جرّة الفساد اللبناني لن تسلم هذه المرّة
أزمة الكهرباء… تعاون السوداني يُقابله تشدّد برلماني
على وقع الاشتباك الجديد الذي بدأ يطل برأسه بين المعارضة والسلطة، بعد رفض خارطة طريق الاولى، واصرار الثانية على ان لا باب للدخول الى تسوية رئاسية، الا عبر الحوار وبرئاسة “استاذ عين التينة”، تقدم همّ الكهرباء في ظل موجة الحر التي تمر بها البلاد الى الواجهة، متخطيا الاوضاع على الجبهة الجنوبية والمخاوف من اندلاع حرب شاملة، في ظل التصعيد المتبادل الذي شهدته الساعات الماضية.
فقصة ابريق زيت الكهرباء، وما يتفرع منها من ازمات، اقلها ما يتعلق بانقطاع المياه المتوقع، والذي بشرت به مصلحة مياه بيروت، واثرها على السلامة البيئية والصحية، مع الارتفاع المتوقع في درجات الحرارة، اكسب القضية ابعادا لم يسبق ان بلغتها.
وفي ظل غياب الحلول الداخلية للازمة، التي باتت ابعد من سياسية، مع تحولها الى “مين قبل البيضة او الدجاجة”، بين الحكومة التي لا تملك في احتياط موازنتها ما يسمح لها بتغطية كلفة تمويل الفيول اويل، ومجلس النواب العالق في عنق زجاجة المعارضة، الا في حال بوشر بتطبيق بنود اتفاق عين التينة- ميرنا الشالوحي فيما خص تشريع الضرورة، ومصرف لبنان الرافض لصرف اي مبلغ دون تغطية من مجلس النواب، بعدما اخلّت وزارة الطاقة والدولة اللبنانية بكل الالتزامات التي تم قطعها سابقا.
مصادر مواكبة للملف كشفت ان الازمة الراهنة تعود لمجموعة من الاسباب تقاطعت، ما ادى الى انفجارها ابرزها:
-فشل وزارة الطاقة في تطبيق خطة التحصيل والجباية التي وضعتها، ما ادى الى عجز كبير في المبالغ المحصلة، سواء نتيجة الاوضاع المستجدة جنوبا، او بسبب العرقلة في حلحلة الجهة المتكفلة بتسديد فواتير مخيمات النزوح، واخيرا استمرار التعليق على الشبكة .
– لجوء الشركة بعلم وزارة الطاقة وتغطيتها، الى التصرف بالاموال المحصلة من الجباية، لتأمين قطع الغيار والصيانة على الشبكة وللمعامل ضمن حدود الدنيا، ما ادى الى استهلاك كامل على حساب الشركة، خصوصا ان عمليات “التعليق على الشبكة”، ادت الى التسبب باعطال كبيرة، والى احتراق محولات، كلفة استبادلها بالدولار.
– ارتفاع الاستهلاك نتيجة الظروف الطبيعية، واعلان وزير الطاقة عن اتجاه لرفع التغذية، ما ادى الى استهلاك كميات اضافية من الفيول.
هكذا اذا، والكلام للمصادر، وجد الجميع نفسه امام الحائط المسدود، وسط عجز عن تسديد المتراكمات للحكومة العراقية، التي وبحسب المتابعين، ابدى رئيس حكومتها محمد الشياع السوداني كل تعاون ورغبة في حل الازمة، الا ان العقبة بقيت في ان اي حل عراقي يحتاج للمرور عبر مجلس النواب العراقي، وهنا المعضلة الكبرى، ذلك ان ثمة تساؤلات حول صفقة مبادلة الفيول، وسمسرات وعملات وعمليات فساد، حول العقود الموقعة خلال فترة حكم مصطفى الكاظمي، خصوصا ان الحكومة اللبنانية لم تلتزم بالاتفاق المبرم مع نظيرتها العراقية على صعيد اتخاذ الاجراءات والخطوات التي تم الاتفاق حولها، لتأمين الشفافية على هذا الصعيد.
من هنا، اكدت المصادر ان الازمة مستمرة ولا حلول في الافق ما لم يتم تأمين الاموال اللازمة، رغم كل محاولات الوزير، الذي حاول التواصل مع احد المقرات الرئاسية طالبا وساطة شخصية امنية رفيعة، لكن دون جدوى، ذلك ان احدا على ما يبدو راغب في احراج مصرف لبنان او الضغط على الحاكم بالانابة لفتح اعتمادات، اقله في الوقت الراهن.