15 ألف تلميذ يطالبون بإلغاء “الترمينال” والحكومة تصرّ.. فهل هناك منفعة ماديّة من إتمامها؟
في ظل الحرب الدائرة في الجنوب، اتخذت وزارة التربية والتعليم العالي قرارا حاسما بإجراء الامتحانات الرسمية للشهادة الثانوية، مما أثار جدلاً واسعا في الأوساط التربوية والاجتماعية. ففي وقت امتنعت فيه حكومة تصريف الاعمال عن إتمام الانتخابات البلدية بسبب الظروف الأمنية المتدهورة، وقدمت إفادات عوضا عن الامتحانات خلال جائحة كورونا، تلحّ بشكل غير مسبوق على تنفيذ الامتحانات الموحدة، بالرغم من الاعتداءات المتكررة والأعمال الحربية في المناطق الحدودية الجنوبية. لذلك يعكس هذا القرار تعقيدات السياسة التعليمية المتبعة، حتى ان خطة وزارة التربية تحتاج الى خطة، مما يطرح تساؤلات حول الأولويات الحكومية في ظل الظروف الاستثنائية.
توتر وضغط نفسي!
وفي الوقت عينه، فان تأثيرات الحرب النفسية تشكل جانبا آخر من التحديات، التي يصادفها الطلاب في هذه الفترة العصيبة، لان الخوف والقلق الناتجين من النزاعات الأمنية ينعكسان سلبا على تركيزهم وتحصيلهم الدراسي. بالإضافة إلى ذلك، يقاسي هؤلاء من اضطرابات النوم والتوتر المستمر، بحسب ما قاله بعض التلامذة في منطقة الجبين والنبطية لـ “الديار”، مما يزيد من صعوبة التحضيرات. هذا الاختلاط النفسي المتزايد يؤثر أيضا في سلوكهم ابان الامتحانات، مما يضعف من جدارتهم على تحقيق نتائج تُبرز قدراتهم الحقيقية.
ماذا لو أُلغيت الامتحانات قبل ساعات ؟
بالموازاة، قالت الاختصاصية النفسية غنوة يونس لـ “الديار” “من المؤكد ان إلغاء الامتحانات في اللحظة الأخيرة قد يحبط من عزيمة الطلاب، كما يمكن أن يكون له تأثيرات سلبية عميقة في معنوياتهم ودافعهم للاستمرار في الدراسة. وقد يعانون في ما بعد من الاعراض الاتية:
1- الإحباط النفسي: بعد أسابيع قليلة من التحضير المكثف، يمكن أن يشعر الطلاب بالفشل واليأس عندما تُلغى الامتحانات فجأة، لذلك تقلل هذه الخيبة من دافعهم للاستمرار في التعلّم.
2- عدم الاستقرار: تولّد القرارات المتأخرة وعلى حين غرّة احساسا بالشك في العملية التعليمية بأكملها، مما يجعل الطلاب يشعرون بأن جهودهم قد تكون غير مجدية في المستقبل.
3- الإجهاد النفسي: المرْج والتشوش الناجمان عن التهيئة للامتحانات ، يمكن أن يتفاقما عندما تُبطل بشكل داهم، مما يسبب تعباً نفسيا إضافيا للطلاب.
4- الهواجس: يؤدي التعطيل المفاجئ إلى فقدان الثقة في النظام التعليمي والسلطات المسؤولة، مما يؤثر في التزام الطلاب واستعدادهم للتعاون مع القرارات المستقبلية.
5- زعزعة المستقبل الأكاديمي: الطلاب الذين يعتمدون على نتائج هذه الامتحانات للحصول على قبول جامعي أو منح دراسية، قد ينشغلون بالهمّ بشأن مستقبلهم الأكاديمي، مما يؤدي الى تعاظم الضغط النفسي الذي يواجهونه.
موقف صارم!
من جهته، قال رئيس اللجنة الطالبية ورئيس كتلة “الشباب المستقل” ضمن “برلمان الشباب” في لبنان عمر الحوت لـ “الديار”: “نحن كلجنة طالبية تبنينا موقفا واضحا في هذا الإطار، بناء على دراسة تامة والمام بالواقع الأمني الحالي المستجد في البلد. لذلك اخذنا آراء ومطالب الطلاب بعين الاعتبار ، انطلاقا من جمع استبيانات تعود لممتحنين في الشهادة الثانوية، وقد شارك فيها ما يقرب من 15 ألف طالب من كل لبنان”.
وأضاف “نقدّر جهود وزارة التربية لجهة استمرارية العام الدراسي في القطاع الرسمي، ومشكورة على هذا الدأب. لكن في الوقت نفسه، لا يمكن انكار انه لم يكن لدينا تعليم جدّي سواء في الرسمي او الخاص، لا سيما في المناطق الجنوبية التي تشهد اعتداءات من قبل العدو الإسرائيلي. هذا الوضع الأمني الطارئ وضع الطلاب تحت وطأة الضغوط النفسية وخلق لديهم ارباكا وتوترا كبيرين، لذلك من غير المنطقي اعتبار ان العام الدراسي الحالي كان عاماً طبيعيا. ومن هذا المنطلق أطلقنا موقفا حاسماً يتجلّى بضرورة توزيع الافادات المدرسية على جميع الطلاب دون استثناء، تمشيا مع مبدأ الدولة في موضوع تأجيل الانتخابات البلدية المتمثل بعدم فصل محافظة الجنوب عن بقية المناطق. والقاعدة هنا من المفترض ان تنسجم مع هذا التوجه نفسه، بمعنى آخر لا يمكن منح الافادات لطلاب الجنوب فقط وانما للجميع”.
