أزمات تعصف بالسنة الدراسية الجديدة؟
بعد إجراء الإمتحانات الرسمية في دورتها الاستثنائية للشهادة الثانوية، يُفترض أن تحدد وزارة التربية موعد انطلاق السنة الدراسية الجديدة في التعليم الرسمي. والمعروف أن المدارس تفتح أبوابها في النصف الأول من شهر أيلول (سبتمبر) المقبل للأعمال الإدارية والتسجيل، في وقت تواجه التربية تحديات تأمين المتطلبات التي تسمح ببدء الدراسة وانتظام العملية التعليمية للعبور إلى سنة دراسية طبيعية.
وليس الوضع الأمني في الجنوب مع تواصل الاعتداءات الإسرائيلية التي تركت تداعيات مع نزوح آلاف التلامذة من مناطقهم ومدارسهم، للسنة الثانية توالياً، هو المشكلة الوحيدة، والتي تتطلب استيعابهم في التعليم الحضوري، إنما في الملفات المرتبطة بالتمويل وفي مطالب الهيئة التعليمية وفي وضع صناديق المدارس التي تحتاج أيضاً إلى تغذية لاستمرار الصيانة والتأهيل وتوفير التجهيزات، علماً أن وزارة التربية تمكنت خلال السنتين الماضيتين من تأهيل عشرات المدارس بالتعاون مع المانحين.
التحدي الأبرز هو في كيفية تأمين كل المستلزمات لسنة دراسية طبيعية حتى مع استمرار الأزمات والاوضاع غير الطبيعية في البلاد، والتي ترتد على التعليم بالدرجة الاولى. ولعل ما شهدناه عشية إجراء الامتحانات الرسمية من سجال حمل الكثير من التساؤلات حول مطالب بإلغاء الاستحقاق بذريعة الأوضاع الأمنية، يضع صعوبات أمام بدء السنة الدراسية الجديدة، في وقت تستعد الوزارة وفق ما تنقل مصادر تربوية للانطلاق رغم كل ما يواجهها من معوقات ومطالب تضاف إلى ملفات متراكمة يجري العمل على معالجتها خصوصاً في الهيكلية الادارية وتنظيم عمل المديريات تحسباً لأزمات ليست في الحسبان.
وفي الوقت الذي تواصل فيه التربية عبر المركز التربوي للبحوث والإنماء الدورات التدريبية للجان كتابة مواد المناهج التعليمية الجديدة، بعد انجاز الأوراق المساندة واختيار الخبراء، والإسراع في انجاز محتواها، وإلى أن يتم تشريع المناهج التي سينتج عنها مواد جديدة للتعليم، وحسم مصير الشهادة المتوسطة، يجري التواصل مع رابطات التعليم الرسمي حول التدريس في السنة الجديدة وتحديد عدد أيام التعليم، والتي رفعت مطالب أبرزها تحسين الرواتب وزيادة بدلات الإنتاجية والحوافز إلى أكثر من 600 دولار شهرياً لترتفع الرواتب إلى نحو ألف دولار وهو ما يحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء برفع قيمة السلف إلى التربية والمخصصات المالية في هذا الشأن.
وبصرف النظر عن حق الأساتذة برواتب تعينهم على مواجهة الأزمة المعيشية، إلا أن المحاذير تبقى بالربط بين تحقيق الزيادات والمقاطعة، ما يعني نسف العملية التعليمية قبل انطلاقها.
يدرك كل من يتابع ملفات التعليم اليوم، أن الجهات المانحة ليست في وارد الدعم، وهي في الأساس خفضته إلى مستويات دنيا في العام الماضي، حتى في ما يتعلق بتعليم النازحين السوريين. وفي الواقع تواجه التربية مشكلة صناديق المدارس الفارغة وهي مرتبطة بقدرتها على توفير الحد الادنى من أدائها إدارياً وأكاديمياً إضافة إلى مخصصات الأساتذة والمتعاقدين.
هذا الأمر دفع وزارة التربية للعودة إلى استيفاء رسم تسجيل من كل تلميذ في المدارس والثانويات الرسمية وذلك في تعميم نص على استيفاء 4 ملايين و500 ألف ليرة عن التلميذ اللبناني و9 ملايين عن كل تلميذ أجنبي. والهدف هو تغذية الصناديق وتغطية عجزها، علماً أن رسم التسجيل مشرّع قانوناً ولا يتناقض بالضرورة مع مجانية التعليم خصوصاً في التعليم الأساسي. وللتذكير أن دولاً مانحة عدة وبينها عربية كانت تغطي رسوم التسجيل في سنوات سابقة إضافة إلى تأمين الكتب والقرطاسية لجميع تلامذة المدارس الرسمية.
الأولوية يجب أن تكون ببدء السنة الدراسية الجديدة، وعلى الوزارة حسم موعد انطلاقها وحل المشكلات المرتبطة بها وتحلي القطاع بكل مكوناته بالمسؤولية ومناقشة الملفات بانفتاح بعيداً عن الشروط المسبقة واستحضار المقاطعة. وهذا الامر ينفصل عن الملفات الشائكة وخوض غمار الاصلاح على ما يضج به القطاع التربوي من شائعات…