العراق يعوّل على تفعيل أنبوب النفط عبر طرابلس…ولبنان أكثر!

 

حملت زيارة الوفد العراقي للبنان الاسبوع الماضي مشاريع عدة، بدليل أن محادثاته شملت فاعليات من القطاعين العام والخاص.

إلا أن أهم هذه المشاريع يتعلق وفق رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار في العراق الدكتور حيدر مكية ب”إعادة تأهيل أنبوب النفط من العراق مرورا بسوريا إلى مصفاة طرابلس في لبنان”، والعمل على “تمديد كابلات ألياف ضوئية ذات سعات كبيرة، سيتم مدها من منصات في دولة الإمارات المتحدة إلى الفاو في العراق، ومن ثم إلى سوريا ولبنان، على أن تمر بجانب أنبوب النفط”.

هذان المشروعان، في ما لو تحققت لهما مقومات النجاح والتنفيذ، هما من المشاريع الطموحة التي لطالما سعت أكثر من جهة محلية ودولية لتنفيذها، لكن “الشيطان” كان دائما يكمن في التفاصيل.

ليست المرة الأولى ولن تكون. فالعراق لم يتأخر مرة عن مساعدة لبنان، وما استمرار عقود إمداد كهرباء لبنان بالفيول اللازم لإبقاء التيار الكهربائي على قيد الحياة، وبالليرة اللبنانية، إلا خير شاهد على متانة الروابط اللبنانية – العراقية، وقدرتها على إحداث خرق جدي في الملفين النفطي والكهربائي متى أزيلت العوائق السياسية الدولية.

مصادر متابعة أكدت لـ”النهار” أن ما يطرحه الجانب العراقي على اللبنانيين هو بمثابة ورقة يانصيب مجانية، تأتي للبنان بفائدة هو في أمس الحاجة إليها في ظل ظروفه الراهنة، والارتفاع الجنوني في أسعار النفط عالميا. فكلفة صيانة الأنابيب المتهالكة الممتدة من كركوك في العراق، إلى طرابلس شمالي لبنان، مرورا بالأراضي السورية ليست قليلة، وليس معروفا وفق الطرح العراقي طريقة حمايتها من التعديات، خصوصا عند مرورها في مناطق خارجة عن سيطرة النظام السوري، إلى جانب عدم وضوح الطرح لجهة شموله مصفاة بانياس على الساحل السوري، الذي كان يتقاسم مع مصفاة طرابلس اللبنانية عند إنشاء خط الأنابيب عام 1940 حصرية تصدير النفط العراقي عبر المتوسط”. بالإضافة إلى ما سبق، تحتاج منشآت “شركة نفط العراق (Iraq Petroleum Company المعروفة بالـ “آي بي سي” إلى أعمال تجديد وصيانة لجميع الأنابيب والمعدات الميكانيكية والخزانات المتبقية، التي توقفت صيانتها منذ قررت وزارة النفط وقف استخدام المنشآت سنة 1992، باستثناء تخزين المازوت، لعدم جدواها الاقتصادية بسبب الدمار الكبير الذي أصابها إبان الحرب، والتخريب الممنهج الذي استمر على المعدات والأنابيب على خلفية الصراع السوري – العراقي آنذاك.

وبالعودة الى تفاصيل زيارة الوفد العراقي، فقد أكد مكية أن “العراق يعمل على مشاريع كبرى أهمها “الكوريدور” المشرقي الذي يربط العراق بسوريا ولبنان”، وأن “الدولة العراقية ستعمل على إعادة تأهيل أنبوب النفط من العراق مرورا بسوريا إلى مصفاة طرابلس في لبنان”.

وتبعا لذلك، عرج الوفد العراقي قبل وصوله الى لبنان على سوريا للاطلاع ميدانيا على الخط أو الأنبوب في الأراضي السورية الذي يبلغ 600 كلم، حيث أظهرت الكشوفات الأولية أنه مترهل ويتطلب إعادة تأهيل”.

