لبنان يغرق في الظلام مجدداً: الدولة تحطّم الأرقام القياسية العالمية في العجز والهدر والفشل

 

توقفت كهرباء الدولة، وانتعش أصحاب المولدات الخاصة، وزادت مافيا المازوت ملء جيوبها، والمواطن يدفع الثمن.

مؤسسة كهرباء لبنان حطمت الأرقام القياسية العالمية في العجز والهدر والفشل، بالتساوي مع وزارة الطاقة ومن فوقها وتحتها وخلفها، والحكومات المتعاقبة والقوى السياسية المتحاصصة، والشعب الخاضع المستسلم.

مليارات الدولارات هدرت ونهبت على الكهرباء غير الموجودة، وشكلت قاعدة أساسية للانهيار المالي في البلد، وما زالت المؤامرة مستمرة، الى درجة ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أحال في وقت سابق وزير الطاقة الى النيابة العامة المالية للتحقيق في ملف يتعلق بالفيول فاحت منه روائح الرشاوى.

كل المساعي من دول أوروبية وعربية لانشاء معامل كهرباء حديثة للبنان أفشلها مسؤولون لبنانيون. فعل سبيل المثال، رفضت وزارة الطاقة قبل سنوات عرضاً من صندوق التنمية الكويتي لبناء معامل في لبنان بحجة ان الصندوق يريد الاشراف على التنفيذ. ورفض عرض المستشارة الألمانية السابقة انجيلا ميركل ان تبني شركة سيمنس معامل للبنان بالتقسيط المريح جداً. ورفض عرضان هذه السنة والسنة الماضية من دولة قطر لبناء معامل للكهرباء في لبنان وبدون ان تتحمل الدولة الكلفة المالية.

فضيحة العراق

تتجلى الأزمة بشكل أكثر حدة عبر بيانات مؤسسة كهرباء لبنان، التي كشفت عن خسائر تقدر بحوالي 200 مليون دولار شهريًا.

يضاف إلى المشهد تعقيدات ناجمة عن اتفاقية مع العراق لتزويد لبنان بالديزل الأحمر، حيث يعترض تنفيذ الاتفاقية تراكم الديون على الحكومة اللبنانية بمقدار 531 مليون دولار. وهذا الدين تحول حول قدرة لبنان على تسديده شكوك كبيرة.

أسباب عجز الكهرباء:

وهذه الأزمة ليست جديدة على لبنان؛ فجذور مشكلة الطاقة تعود إلى أكثر من ثلاثة عقود، وقد تفاقمت بشكل ملحوظ في السنوات الماضية. فما هي الأسباب؟

* تقصير مؤسسة كهرباء لبنان في تحصيل الفواتير هو السبب المباشر لهذه الأزمة.

* امتناع كثير من المؤسسات عن تسديد المستحقات المترتبة عليها.

* عدم التزام مستثمري الأملاك البحرية بتسديد رسوم الأشغال وفواتير الكهرباء، مما يعيق توفير السيولة اللازمة لشراء الوقود.

* زيادة التعديات والسرقات على الشبكة الكهربائية، مع وجود تقديرات تشير إلى أن السرقة تصل إلى نحو 60% من الإنتاج.

* الوضع التقني والإداري والمالي المتردي في مؤسسة كهرباء لبنان.

* غياب الإرادة على إصلاح هذا القطاع الذي يشكل العبء الأكبر على خزينة الدولة.

* نحو نصف الدين العام الذي يقارب 100 مليار دولار، ناجم عن تمويل الكهرباء، أي بنسبة 44 مليار دولار أميركي، من خلال الموازنات العامة وسلف خزينة من مصرف لبنان، سابقاً.

نموذج زحلة:

نموذج كهرباء زحلة يُظهر نجاحًا في تأمين الكهرباء على مدار الساعة رغم الثغرات القانونية المحتملة في عملها، مما يُعد مثالًا يُحتذى به لبقية المناطق.

إن معالجة أزمة الكهرباء في لبنان تتطلب نهجًا شاملًا يشمل تحسين الجباية وتحصيل الديون، إلى جانب الإصلاح الفني والإداري للمؤسسات المعنية.

أي مستثمر لبناني أو أجنبي لن يجرؤ على تمويل أي مشروع للكهرباء من خلال وزارة الطاقة أو مؤسسة كهرباء لبنان، إذ لا شيء يضمن له وقف السرقة والتعديات على الشبكة وعدم ضمان جباية الفواتير.

Leave A Reply

Your email address will not be published.