العدالة بإتمام الامتحانات!
وأوضح قائلا: “اتى في الأساس قرار وزارة التربية بإنجاز الامتحانات بغية تحقيق الانصاف، والذي يعد مفقودا من وجهة نظرنا نتيجة الظروف التي تحضّر من خلالها التلاميذ للاختبارات الرسمية. فعلى سبيل المثال، ظروف طلاب بيروت غير مماثلة لظروف طلاب الجنوب او البقاع، الذين يتعرضون لقصف “إسرائيلي” متكرر. فضلا عن ان الوضع الأمني نفسه الذي فرض الغاء وتأجيل الانتخابات البلدية لا يزال على حاله، لا بل تفاقم سوءا أكثر من ذي قبل”.
هل تلغى الامتحانات؟ يجيب الحوت “كل من يعمل في الشأن التربوي يعي ان هكذا قرار يصدر في الساعات الأخيرة قبل الامتحانات. ونراهن على امرين أساسيين هما:
– الأول: وجود موقف موحد وجامع لكل الطلاب يتمثّل بوجوب إعطاء الافادات المدرسية للجميع، بحيث ان هذا بحد ذاته يشكل رأيا عاما ضاغطا في هذا السياق.
– الثاني: التعويل على الضغوطات التي يمارسها النواب والكتل السياسية البارزة لإلغاء الامتحانات وذلك بدءا من يوم الاثنين المقبل”.
ليسوا في جهوزية تامة!
من جانبها، أوضحت رئيسة “اتحاد لجان الاهل واولياء الأمور” في المدارس الخاصة في لبنان لما الطويل لـ “الديار” ان “تنفيذ الامتحانات الرسمية يعد استحقاقا وطنيا، يجب إجراؤه للمحافظة على المستوى التعليمي والشهادة اللبنانية، لكن الظرف الاستثنائي الذي يمر به البلد ادى الى احداث فاقد تعليمي كبير لدى التلامذة في لبنان. لذلك فان الوضع دقيق بالنسبة الى طلاب الجنوب، في ظل عدم وجود خطة تربوية محكمة من قبل الوزارة المعنية، للتعويض او لتأمين المقومات اللوجستية للتعليم لصفوف الشهادات. اذ ان هؤلاء او بالأحرى أولئك الذين يقطنون في المناطق الحدودية ليسوا في جهوزية تامة، وبشكل خاص من الناحية النفسية وبالتالي يجب مراعاة ظروفهم”.
صرخة متعاقد في التعليم المهني والتقني
من ناحية أخرى، يعاني أيضا الأساتذة في القطاع المهني الرسمي في لبنان من أحوال نقدية قاسية تمنعهم من القيام بواجباتهم، حيث أن الأجور الحالية لا تتناسب مع الجهود الكبيرة التي تُبذل في التعليم او لمراقبة الامتحانات الرسمية المهنية التي تنطلق يوم 24 حزيران. اذ ان اجرة الساعة تبلغ حوالى الدولارين فقط، وهو ما ينعكس سلبا على مستوى معيشتهم ويضاعف الضغوط النفسية عليهم. فوق ذلك، تؤثر هذه الأوضاع بشكل مباشر في أدائهم وتفاعلهم مع الطلاب، مما يزيد من تعقيدات العملية التعليمية ويقلّص من جودة التعليم المقدمة.
وفي هذا المجال، أكد مصدر في قطاع التعليم المهني لـ “الديار” ان “طلاب الجنوب هذا العام لم يتعلموا بشكل طبيعي بسبب الهرج الأمني، وكانوا تحت ضغط نفسي وتوتر متواصل، وتم تحديد الامتحانات بشكل مباغت، والاسوأ ان دائرة الامتحانات الرسمية في مديرية التعليم المهني، حددت مراكز الامتحانات لطلاب صيدا في مناطق تشهد اعمالا حربية من قبل العدو الصهيوني، لذلك اعتقد ان الامتحانات هي شكلية ويسودها الغش والفوضى على نسق ما جرى العام المنصرم”.
وأضاف المصدر” علما ان الأساتذة في التعليم المهني لم يقبضوا بدل الإنتاجية أي الـ (250 $)، كذلك الامر بالنسبة لبدل النقل عن العام الماضي. وقد طالبنا بحقوقنا مرارا وتكرارا، لكن لم نحصل الا على الوعود الكاذبة، لان هذا الملف يخضع الى تدوير حسب دائرة المحاسبة بالمديرية، مما يعني تمييع قضيتنا أي “تخبزوا بالأفراح”.
وأردف المصدر “هذا العام قبضنا 4 أشهر بدل نقل والباقي لا يزال مجهول المصير، اما بالنسبة لمستحقاتنا بدل اجرة الساعات عن عام دراسي كامل فقد اخذ المتعاقدون في الاساسي والثانوي اتعابهم، لان الاعتمادات تأتي مباشرة من الوزارة، بينما الأستاذ في القطاع المهني الرسمي لم يتقاض قرشا واحدا بعد، لأن الأموال التي تدخل الى مديرية التعليم المهني “ما بتطلع الا بطلوع الروح” وتبقى غير معروفة النهاية، وكل الاجتماعات التي جرت في المديرية دون فائدة. أما بالنسبة لتعديل اجر الساعة الذي بات حوالى 2$ فقد أنهينا عاما دراسيا كاملا ولم نر فلسا واحدا كالعادة، ويجبرون الأساتذة على مراقبة الامتحانات”.