في عيد العمّال… ماذا ننتظر من دولة عاطلة عن العمل؟
إنّه الأوّل من أيّار. لا عمل اليوم. استمتعوا بإجازتكم، فشعار العيد مرفوع ويُطبّق. “8 ساعات عمل، 8 ساعات راحة، 8 ساعات نوم”. شعارٌ مثالي في عالم مثالي يحترم العمّال وحقوقهم. شعارٌ راح ضحيّته أكثر من 12 شخصاً عام 1886، في مظاهرة احتجاجيّة طالب فيها العمّال بتخفيض ساعات عملهم وتحسين ظروفهم. ما حدث آنذاك في شيكاغو، عرف بـ”قضيّة هايماركت”. أمّا ما يحدث اليوم في لبنان، فيعرف بـ”قضيّة المواطنين اللبنانيّين” الذين يعملون ليلاً نهاراً، في ظروف صعبة، مقابل راتب لا يكفيهم حتّى نهاية الشهر.
يمكن أن يكون أكثر ما يميّز لبنان هو احتفاله بالمناسبات الرسميّة ورفع الشعارات. فوحدهم المواطنون يعملون في دولة القوانين الكاذبة. أمّا المسؤولون، فيقتصر عملهم على ابتكار أساليب جديدة لتدميرها وتدمير المواطنين معها، والأمثلة كثيرة.
كم من مرّة سمعتم عن عنصر في الجيش، كرّس حياته من أجل وطنه، فأجبره وطنه على العمل، لا فقط على حمايته، بل على حماية نفسه وعائلته من الفقر؟ كم من مرّة طلبتم “دليفري” أو قصدتم “تاكسي”، إلّا وكان الموظّف يعمل على حماية الوطن في الصباح، ومعاتبته مساءً؟
كم من مرّة سمعتم عن أساتذة ومعلّمين كانت لديهم رسالة، فأصبحت أوضاعهم المعيشيّة هي الرسالة؟
كم من مرّة سمعتم عن آباء منتحرين لأنّ لا قدرة لديهم على تحمّل جوع أطفالهم؟
كم من مرّة التقيتم بمسنّين، عملوا طوال حياتهم من أجل سنوات الراحة، فسُرقت منهم راحتهم في سنّ التقاعد. ها هم يعملون “شو ما كان”، لأنّ لا ضمان ولا تعويض ولا استشفاء ولا غيره.
كم من مرّة التقيتم بأطفال، يحرصون على حفظ كتب التربية التي تشرح لهم عن كرامتهم وحقوقهم وواجباتهم، وتلقي عليهم محاضرات عن سيّئات عمالة الأطفال، من دون أن تعلم أنّهم يعملون أيضاً لمساندة أهلهم؟
في بلادنا، جميعنا عمّال سوى الدولة. لذا، تخيّلوا كم من “هايماركت” نحتاج لنصبح… دولة!