انتخابات جمعية المصارف اليوم وبنوك صغيرة تجهد لتطيير النصاب
يعود الاستحقاق الانتخابي ليقرع باب جمعية مصارف لبنان مجددا، بعد تلافيه بالتمديد للمجلس الحالي ورئيسه لمدة سنة واحدة. لم تكن انتخابات جمعية المصارف يوما جاذبة للتجاذبات والتحليلات والاصطفافات، إلا بما ندر، وكان أهلها يرتبون أمورهم بعيدا من قوى السلطة السياسية ومحاورها. وقد تغلبت لغة التسويات ومصلحة القطاع على قراراتهم و”تزكياتهم” الانتخابية، ما أكسب مؤسسة المصارف استقرارا نادرا في بلد يتنفس سياسة وطائفية و”نكدا”.
وسط مد وجزر وتباينات بين الموالين والمعارضين داخل جمعية المصارف حيال دورها في معالجة الأزمة المصرفية، تلتئم الجمعية العمومية غير العادية للجمعية في الثانية عشرة والنصف بعد ظهر اليوم، وعلى جدول أعمالها بند وحيد هو تعديل المادة 13 من نظام الجمعية، بهدف التمديد للمجلس الحالي برئاسة سليم صفير الذي تولى رئاسة جمعية المصارف في دورتين متتاليتين، الأولى عام 2019 والثانية عام 2021، ثم تم التمديد للمجلس استثنائيا عاما واحدا ينتهي في 11 من الشهر الجاري.
تؤكد المعلومات أن الشريك المؤسس في “سيدروس بنك” الوزير السابق رائد خوري يقود حملة المصارف الصغيرة بغية إدخال عضوين إلى مجلس الإدارة ليصبح العديد 14 عضوا بدل 12، على أن يكون العضوان الجديدان مسيحيا ومسلما، بما قد يدخل الجمعية وفق ما تقول مصادر متابعة في متاهات طائفية ومذهبية هي في غنى عنها، عدا عن الحساسيات التي يمكن أن تنتج.
وتشدد مصادر على ضرورة إبقاء جمعية مصارف لبنان، عند حدود الدور المالي والاقتصادي الذي تجيده، وإبعادها عن الصراعات والمناكفات السياسية، وخصوصاً “سوسة” الطائفية ومطحنتها الهدامة، والتمسك بثقافة الحكمة والروية والرقي التي اعتادت الجمعية ممارستها.
وقد استطاع خوري، وفق ما يشاع، أن يستقطب حول طرحه 15 إلى 18 مصرفا من المصارف الصغيرة لمواجهة المجلس الحالي للجمعية وعدم تأمين النصاب في اجتماع اليوم والذهاب إلى “عمومية” غير عادية أخرى أو إلى جمعية عمومية عادية يتم فيها انتخاب مجلس جديد، علما أن مصادر موالية للمجلس الحالي تؤكد أنه إذا نجح المعارضون في تعطيل الجلسة فإن ذلك يعني انتهاء ما يسمى جمعية المصارف، إلا إذا نجحوا في تشكيل جمعية جديدة!
فهل ينجحون في تعطيل الجمعية العمومية؟
بحسب نظام جمعية المصارف، فإن التئام الجمعية العمومية غير العادية يستلزم حضور ما لا يقل عن 75% من أعضائها. وكذلك فإن اتخاذ أي قرار، كتعديل المادة 13 والتمديد للمجلس الحالي أو أي قرار آخر، يستلزم موافقة غالبية الأعضاء، أي 75% منهم. وتقول المصادر إنه في حال مقاطعة هؤلاء الجمعية اليوم فيمكنهم تعطيل النصاب والذهاب إلى مشكلة.
والمشكلة في رأي المصادر ان إدخال أعضاء جدد يتطلب إجراء انتخابات، وهو أمر يستحيل في هذه الظروف، إذ لا يمكن أحدا أن يتلقف كرة النار إلا سليم صفير الذي يجري أصلا إقناعه بأن يبقى رئيسا، عبر تغيير النظام للتمديد له سنتين. ويستند خوري في معارضته التجديد للمجلس الحالي وفق المصادر، إلى أن الاعضاء الحاليين لا يقومون بواجباتهم على أكمل وجه في إيصال صوتهم إلى مصرف لبنان والمعنيين في الدولة والمؤسسات الدولية مثل صندوق النقد.
ما يسود الأوساط المصرفية والإعلامية معيب في الشكل والمضمون، والتهديد بتطيير النصاب وتحويل الجمعية العمومية لمصارف لبنان، إلى ما يشبه المجلس النيابي، هو تشبه بالفشل والعجز والتشرذم وعدم المسؤولية وتفضيل الشغور وتصريف الأعمال على الانتظام بالقانون واللعبة الديموقراطية. والمؤسف، أن يأتي ذلك ممن يفترض أنهم بحكم مسؤولياتهم وخلفياتهم العلمية والثقافية، من صفوة رجال المال والأعمال، العالمين يقينا ما يعنيه انهيار جمعية بحجم جمعية مصارف لبنان.
وتؤكد مصادر متابعة للأزمة المصرفية أن “ليس لدى المصرفيين ترف الديموقراطية والوقت، فالأزمة أكبر من قدرات الجمعية، وأضخم من فاعلية المصارف وأوراق القوة المتبقية لديها. فالمهمة استثنائية أمام جمعية المصارف بحكم الظروف السائدة، واستثنائيتها تتأتى من واقع البلاد المتشظي من جهة، وما يعتريها من تصادم سياسي وشغور من جهة أخرى، ومن استمرار أطراف السلطة بمحاولة وضع اليد على جميع المؤسسات بما فيها جمعية مصارف لبنان وقرارها، والتدخل في شؤونها وشجونها”.