التعديات تستبيح عكار: 40 مقلعاً وكسارة في منطقة جرد القيطع
ليس الفقر والإهمال وغياب الإنماء أموراً طارئة على المحافظة الأكثر فقراً في لبنان. لكنّ عوامل عدة ساهمت في تردّي أوضاعها وتفشّي الفساد وعدم المحاسبة وزيادة التعديات، وسط غياب تام للسلطات المحلية المتمثّلة بالبلديات المستقيلة من دورها تماماً، بما في ذلك حتى رفع النفايات عن الطرق العامة.
دائرة التنمية الريفية في مصلحة الزراعة في المحافظة تسطّر يومياً تقارير حول قطع ممنهج للأشجار المعمّرة وتعديات على غابات عكار الفريدة من نوعها في كل منطقة المتوسط، والحجة دائماً هي الأزمة المالية، إذ يصل سعر الطن من الحطب إلى 200 دولار، أي أن حمولة «بيك أب» واحد تستدعي عمل نهارين، تباع بـ700 دولار. أدّى ذلك إلى مجزرة بيئية في غابات القموعة وعكار العتيقة والقبيات وعندقت وجبال أكروم والبيرة ومشمش وفنيدق وغابة القلة، حيث طاول القطع أشجار اللزاب والأرز المعمّرة، وقضت المرامل والكسارات على أهم الغابات. ويؤكد منظّمو رحلات بيئية أن أعمال الحفر المستمرة في قلب وادي جهنم منذ نحو عامين، أدّت إلى تغيير معالم المنطقة، وتعرضها للخطر بسبب استخدام مواد متفجرة يُسمع صداها إلى عمق البلدات العكارية وتؤدي إلى تصدّعات في كامل المنطقة. وأكّدوا لـ«الأخبار» أن تواصلاً جرى مع المدعي العام البيئي ووزير البيئة ناصر ياسين «الذي زار المنطقة وعاين الأضرار، لكن من دون نتيجة، بل تزداد الأمور سوءاً، واستمرت الأعمال حتى خلال فصل الشتاء في غياب تام للدولة التي تستنفر أجهزتها الأمنية في حال أقدم أحدهم على تشييد سقف منزل أو ترميم حائط».
أعمال الحفر في قرية الخريبة على الحدود مع بلدتَي حرار والحويش، على مرأى رؤساء البلديات والقوى الأمنية، أدّت إلى تشويه المنطقة وتخريب الطرق العامة التي تربط منطقة جرد القيطع بمنطقة الجومة، فضلاً عن الازدحام الذي تتسبب به الشاحنات التي تنقل الرمول والأتربة ليلَ نهارَ، من دون أي ترخيص وعلى مرأى من فصيلة مشمش التي تتلقّى شكاوى المواطنين من دون أن تحرك ساكناً. وأبلغ مختار الخريبة نبيل غصن «الأخبار» أن الكسارات «تعمل جهاراً في كل منطقة جرد القيطع.
وقّعنا مع البلدات المجاورة عريضة للاعتراض على الأعمال الجارية وسلّمناها إلى المحافظ، لكنّ شيئاً لم يتغير»، فيما يلفت رئيس بلدية الحويش علي الأكومي إلى أن «أحداً لا يملك أي ترخيص بالأعمال التي لم تتوقف على الإطلاق، وعلى ما يبدو أن الأمور أكبر منا»، داعياً وزير الداخلية بسام مولوي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان «للتحقيق في ما يجري من انتهاكات تعرّض الثروة العامة وحياة المواطنين للخطر». وسأل: «كيف يمكن لأعمال حفر أن تتم داخل نطاق بلدي من دون موافقة البلدية؟».
محافظ عكار عماد لبكي أوضح أن الشكاوى رُفعت إلى المخافر والقوى الأمنية، و«اتضح أن البعض لديه ترخيص بالعمل ضمن مساحة 500 متر والبعض الآخر يعمل من دون ترخيص، وتمّ إيقاف بعضهم عن العمل».
وأكّدت مصادر متابعة لـ «الأخبار» أن أكثر من 40 مقلعاً وكسارة في منطقة جرد القيطع تعمل بتغطية سياسية وأمنية واضحة. أما في ما يتعلق بالقطع الجائر، فتلفت إلى أن «عدداً من رؤساء البلديات عيّنوا تجار حطب نواطير على الأحراج، فباتت السرقة تتم بطريقة ممنهجة، رغم أنه «لا يحق لرؤساء البلديات تعيين نواطير من دون الرجوع إلى مصلحة الثروة الحرجية»، وفق رئيس المصلحة قاسم آغا.