التعويضات القانونية للأجراء والعمال المضمونين: 410 آلاف أسرة تترقب مستقبلها

 

بلغ عدد الأجراء المضمونين المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي 40,9078 أجيرا لغاية نهاية العام 2023، في حين بلغ عدد طلبات نهاية الخدمة بين عامي 2020 و2023 نحو 42,701 طلب. هذه الطلبات التي تمت تصفيتها سابقاً، يعاني من قبضوها العوز بسبب هزالة قيمة ما تقاضوه. وبلغ متوسط تعويض نهاية الخدمة للمضمون الواحد حوالي 38 مليون ليرة. وفي عام 2023، بلغ متوسط التعويض حوالي 115 مليون (حوالي 1,288 دولاراً)، وهو مبلغ لا يكفي المضمون شهراً واحداً

بعد ثمانية أشهر على إقرار قانون التقاعد الذي يحوّل تعويض نهاية الخدمة إلى معاش تقاعدي، تبيّن أن هذا القانون سيبقى معلقاً في انتظار استصدار ما لا يقلّ عن 24 مرسوماً تطبيقياً، مما يعني احتمال أن يتجاوز موعد بدء تطبيقه السنتين المنصوص عنهما في القانون نفسه لإعداد وإقرار المراسيم التطبيقيّة، وأولها مرسوم وضعه موضع التطبيق وتحديد معدلات الاشتراك، ما يعني أن قانون نهاية الخدمة سيبقى سارياً الى ذلك الحين. ولكن، هل سترتفع قيمة تعويضات نهاية الخدمة مستقبلا؟

بداية تنبغي الإجابة على السؤال التالي: لماذا يدفع صاحب العمل الفارق بين التعويض المستحق للأجير والتغير الناتج عن الراتب الأخير؟

قبل تطبيق قانون الضمان، كان صاحب العمل يسدد للأجير تعويضاً حددته المادة 54 من قانون العمل التي نصت على أنه إلى أن يسنّ تشريع الضمان الاجتماعي، على رب العمل أن يدفع للأجير المصروف من الخدمة لأي سبب من الأسباب غير المذكورة في المادة 74 تعويض صرف يعادل أجرة شهر عن كل سنة خدمة، وأجرة نصف شهر إذا كانت مدة الخدمة أقل من سنة، وكان يحق للأجير البالغ من العمر ستين عاماً أو له خمس وعشرون سنة خدمة في المحل عينه أن يطلب صرفه من الخدمة وان يستفيد من تعويض الصرف

أما قانون الضمان فتنص المادة 51 منه على ان التعويض يعادل عن كل سنة خدمة الأجر الذي يتقاضاه صاحب العلاقة خلال الشهر الذي سبق تاريخ نشوء الحق بالتعويض. مما يعني ان صاحب العمل يسدد الاشتراكات المحددة بثمانية ونصف في المئة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يسددها بدوره للأجير.

ولكن، ماذا لو تغير الراتب الاخير للأجير؟ وهل ستكون الاشتراكات المدفوعة اقل من قيمة تعويض الأجير المستحق قانوناً؟

تنص المادة 54 من قانون الضمان المعدلة وفقا للمرسوم 6110 تاريخ 5/10/1973 والقانون المنفذ بالمرسوم رقم 8496 تاريخ 2/8/1974 على ما يلي:

«عند تصفية حساب المضمون إلزامياً، لا يدفع رب العمل إلى الصندوق إلا الفرق بين قيمة التعويضات المحسوبة وفقاً للمادة 51 أعلاه ومجموع المدفوعات التي أجراها إلى الصندوق مضافاً إليها الفائدة بالمعدل المحدد في النظام».

إن نص المادة 54 يبين لنا أن صاحب العمل عليه أن يؤدي إلى الصندوق الفرق بين قيمة التعويض المستحق للأجير وفقا للمادة 51 من جهة ومجموع الاشتراكات المدفوعة من صاحب العمل مضافا إليها الفائدة من جهة أخرى، وهذا الفرق عرفه القانون بمبلغ التسوية الناشئ عن تعويض نهاية الخدمة.

في شرح مبسط لهذه المادة القانونية، يتبين لنا أن التسوية هي المبلغ الذي ينتج عن الفرق بين قيمة تعويض المضمون وقيمة الاشتراكات المدفوعة من صاحب العمل الى الضمان الاجتماعي.

فلو كانت قيمة الاشتراكات المدفوعة من صاحب العمل عن الفترة التي عمل بها الأجير لديه تبلغ 83 مليون ليرة وبلغت قيمة تعويض نهاية خدمة الأجير 132 مليوناً يكون الفارق 49 مليون ليرة لبنانية يدفعها صاحب العمل للضمان الاجتماعي الذي بدوره يسدد التعويض الى الأجير.

إلا أن التزام رب العمل بموجب تسديد مبلغ التسوية للصندوق مرهونا بأن يكون هذا المبلغ ناشئاً عن قانون الضمان، وبالتالي فإن قيام الأجير بقبض تعويض نهاية الخدمة بداعي مرور عشرين عاما على عمله لدى صاحب العمل، ينتج عنه مبلغ تسوية يقوم رب العمل بأدائه للصندوق حينها.

