قطاع المطاعم في لبنان… توسّع وسياحة مستمرة
المطاعم تفتح في لبنان، وكأن لا مجال يمكن الاستثمار فيه سوى المطاعم. في عز #الأزمة الاقتصادية التي حلّت في العام 2019، نما قطاع #الضيافة لا سيما المطاعم بشكل لافت. وبعد انفجار المرفأ في 4 آب، والذي تزامن مع انتشار كورونا، عادت شوارع العاصمة المنكوبة تنبض حياة بعزيمة اللبنانيين.
أخيراً، وبالرغم من الحرب الدائرة جنوباً، والتهديدات المستمرة بتوسعة الحرب، يؤكد القطاع السياحي في لبنان روح شعبه المحب للحياة والمناضل للبقاء في بلده، بموجة جديدة من المؤسسات المطعمية التي فتحت بعد الحرب في تشرين الأول 2023.
في العام الماضي، سجّل قطاع المطاعم افتتاح نحو 300 مؤسسة سياحية جديدة. ومنذ بداية هذا العام، وحتى الشهر الجاري، افتُتح نحو 100 مطعم جديد، بحسب ما يقول نائب نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري، خالد نزهة، في حديث لـ”النهار”.
بعد العام 2023، شكّلت فورة المطاعم التي شهدناها، “صدمة إيجابية”، بحسب وصف نزهة، دفعت أصحاب المؤسسات إلى توسيع نشاطهم التجاري، بالإضافة إلى دخول مستثمرين جدد، إذ أرادوا توظيف أموالهم النقدية في الاستثمارات بدلاً من إبقائها في المنازل، لا سيما مع امتناعهم عن وضعها في المصارف، ومع غياب القروض، ممّا سلّط الضوء على القطاع السياحي أكثر.
ومع ازدهار القطاع السياحي-المطعميّ، وبالرغم من الأوضاع الأمنية الراهنة، نجد أن مناطق معيّنة باتت تُصنّف سياحية برمّتها، مثل الجميزة ومار مخايل ومونو والواجهة البحرية ووسط البلد، وغيرها. وتشمل هذه الفورة، المطاعم، المقاهي، الملاهي، السناك، لا سيما الـrooftops. وقد شهد هذا العام افتتاح عدد من الـrooftops ساحلاً، من عين المريسة حتى ساحل المتن، مع الأخذ بعين الاعتبار المؤسسات الموسمية التي تفتح أبوابها في مناطق معينة، مثل البترون، فاريا، كفردبيان، دوما، وفي المناطق الجبلية والقرى، والتي تعزز السياحة الداخلية بشكل كبير.
ومقابل غياب المهرجانات التي عُرف بها لبنان منذ سنين، في بعلبك وصور وبيت الدين، بسبب الأوضاع الأمنية الراهنة نتيجة الاعتداءات التي تتعرض لها بعض المناطق، يظهر جانب الحياة الليلية التي تشتهر فيها بيروت، بشكل مختلف هذا العام، إذ يستقطب متعهدو الحفلات وأصحاب الملاهي الليلية منسّقين موسيقيين عالميين ومغنين معروفين من العالم العربي إلى المناطق اللبنانية على مدار الصيف، والتي تشهد إقبالاً كثيفاً.
كذلك، يثير الاهتمام في لبنان، هذا العام، بشكل لافت، الأعراس، التي يقصدها مدعوّوها من أوروبا وأفريقيا ودبي وإنكلترا وألمانيا…
برأي نزهة، “يناضل أصحاب المؤسسات السياحية للاستمرار، مع تراجع عدد المغتربين هذا العام. ولولا هذه الظروف الأمنية، لكانت السياحة أظهرت نمواً أكبر العام الماضي بنحو 30 في المئة”.
ويوضح بأنّ كثيراً من اللبنانيين بقوا في داخل البلد خوفاً من إقفال المطار، وعجزهم عن العودة، مما شكّل مساعدة للسياحة الداخلية. ونحو 70 في المئة من المغتربين حالياً آتون من الدول العربية والأفريقية، فيما نحو 25 في المئة من الآتين إلى لبنان هم سياح من العراق، مصر، والأردن، والـ5 في المئة المتبقين هم سيّاح أوروبيّون.
فرص وأمل
“مجال الضيافة هو عملي منذ سنين طويلة، ولا يمكن أن أترك بلدي. قلبنا مع الجنوب، لكنّه بالرغم من الظروف الصعبة يبقى الأمل موجوداً بداخلنا، ومن الضروري خلق فرص عمل من أجل تأمين الاستمراريّة”. بهذه الكلمات يشرح صاحب سلسة مطاعم، إتيان صباغ، السبب الذي دفعه إلى فتح مشروع جديد منذ 6 أشهر.
وبالرغم من تريّث الكثيرين في الاستثمار في مجالات عديدة، يرى صباغ أنّ الظروف أحياناً تشكّل فرصة للبعض ويجب استثمارها. وعلى الإنسان أن يقوّي قلبه، بالرغم من أن نسبة الخسارة قد تكون 50 في المئة، وهذا أمر واقعيّ في القطاع السياحي. لكن “بالرغم من ذلك، مستمرّون، ورغم الحرب النفسية التي تمارسها إسرائيل علينا، وغياب عدد كبير من المغتربين هذا الصيف. ويبقى أن عدداً كبيراً من المقيمين يرغبون في الاستمتاع بأوقاتهم صيفاً”.
سامر نخول، أحد المستثمرين في قطاع الضيافة في لبنان، افتتح حانة عصريّة جديدة ومطعماً منذ نحو 3 أسابيع. يتحدّث لـ”النهار” عن أنّه في صيف العام الماضي استأجر هذين الموقعين، أي قبل اندلاع الحرب في تشرين الأول. استمرّ بمشروعه، ولم يتردّد، بالرغم من تأخّر شحن معدّاته بسبب تأثر حركة الشحن في المياه الإقليمية، والأحداث الأمنية الراهنة، واستهداف إحدى الشخصيات الفلسطينية في الضاحية الجنوبية في أوائل العام، والذي شلّ البلد بشكل كبير. انتهت أعمال المحل في أول أيار، وافتتحه في آخر حزيران، بتكلفة تأسيس وصلت إلى نحو المليون دولار.
كذلك، تشارك نخول مع أحد المستثمرين الآخرين في فتح مطعم إيطالي في مار مخايل. في هذا الإطار، يؤكد نخول أنّ لبنان، لا سيما بيروت، يبقيان الواجهة والـshowroom للمطاعم على مستوى المنطقة.