أما بالنسبة الى الشق المتعلق بلبنان، فقد اطلع الوفد العراقي، مستعينا بفريق من الخبراء اللبنانيين، على خط النفط الذي يصل العراق بلبنان مرورا بسوريا، ومصفاة النفط في طرابلس، ومستودعات التخزين ومنصات التصدير ومدى الأضرار والكلفة لإعادة تأهيلها تحضيرا لتخزين النفط وتصديره. وتبين أن ثمة 4 خطوط نقل نفط في لبنان، ولكن لا يمكن استخدام سوى خط واحد حالته لا تزال جيدة، بعرض نحو 30 إنشا، ويمكن تصدير 30 ألف طن يوميا عبره، أي حمولة باخرة صغيرة، فيما الخطوط الثلاثة الاخرى تحتاج الى إعادة تأهيل.

وفيما أكد مكية أن “الحكومة العراقية ستعمل على استملاك مساحات على طول مرور هذا الأنبوب كي يكون تحت نطاق الحكومة العراقية”، تحدثت المصادر عن أن النفط العراقي الذي سيمر عبر سوريا لا يخضع لمفاعيل “قانون قيصر”، إذ إن الخطوط التي ستمر فيها الفيول العراقي ملك للعراق، الذي سبق أن اشتراها بتوقيعه اتفاقية دولية بينه وبين سوريا منذ عقود”.

وتعول الحكومة العراقية على هذا المشروع من أجل تنويع وجهات تصدير النفط العراقي ولزيادة التصدير إلى الأسواق الأوروبية عبر مصفاة طرابلس، “فنحو 80% من نفطه يتجه إلى آسيا وتحديدا الى الهند التي تعتبر أكبر مستورد للنفط العراقي، أما نسبة الـ20% فهي من نصيب اوروبا. لذا يعتبر العراق ان خطوة تصدير النفط عبر لبنان سيرفع من صادراته النفطية الى اوروبا بكلفة نقل منخفضة نسبيا”.

وزير الطاقة وليد فياض أكد لـ”النهار” أن الوفد العراقي مهتم بإعادة إحياء خط النفط، لكنهم ينتظرون تخطي المعضلة القانونية المتعلقة بقانون قيصر، وذلك عبر محاولات العراقيين شراء الاراضي التي تمر عبرها أنابيب النفط، أو استثمارها، فعندها لا تسري على هذه الاراضي أي عقوبات”.

وأضاف: “الوفد العراقي سأل عما إذا كان لبنان مهتما بالموضوع، فكان جوابنا أن هذا الامر بمثابة فرصة للبنان الذي يعول على المساعدة العراقية في إعداد الدراسات وإعادة التأهيل، كذلك تم التطرق الى الشق القانوني وسبل التعجيل في المسار التشريعي والقانوني”.

وفي تفاصيل تمويل إعادة تأهيل الأنابيب، أوضح فياض أنه “كان بحث في إمكان تمويل إعادة التأهيل مقابل خدمات عبر المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار في لبنان “ايدال”، على غرار ما تم الاتفاق عليه عند تأمين حاجات لبنان من الفيول العراقي. إذ تم الاتفاق على تكليف “إيدال” وضع آلية تنفيذ “برنامج التبادل التجاري – النفط العراقي مقابل المنتجات والخدمات اللبنانية”.

وبما أن لبنان سيكون منصة لتصدير النفط العراقي الى أوروبا، أكد فياض أن الوفد العراقي تحدث عن حركة 400 ألف برميل يوميا، مع كل ما يعني ذلك من إفادة للبنان من رسوم التخزين والمخزون الإستراتيجي، عدا عن أن الأمر يتيح للبنان انفتاحه على سوق النفط، اضافة الى المنافع الاقتصادية غير المباشرة، نظرا الى الدورة الاقتصادية التي سيشكلها من خلال تشغيل شركات التصدير والنقل.

Leave A Reply

Your email address will not be published.