لبنان في دوّامة العتمة والتسوّل… مجدّداً

 

بدأت السفن المحمّلة بالغاز أويل تفريغ الكميات في خزانات مؤسسة كهرباء لبنان. خلال بضعة أيام يُتوقع أن تعود التغذية بالتيار الكهربائي إلى ما كانت عليه، أي إلى ما بين خمس وست ساعات يومياً. وهذا الأمر يتطلب أن يُضخّ في المعامل نحو 3 آلاف طن يومياً من الغاز أويل. لذا، فإن الكمية التي يتم تفريغها الآن، والبالغة 60 ألف طن، قد لا تغطّي أكثر من 20 يوماً وفق هذه الوتيرة من الإنتاج. ثمة أفكار مطروحة على طاولة مؤسسة كهرباء لبنان من بينها خفض الإنتاج بما يطيل الوقت المتوقّع لنفاد الكميات إلى نحو شهر بدلاً من عشرين يوماً، وهذا الأمر يفرض خفض الإنتاج إلى نحو 400 ميغاوات يومياً بدلاً من 600 ميغاوات.

لكن هذه الخطوة هي مجرّد شراء للوقت. فعندما تصل الشحنة التالية من كميات الغاز أويل بموجب الاتفاق العراقي، والمتوقّعة خلال أسبوعين، فإن الأزمة ستعود للظهور مجدداً. هي الأزمة نفسها التي سبق أن انفجرت في منتصف الأسبوع الماضي، أي إن لبنان بات يترتب عليه أكثر من 170 مليون دولار مستحقات لتسديد فواتير الغاز أويل المستورد بموجب الاتفاق مع العراق. ولبنان لا يمكنه التسديد للأسباب نفسها، أي إن مصرف لبنان سيرفض تسديد الفاتورة طالما أنه لم تتم قوننة الاتفاق العراقي ولم تُفتح الاعتمادات اللازمة له في الموازنة.

هذا الموقف، سبق أن عبّر عنه بوضوح المجلس المركزي لمصرف لبنان في 3 تموز 2024. فقد وجّه حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري كتاباً إلى رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، يبلغه فيه أن وزارة الطاقة طلبت منه «على وجه السرعة ودون أي تأخير» تحويل مبلغ 164.7 مليون دولار في حساب المصرف المركزي العراقي لدى مصرف لبنان، وأفادته بأنها تواصل تسلّم الشحنات، وأن القيم المستحقّة والتي صارت مسجّلة في حساب المصرف المركزي العراقي لدى مصرف لبنان لتغطية شحنات الفيول بلغت في 26 حزيران 2024، 531.7 مليون دولار.

عندما تصل الشحنة التالية من الغاز أويل بموجب الاتفاق العراقي خلال أسبوعين ستعود الأزمة مجدداً

لكن منصوري، أبلغ ميقاتي أيضاً أنه سبق لمصرف لبنان أن أبدى استعداده لتغطية قيمة شحنات الفيول العراقي شرط صدور قانون بهذا الخصوص عن مجلس النواب، ووجود اعتمادات ملحوظة في موازنة 2024»، لكنّ هذين الشرطين «لم يتحقق أيّ منهما». وتبيّن من الكتاب، أن المجلس المركزي لمصرف لبنان ناقش هذه المسألة في 26 حزيران 2024، وأكّد موقفه السابق والواضح، والقاضي «بعدم وجود سند قانوني يسمح بتغطية القيم المستحقّة».

بمعنى أوضح، إن شبح العتمة الناتج من التوقف التام لمعامل إنتاج كهرباء لبنان، سيبقى جاثماً فوق المعامل في الأسابيع المقبلة التي ستشهد حتماً انخفاضاً في التغذية بالتيار الكهربائي وصولاً إلى نفاد المخزون. عندها، إذا قرّر العراق أن الشحنة إلى لبنان مقيّدة بسبب عدم تسديد الثمن، فسيدور لبنان في دوّامة العتمة والتسوّل مجدداً.

رغم أن الحلّ بيد مجلس النواب الذي يُفترض أن يدعو سريعاً إلى جلسة لإقرار هذا البند، إلا أن الساحة السياسية لم تشهد أيّ مداولات بهذا الخصوص. فالاتفاقية المحالة إلى مجلس النواب منذ أكثر من سنة، لا تزال تنام في الأدراج، ولا يبدو أن هناك أي نيّة لإخراجها وإبرامها.

Leave A Reply

Your email address will not be published.