تحديات الإمتحانات والإستثمار في التعليم
إجراء الإمتحانات الرسمية للصفوف النهائية في هذه الظروف الضاغطة التي يعيشها البلد، يُعتبر تحدياً للطلاب وعائلاتهم، على إيقاع التصعيد المتدحرج في الجنوب، والتهديدات الإسرائيلية اليومية، والتي أصبحت جزءاً من الخطاب الشعبوي لرئيس الحكومة وخصومه المعارضين على السواء.
إصرار وزير التربية د.عباس الحلبي على عدم تأجيل هذا الإستحقاق التربوي، والحرص على توحيد الأسئلة في جميع المناطق اللبنانية، بما فيها محافظة الجنوب، يبقى موقفاً جريئاً، ولكنه يحتاج إلى معالجة واقعية تُراعي الحالة النفسية التي يعيشها الجسم الطلابي والأهالي، بحيث تبتعد الإسئلة عن بعض الفذلكات المعهودة من قبل بعض المعلمين.
ومن المفترض أن يشرف وزير التربية شخصياً على مختلف مراحل الإمتحانات، لضمان حسن إتمامها من جهة، ولتحديد سُلَّم العلامات الواجب إتباعه في تصحيح مسابقات مختلف المواد التعليمية، الأدبية منها والعلمية، لضبط حركة التصحيح، وإبقائها على مستوى معين، مع مراعاة الوضع الإستثنائي الذي يتخبط فيه البلد.
لقد حافظ لبنان على تاريخ طويل من التميُّز في نظامه التعليمي المتعدد اللغات والثقافات، والذي أثبت جودة ومستوى البرامج المعتمدة في مختلف المراحل الدراسية، والتي تماهي متطلبات الدراسة الجامعية، في جامعات إحتفظت بتفوقها التعليمي، ليس بالمقارنة مع مثيلاتها في المنطقة، بل في تصنيف العديد من الجامعات العالمية.
وإستطاع خرِّيجو هذه الجامعات من الشباب اللبناني أن يثبتوا أهمية جودة البرامج الجامعية المعتمدة غي لبنان، ويحصِّلوا من خلالها على أهم المراكز القيادية، في المؤسسات الخارجية التي يعملون فيها.
حتى الجامعة اللبنانية، جامعة الوطن الأساسية، أثبتت. حضوراً علمياً مميزاً في المحافل والتصنيفات الأكاديمية، رغم قلة الإمكانيات المالية المتوفرة لها، والتي تقل بأشواط كبيرة، عن الجامعات الخاصة، لا سيما جامعات الإرساليات الأجنبية، وتلك الخاضعة لمؤسسات كهنوتية.
لعلها مناسبة للتأكيد على أهمية الإستثمار في التعليم المدرسي والجامعي في لبنان، للإحتفاظ بهذا المستوى من التميّز والريادة بالمستوى التعليمي، لأن الشباب اللبناني يبقى الرأسمال الوطني الأول للبلد، مهما تعددت موارد الدولة لاحقاً، لأن شباب اليوم هم قادة الغد، وبسواعدهم وإبداعاتهم يمكن إعادة بناء الدولة، وتحقيق الإصلاحات المنشودة، للخروج من دوامة الأزمات الراهنة.