكي لا ننسى أن هناك قانوناً للكهرباء أقرّ عام 2002 يجب أن يطبق، فجزء من هذا القانون يتكلم عن مستقبل كهرباء لبنان، وعن عدم إحتكار كهرباء لبنان فضلاً عن قانون لامركزية الطاقة الذي يسمح للشركات الخاصة بإنتاج وبيع الكهرباء،وهذا القانون يتطلب وجود هيئة ناظمة، لذا يجب أن يتم تطبيق القانونين في حال كان هناك جدية في حل أزمة الكهرباء على المدى البعيد.»

Leave A Reply

Your email address will not be published.