لبنان و”اهتمام واشنطن”… قبل الانهماك بالانتخابات الأميركية
يحبّذ النواب اللبنانيون والناشطون الاغترابيون الذين يأخذون القضية اللبنانية على عاتقهم التوصيات التي يحوزونها كلّما زاروا الولايات المتحدة الأميركية، كما أنّهم يستطيعون التأكيد خلال لقاءاتهم مع أعضاء في الكونغرس الأميركي ومسؤولين في الإدارة الأميركية، على وجهة نظرهم حيال ملفّات لبنانية أساسيّة لا تزال تشكّل عناوين اهتمامات متينة على مستوى الداخل اللبنانيّ وفي مقدّمها استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية وكيفية إخماد المناوشات الحربية جنوب لبنان. ويحاول البرلمانيون اللبنانيون أن يبحثوا عن “أفق مساعد” على تجاوز عراقيل ومنزلقات الداخل اللبنانيّ التي تحول من دون “حلحلة مرنة” للأزمات والمآزق التي تمنع الانتقال التلقائيّ نحو إعادة انتظام عمل المؤسّسات اللبنانية. ويستمعون إلى بعض النصائح التي تقدّمها الإدارة الأميركية في مرحلة باتت على مسافة من “التسابق الزمنيّ” مع اقتراب دخول الولايات المتحدة في انشغالها الداخليّ الخاصّ باستحقاق الانتخابات الأميركية. فهل لا يزال في استطاعة لبنان أن يغيّر في حال المراوحة التي تترك تأثيرات تراكمية عميقة على مؤسّساته الشاغرة، آخذاً في الاعتبار مواكبة واشنطن الحاليّة وحثّها المتكرّر على ضرورة أن يبلور لبنان حلولاً لملفّاته الخاصّة بدءاً من وقف إطلاق النار جنوب لبنان والعمل على تطبيق مندرجات القرار الدولي 1701 كما تسريع وتيرة انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية؟
من حطّت رحلة ذهابه في واشنطن على المستوى النيابيّ اللبنانيّ في غضون الأسابيع الماضية، عاد إيّاباً وفي تأكيد انطباعاته أنّ الفرصة المتاحة أمام اللبنانيين تتقلّص جدّاً حتى يكون في استطاعته أن يتماشى مع الاهتمام الأميركي بأوضاعه قبل أن تدقّ لحظة انشغال واشنطن التكامليّ في استحقاق انتخابات الرئاسة الأميركية، مع الإشارة إلى أنّ البيان الحديث الصادر عن سفراء “اللجنة الخماسية” انطلق من تحديد مهلة أواخر أيار لانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، في اعتبار أن ليس في استطاعة لبنان أن ينتظر أكثر. وثمّة من يقول على مستوى من زار واشنطن حديثاً من النواب اللبنانيّين إنّ هذه المهلة لا يمكن إغفال توازيها مع دخول الولايات المتحدة كليّاً في مرحلة التحضيرات الانتخابية للرئاسة الأميركية حيث موعد انعقاد المؤتمر الوطنيّ للحزب الجمهوريّ الأميركي بدءاً من 15 تموز المقبل، ثم يأتي موعد انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الديموقراطي الأميركي بدءاً من 19 آب. وبحسب المعطيات التي استقتها “النهار” من فحوى الاجتماعات النيابية اللبنانية في واشنطن، لا يزال حثّ الولايات المتحدة على التوصّل إلى حلّ ديبلوماسيّ ينهي المناوشات الحربية المندلعة جنوب لبنان، يشكّل #الملف اللبنانيّ الأساسيّ للولايات المتحدة، مع فصل بين المسارين الحربيّ والرئاسيّ اللبنانيّ اللذين لا يتلازمان رغم تأثيرهما على بضعهما بعضاً خصوصاً من ناحية عدم موافقة محور “الممانعة” على التداول في الملفات اللبنانية قبل انتهاء الحرب في قطاع غزّة.
وأعرب مسؤولون في الإدارة الأميركية عن قلقهم الواضح من إمكان توسّع الحرب في الداخل اللبنانيّ، وفق أجواء واكبتها “النهار”، فيما الوضع غير مستقرّ وفرصة إنهاء الأوضاع الحربية تتراجع قبل الانتخابات الأميركية كلّما انخفضت سبل الحلّ الديبلوماسيّ. وبالنسبة للملاحظات التي أشاروا إليها، فإنّهم قالوا أيضاً أنّ لإسرائيل الحقّ في الدفاع عن نفسها. ويرسّخون الشروط التي لا بدّ منها للاتفاق على حلّ دييلوماسيّ، مع التأكيد على أولوية تطبيق القرار الدولي 1701. وكذلك، تتابع الإدارة الأميركية ملف استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية عبر “اللجنة الخماسية”. وإذ ستتحول اهتمامات أعضاء الكونغرس الأميركي سريعاً في الأسابيع القليلة اللاحقة نحو التحضيرات للانتخابات الأميركية تحديداً، فإنّ متابعة الملفات اللبنانية ستكون عبر “اللجنة الخماسية”.
هناك من يقلّل على المستوى النيابيّ اللبنانيّ المواكب للقاءات التي انعقدت في واشنطن من إمكان بلورة متغيرات على نطاق المناوشات الحربية الناشبة جنوب لبنان أو استحقاق انتخابات الرئاسة اللبنانية قبل بلورة الانتخابات الأميركية أقلّه. وإذ يشكّل إنهاء الحرب الملف الأساسي الذي تسعى إليه الولايات المتحدة إليه، تعتبر الانتخابات الرئاسية اللبنانية مهمة وفق النصائح الأميركية كنقطة تحوّل هادفة لوجود لبنان على طاولة المفاوضات الاقليمية ما بعد انتهاء المناوشات القتالية في الجنوب اللبناني والحرب قي غزّة. ويبقى الحذر من تراجع فرص الحلّ الديبلوماسيّ كلّما مضت أسابيع إضافية من دون متغيّرات. فهل ستتأجل التحوّلات حتّى ما بعد الانتخابات الأميركيّة؟