الودائع والكهرباء وجهان لعملة السياسيِّين الواحدة
تكاد أزمة الكهرباء التي تعصف بلبنان وتلقي بثقلها وتداعياتها على اللبنانيين منذ تولي وزراء محسوبين على النظام السوري، وحتى تسليمها بالكامل للعماد ميشال عون وصهره جبران باسيل، بعد استقدامه من منفاه الباريسي، كمكافأة لولائهما الاعمى لحزب الله، والتعتيم على سلاحه غير الشرعي، تتشابه في بعض جوانبها مع أزمة احتجاز ودائع المواطنين في المصارف منذ تشرين الاول عام٢٠١٩، وكلتا الازمتين تستنزفان مقدرات اللبنانيين طوال هذه السنوات، مع غياب اي جهد رسمي او حكومي لوضع المعالجات الجدية، لأي أزمة من الازمتين .
وللمفارقة، صرفت عشرات مليارات الدولارات من خزينة الدولة اللبنانية على قطاع الكهرباء، ومعظمها ابان تولي باسيل مسؤولية وزارة الطاقة وخلال ولاية عون الرئاسية، مع وعود وهمية وكاذبة، برفع التغذية بالتيار من خمسة عشر او اكثر،الى اربع وعشرين ساعة يوميا، وكانت النتيجة بنهاية العهد عتمة شاملة ومنشآت ومعامل شبه مدمرة، واموال منهوبة لجيوب المقربين والسياسيين النافذين .
وبالتزامن، نشبت أزمة احتجاز ودائع المواطنين وغيرهم من العرب والاجانب في المصارف،إبان عهد الرئيس ميشال عون، جراء استدانة الدولة المتواصلة، ومن دون ضوابط، وتعطيل مفاعيل مؤتمر «سيدر» بسبب عرقلة الاصلاحات المطلوبة في كافة القطاعات، واتباع سياسة معادية للدول العربية الشقيقة، ما ادى إلى غياب الاستثمارات الخارجية، وهروب بعضها من لبنان، جراء غياب اي معالجات فعلية، لتداعيات ونتائج هذه الازمة، واعادة الثقة للقطاع المصرفي، بينما تم صرف جزء كبير من مليارات الاحتياط النقدي المتبقية على سياسة دعم السلع الاساسية، ما ادى إلى استنزاف جزء كبير من هذا الاحتياط، النقدي من دون جدوى، ما ادى إلى تدهور إضافي في سعر صرف الليرة.
منذ خمس سنوات، ماتزال ترددات الازمة المالية والاقتصادية الصعبة والخانقة التي يواجهها لبنان حاليا، تضغط بقوة على اللبنانيين أيضا، في ظل غياب لأي جهد رسمي جدي وضاغط لوضع هذه المشكلة موضع الحل الفعلي،كما هي حال ازمة الكهرباء التي تستهلك قسما كبيرا من دخلهم، وتؤثر على عيشهم وظروف حياتهم.
تتلهى السلطة السياسية، من المجلس النيابي والحكومة والنواب، بتوزيع الوعود المنمقة على اللبنانيين، لحل مشكلة احتجاز ودائع المواطنين، وذهاب رئيس المجلس النيابي نبيه بري، باعتبارها «مقدسة»، وكذلك أزمة الكهرباء، التي تعالج بالترقيع واستجداء الهبات من بعض الدول العربية، بينما تدور الازمتان على أبواب المجلس والحكومة، في دوامة الوعود والتعهدات الوهمية مع وقف التنفيذ، لافساح المجال امام السياسيين والماليين والمصرفيين، لمزيد من الاستفادة من استمرار النزف في أزمة الكهرباء، الذي يذهب بعضه الى جيوب اصحاب المولدات وحماتهم، وكذلك بخصوص الودائع التي تذوب تدريجا في جيوب المصرفيين وبعض اللبنانيين.