أما في ما يتعلق بحالات تصفية تعويض نهاية الخدمة، فمن المعلوم أنه يحق للمضمون تصفية تعويضه في ست حالات، هي: بلوغ سني عمله 20 عاماً، بلوغه سن التقاعد (60 لغاية 64 سنة)، ترك العمل كلياً، وفاة المضمون، زواج الأجيرة وتركها العمل وإصابة الأجير بعجز صحي. وقد توزعت هذه الطلبات بين هذه الحالات الست، إلا أن الملفت أن 40% من قيمة التعويضات التي تم قبضها عام 2023 كانت تعود لأشخاص بلغوا الستين لغاية 64، أي أنهم من كبار السن الذين يفترض أن يمضوا نهاية خدمتهم بالإنفاق من هذا التعويض الذي أصبح هزيلا.

من جهة أخرى، انخفض عدد الطلبات لتصفية التعويض وخاصة التصفية المبكرة بعدما تبين للأجراء انخفاض قيمة هذا التعويض. وقد انخفض عدد طلبات نهاية الخدمة من 18,493 طلباً عام 2020 الى 3407 طلبات فقط عام 2023، ما يظهر عزوف المضمونين عن اللجوء الى تعويضاتهم لهزالة قيمتها إضافة الى الامتناع عن التصفية المبكرة حفاظا على رصيد سنوات خدمتهم في حال تطبيق قانون التقاعد.

كم تبلغ كلفة مضاعفة هذه التعويضات عن الفترة السابقة؟

بلغ مجموع قيمة المبالغ التي تقاضاها المضمونون عن الفترة نفسها (2020 -2023) ما مجموعه ألف و746 ملياراً و475 مليون ليرة. وإذا قرر المجلس النيابي مضاعفة قيمة هذه التعويضات ثلاثين ضعفاً، فإن كلفة هذا المشروع ستصل عن الفترة الممتدة بين 2020 و2023 الى 52,394 مليار ليرة أي ما يوازي 585,4 مليون دولار، فمن سيسدد الفارق؟

 

هل سترتفع قيمة تعويضات نهاية خدمة الأجراء المضمونين مستقبلا؟

من المؤكد أن ارتفاع الراتب الأخير للمضمون سينعكس ارتفاعاً على تعويض نهاية خدمته. فوفقا للمادة 51 من قانون الضمان الاجتماعي، يحدد مقدار تعويض نهاية الخدمة على الوجه التالي:

أ- انه يعادل عن كل سنة خدمة الأجر الذي يتقاضاه صاحب العلاقة خلال الشهر الذي سبق تاريخ نشوء الحق بالتعويض.

إن مقدار تعويض نهاية الخدمة قد تم تحديده في المادة 51 من قانون الضمان بأنه يعادل عن كل سنة خدمة الأجر الذي يتقاضاه صاحب العلاقة خلال الشهر الذي سبق تاريخ نشوء الحق بالتعويض.

ووفقا للمادة السادسة من نظام تعويض نهاية الخدمة، فإن حساب المضمون الإلزامي والاختياري يُصفّى عن المدة التـي أمضاها منتسباً للصندوق على أساس أجر شهر واحد عن كل سنة عمل (المادة 51 من قانون الضمان الاجتماعي). أما إذا كان حساب سني الخدمة يتضمن جزءاً من سنة، فيتوجب له عن كل شهر خدمة مبلغ يعادل واحداً على إثني عشر من معاش الأجير الأخير، ويحسب جزء الشهر شهراً كاملاً. أما بالنسبة للأجراء الذين يتقاضون أجورهم أسبوعياً أو يومياً فيحسب تعويضهـم على أساس أسابيع أو أيام العمل، وكل أسبوع بدئ العمل فيه يحسب كاملاً.

ارتفاع متوسط التعويض في العام 2023 حوالي 3.4 أضعاف نسبة لما كان عليه عام 2019

 

وبالعودة الى قانون الضمان الاجماعي الذي يحدد أصول احتساب تعويضات نهاية الخدمة، فإنه يتبيّن أن عدد تعويضات نهاية الخدمة للمضمونين خلال السنوات الممتدة من العام 2019 لغاية نهاية العام 2023 بلغ 42,701 طلب. وتجدر الإشارة الى ملاحظة ارتفاع متوسط التعويض في العام 2023 حوالي 3.4 أضعاف نسبة لما كان عليه عام 2019، وفي حال تفصيل حالات تصفية التعويض وعبر التركيز على حالة التصفية بسبب بلوغ سن التقاعد، يتبيّن أن متوسط التعويض قد تضاعف فقط 2.75 ضعف عن الفترة نفسها ليصبح متوسط قيمة التعويض في هذه الحالة 145 مليون ليرة في حين أنه كان يبلغ 52 مليون ليرة في العام 2019.

أما في حالة التصفية بسبب بلوغ العشرين عاما من العمل، فإن متوسط التعويض تضاعف 3.2 ضعف عام 2023 نسبة لما كان عليه قيمة متوسط التعويض عام 2019، أي 75 مليون ليرة ليصبح 240 مليوناً. علما أن الارتفاع بمتوسط التعويض ناتج عن تطبيق مرسوم غلاء المعيشة ورفع الحد الأدنى للأجور الى 9 ملايين بعدما كان عام 2019 محدداً بـ 675 ألف ليرة. أما بعد رفع الحدّ الأدنى للأجور الى 18 مليون ليرة فإن تعويض نهاية الخدمة ستبلغ قيمته 360 مليون ليرة عن خدمة 20 عاما متواصلة.

Leave A Reply

Your email address will not be published.