امتحانات وشهادات… لا إفادات!

 

مع انطلاق الامتحانات المهنية في مختلف المحافظات اللبنانية بما فيها الجنوب والنبطية، والامتحانات المتوسطة لأصحاب الطلبات الحرة، تكون وزارة التربية قد حسمت في إجراء هذا الاستحقاق وأعطت إشارة واضحة إلى أن امتحانات الشهادة الثانوية بفروعها الأربعة قائمة في موعدها المقرر قي 29 الجاري. وعلى الرغم من انتشار الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي حول إمكان الغاء الامتحانات بسبب الاوضاع الأمنية جنوباً، خصوصاً بين التلامذة، إلا أن ذلك لم يحدث مع استبعاد هذا الخيار كونه يؤدي إلى منح الإفادات، وهو ما تحاول التربية إبعاده لأسباب لها علاقة بقيمة الشهادة والمستوى التعليمي لا سيما في حصول التلامذة على القبول في اختصاصات محددة في الجامعات.

شكلت الامتحانات المهنية مؤشراً على إمكان إجراء الاستحقاق في الجنوب والنبطية، بمعزل عن الأوضاع الأمنية وما يحدث في القرى الحدودية من اعتداءات إسرائيلية يومية اختبرها المرشحون مع قيام الطائرات بخرق جدار الصوت. لكن ذلك لم يؤثر على سير الامتحانات المهنية التي شارك فيها أكثر من 16 ألف تلميذ، حتى أنه يوجد مركز في قضاء بنت جبيل ليس بعيداً عن الحدود أجريت فيه الامتحانات من دون مشكلات. فيما سجل غياب كبير في امتحانات الطلبات الحرة للمتوسطة، وهذا طبيعي ويحدث كل سنة.

الاستحقاق الأكبر في 29 الجاري هو الامتحانات الرسمية للشهادة الثانوية، إذ تتركز الجهود على إنجاحها. ولذا حددت وزارة التربية مراكز آمنة في محافظتي الجنوب والنبطية، وأخذت بالاعتبار أوضاع المرشحين من ثانويات المنطقة الحدودية، والذين يبلغ عددهم نحو 800 يتوزعون على مراكز في أقضية صور وبنت جبيل والنبطية وحاصبيا، فيما سمحت المديرية العامة للتربية في تعميم لتلامذة الجنوب والنبطية بالالتحاق بأي مركز في لبنان في حالات الضرورة الناجمة عن تطورات أمنية. وهذا التعميم الذي يشكل ثغرة في الاستعدادات للامتحانات ويؤدي في حالات محددة إلى فوضى، أوضحته مصادر في الوزارة على أنه استثنائي ويتعلق بتلامذة المناطق الحدودية كما في المهني، ولا يعني اقفال المراكز في الجنوب والنبطية والمحددة في وثائق الترشيح للتلامذة.

لا شك في أن الحملات المتواصلة لإلغاء الامتحانات الثانوية قد أحدثت ارباكاً في التربية، لا سيما في ظل التطورات الأمنية على الحدود. وهذا الارباك حدث بعد الجدل الذي رافق البرنامج الأول الذي يستبعد المواد الاختيارية، ثم استعيض عنه ببرنامج الامتحانات الموحدة لكل تلامذة لبنان مع مواد اختيارية محددة تختلف عن العام الماضي. وبعد تجاوز الارباك الناجم عن الحملات والمطالبات بالإلغاء، يجري التركيز اليوم على إقفال الثغرات التي تؤدي إلى الفوضى أو التلاعب بالاستحقاق لناحية التصحيح واصدار النتائج وبينهما توزيع المسابقات على مراكز التصحيح. المهم من خلال هذه الحصيلة أن الامتحانات الثانوية ستجرى، إلا إذا حدثت تطورات أمنية كبرى تتعلق بالبلاد، وهو أمر لا يعود متعلقاً بالتربية وحدها.

لكن في ظل هذه الأجواء يبقى استحقاق الامتحانات أولوية والالغاء مستبعداً بما يعني عدم منح إفادات ستقضي في حال دفعت التطورات الأمنية إلى الغائها، على الشهادة بعد سنوات من الأزمات ارتدت سلباً على التعليم.

ستكون الامتحانات الثانوية مفصلية في الظروف الراهنة. فخضوع التلامذة لها يشكل مدماكاً للعودة الى انتظام التعليم على الرغم من كل التحديات. وإذا جاء إصدار توصيف الامتحانات متأخراً، فهو ناجم عن الأوضاع الاستثنائية التي رافقت التحضير للاستحقاق، وتضاف اليه التسهيلات والأسئلة الاختيارية، لكنه في النهاية يصب في انجاز الامتحانات. وعلى التربية أن تتمسك بهذا الخيار، إذ ليس صحيحاً أن الافادات في ظل هذه الظروف هي بديل ذات صدقية للشهادة؟

Leave A Reply

Your email address will not be published.