النافعة “غير نافعة”… وهذه الأسس الخمسة لانتظام العمل

 

لا تزال مصلحة تسجيل السيارات (النافعة) “غير نافعة”. هذا في اختصار الوضع الحالي لمراكز الميكانيك. فبعد الصولات والجولات التي حكمت الملف، لا يبدو أن المسار الطبيعي للعمل أخذ سياقه المعتاد.

أخيرا، وضعت لجنة الاقتصاد النيابية برئاسة النائب فريد البستاني إصبعها على “جرح” النافعة، و”شرّحت” القضية عبر سلسلة اجتماعات، في حضور وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي ومحافظ بيروت مروان عبود.

واللافت أن اللجنة نجحت في وضع خمسة أسس لأي عمل يفترض أن يعود طبيعيا وروتينيا في أهمّ مرفق يتولّى تسيير شؤون المواطنين، ويدرّ في الوقت نفسه مبالغ على الخزينة العامة.

من هنا، أثار البستاني مطولا “قصة الإكراميات”. يقول: “هذا الأمر لا يجوز، إذ ينبغي أن نصدر دفاتر السوق ونسجل السيارات ولكن بأقل ضرر على المواطن. قررنا أن ننتظر تقرير لجنة تقصي الحقائق، وسنستكمل عملنا ولن نتفرج. نريد أن نعرف أين ستذهب الأموال، مع التشديد على حقوق الموظفين في النافعة”.

فما الذي يجري هناك؟ وما هي الأسس التي وضعتها اللجنة؟ وهل يمكن ان تأخذ منحاها التنفيذي قريبا؟

عضو اللجنة النائب رازي الحاج الذي شارك في اجتماع اللجنة أخيرا، كما زار من ضمن وفد من اللجنة الرئيس نجيب ميقاتي لمواكبة ملفات حيوية عدة، ومن ضمنها ملف النافعة، يكشف لـ”النهار” أن “واقع النافعة الحالي لا يمكن أن يستمر على هذا المنوال. هو تماما كالدوائر العقارية، من ناحية ملامسته شؤون الناس ومعاملاتهم، ومن ناحية ما يمكن أن يخدم خزينة الدولة ماليا”.

ويتدارك: “كما توقفت الدوائر العقارية مطولا عن العمل، توقفت النافعة، انطلاقا من ضرورة المحاسبة وتولي القضاء مهماته في هذا المجال. ولكن هذه المعادلة أكثر من دقيقة، إذ لا يمكن، بحجة التحقيق وملاحقة تهم الفساد، ألا يضمن القضاء الحفاظ على استمرارية عمل المرفق العام. هذا التوازن أكثر من حساس، ولا بد من المحافظة عليه”.

أكثر قسوة

لا شك في أن عمل النافعة في الفترة الأخيرة لم يكن على المستوى المطلوب. فالترنّح بين النشاط واللانشاط أدّى الى عرقلة خدمات الناس. زاد الطين بلّة الإضراب الذي دعا اليه مستخدمو النافعة لمدة أسبوع، وهو ما ساهم في تجميد العمل أكثر. صحيح أن الإدارة الجديدة للمرفق الذي يتولاه محافظ بيروت بإشراف تام ودائم من وزارة الداخلية، حاولت أن تعطي النافعة زخما جديدا، عبر الاستعانة بعسكريين وأمنيين لسد فجوة النقص في الكادر البشري، إلا أن إشكالية أخرى طرأت هي عدم خبرة هؤلاء في عمل الميكانيك.

كل هذا وأكثر تناولته لجنة الاقتصاد مطولا، وصولا الى معضلة شركة “انكريبت” التي تحوم حولها أكثر من علامة استفهام مشروعة، إلا أنها لا تزال تعمل، على الرغم من انها محط دعاوى قضائية عدة.

يعلق الحاج: “هذه التجربة عبر الاستعانة بالعسكريين اظهرت عقبات كثيرة، على صعيد انعدام الخبرة والكفاية، مما أثر سلبا على نمط العمل، الى جانب الكثير من المشاكل اللوجستية وانعدام الإمكانات لإدارة المرفق العام كما ينبغي، فهناك مشاكل في الكهرباء والمازوت وتسليم الـ systeme كله، وعلى الرغم من جهود الداخلية في هذا المجال، لم ينتظم العمل”.

وفق الحاج، “قد لا يكون هناك سوء نية، إنما بالتأكيد ثمة قلة خبرة، أضف الى ذلك مشاكل الموظفين على صعيد الرواتب وتأمين الدوام اللازم. كل هذه المؤشرات لا تبشرّ بالخير”.

ولكن ما هي الأسس الخمسة التي وضعتها اللجنة لاستقامة العمل؟

يعدد الحاج: “أولا، على من يتولى المسؤولية حاليا من وزارة الداخلية ومحافظ بيروت أن يكون أكثر قسوة على صعيد التدابير والإجراءات.

ثانيا، ملف الموظفين الذين أوقفوا عن العمل يشكل عاملا أساسيا في انتظام العمل، إذ لا بد من الارتكاز على رأي مجلس الخدمة المدنية الذي يعتبر أن من لا حكم عليه يمكنه أن يعود الى العمل مجددا، ولاسيما أن عددا كبيرا منهم يمتلك خبرة طويلة في هذا المجال، من دون أن يعني هذا الموقف أي تهاون في استمرار التحقيقات أو في الإفلات من العقاب لمن يستحق.

ثالثا، فتح المراكز في المناطق. هذا الأمر أكثر من ضروري وحيوي.

رابعا، تبسيط المعاملات، إذ إن هناك بعض الإجراءات أو الخطوات غير اللازمة، وإنما المستمرة. وهذا يؤخر العمل ويعقده.

خامسا، الخدمات السريعة أو ما يعرف بـ”الخط السريع” الذي يأخذ وقتا أقل من الخط التقليدي، إنما بكلفة أعلى. فقد توقفت لجنة الاقتصاد مطولا عند هذه المسألة التي يُخشى أن تساهم في “تشريع الرشوة” وضرب مبدأ المساواة بين المواطنين. صحيح أن عددا من دول العالم يعتمد الخط السريع في تأمين بعض الخدمات، لكنه لا ينبغي أن يأتي على حساب الخط التقليدي أو أن يلغيه”.

هذه الأسس وضعتها لجنة الاقتصاد، وأطلعت عليها أيضا الرئيس ميقاتي، وهي تعتبر أن “ثمة قدرة لمجلس الوزراء مجتمعا، وللوزارات المعنية على متابعتها، وبالتالي أن تأخذ مسارها التطبيقي، لكونها تشكل خطة طريق أولية لوضع العمل في النافعة على السكة الصحيحة.

وإذ تواصل لجنة الاقتصاد قريبا اجتماعاتها لمواكبة “تطورات النافعة”، فإن لجنة تقصي الحقائق برئاسة النائب ابرهيم منيمنة لا تزال تتابع عملها أيضا، في انتظار أن تضع تقريرها النهائي ليصبح لاحقا أمام الهيئة العامة للمجلس والنواب مجتمعين… فهل يبلغ العمل النيابي – الرقابي خواتيمه، أقلّه في النافعة؟!

Leave A Reply

Your email address will not be published.