الأمن الغذائي متوفّر لـ3 أشهر… والمحروقات لأسبوعين
عند اندلاع حرب غزة في 7 تشرين الأول الماضي، دبّ الرّعب في نفوس اللبنانيين خشية من توسّع رقعة الأحداث و«ضرب» مرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري الدولي وعزل لبنان عن سائر الدول ووقف عمليات استيراد المواد الغذائية والمواد الأوليّة التي نعتمد عليها في الصناعة المحلية وحصول نقص في الأسواق. فلبنان تذوّق في السابق طعم كل أنواع الحروب، وكما يقول المثل «قلبنا من الحامض لاوي»، لذلك يخشى أن تتكرّر تلك المشهدية، مع اندلاع الحروب في المنطقة وفي جنوبه، وإنزال المواد الغذائية في غزّة بالمناطيد.
اليوم وبعد مشهد الصواريخ الجوّية والطائرات المسيّرة الايرانية في أجواء دول المنطقة في طريقها الى إسرائيل، وإقفال بعض الدول أجواءها الجويّة لساعات معدودة قبل معاودة حركة الطيران في مطارات المنطقة عملها كالمعتاد، استحضر اللبنانيون والمسؤولون تلك التساؤلات: ماذا لو توسّعت رقعة الحرب إقليمياً أو استعرت الحرب في الداخل اللبناني؟ هل سيكون أمننا الغذائي في خطر؟
تلك الأسئلة طرحت في اللقاء التشاوري الذي عقده رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع الوزراء في السراي، وشارك في قسم منه المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد ابو حيدر بسبب عدم حضور وزير الإقتصاد والتجارة أمين سلام بداعي السفر، وطمأن الى أن المواد الغذائية متوفرة لفترة ثلاثة أشهر.
وأوضح أبو حيدر لـ«نداء الوطن» أن للأمن الغذائي ثلاثة أعمدة: الوصول الى الغذاء والحصول عليه وسلامة الغذاء.
إنطلاقاً من تلك المعادلة أوضح ان سبب توفّر المواد الغذائية لفترة ثلاثة اشهر يعود الى إقدام المستوردين على استيراد كميّات كبيرة تفوق الكمية التي يتمّ استيرادها عادة استباقاً لشهر رمضان الكريم وعيد الفطر.
وبالنسبة الى الطحين، أكّد أبو حيدر أنه متوفّر. إذ لدينا في لبنان مخزون يكفي لفترة 15 يوماً، وستنطلق غداً باخرة الى لبنان تصل خلال 12 يوماً محمّلة بـ45 ألف طن من الطحين والتي تستوردها عادة مديرية الحبوب والشمندر السكّري في وزارة الإقتصاد من أوكرانيا.
وعن المشتقات النفطية، قال أبو حيدر، هي متوفّرة أيضاً. وأفرغت اليوم (أمس) باخرة محمّلة بالوقود علماً أنه لدينا حالياً مخزون من البنزين يكفي لفترة 15 يوماً ومازوت يكفي لفترة 12 يوماً.
أما في ما يتعلّق بالغاز المنزلي، فقال أبو حيدر هناك مخزون يكفي لفترة 5 أسابيع وهناك بواخر تصل الى المرفأ بشكل دوري.
واستناداً الى القيمين على قطاع المحروقات، فإن المواد النفطية مؤمنة ولا داعي للهلع ومن غير المتوقع ان تتأثر، إلا في حال اتسعت رقعة المواجهة العسكرية في المنطقة وطالت سلاسل توريد المحروقات.
مستوردو المواد الغذائية
وبدوره أكد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي لـ«نداء الوطن» ان ما قبل 13 نيسان 2024 ليس كما بعده، كما كانت الحال ما قبل 8 تشرين الأول 2023 وما بعده، على الصعيد السياسي وهذه محطّات مفصلية في تاريخ الشرق الأوسط المعاصر.
على صعيد الأمن الغذائي، وبعد إطلاق الصواريخ الجويّة العابرة للحدود، يقول بحصلي «إن الوضع والتداعيات لم تتغيّر منذ بدء حرب غزّة «. مؤكّداً انه لغاية اليوم ليس هناك خوف على نقص الإمداد في المواد الغذائية طالما ان المرافئ تعمل بطريقة طبيعية. ولكن لا ندري ما هي التطورات التي قد تحصل غداً نظراً الى خطورة الوضع الإقليمي وتداعياته على لبنان.
وحول تاثّر عمليات الإستيراد الجوي على «يوم الردّ الإيراني» على غرار ما حصل منذ فترة بحراً والخشية من امكانية إقفال الأجواء الجويّة قال بحصلي: إستناداً الى المعطيات العلمية والرقمية، وخاصة في ما يتعلّق بالاستيراد والتصنيع المحلي (علماً ان التصنيع المحلي يرتكز بشكل كبير على استيراد المواد الأولية)، هناك عاملان يجب الارتكاز عليهما وهما:
أولاً، المعلومات التي تنشرها إدارة الجمارك عن كميات الاستيراد ومصدرها. لكنّه وللأسف، لم تُنشر هذه المعلومات منذ شهر تموز من العام الماضي وهي المصدر الوحيد الممكن الإعتماد عليه.
وثانياً، معلومات متفرّقة من التجار في السوق. إذ بعد انتهاء شهر رمضان، وكما يحصل كل سنة، يوجد فائض من المواد الغذائية الأساسية إذ يُقدم التجار على طلب المواد بكميات أكثر من الطبيعي تحسّباً لتلبية الطلبات ضمن الشهر الفضيل.
لذلك فإن البضائع الموجودة حالياً لدى المستوردين والتجار والمنازل تكفي لفترة لا تقل عن شهرين أو ثلاثة كما بات معلوماً.
وأكّد أنه لا خوف على الإمدادات طالما أن المرافئ تعمل بشكل شبه طبيعي وطالما انه، ولغاية الآن يمكن تحويل الأموال إلى خارج لبنان لتمويل البضاعة المستوردة، وطالما ان الوضع الأمني، ولغاية الساعة، هو تحت السيطرة.
إذاً لغاية الساعة وطالما ان الأجواء البحرية والجوّية مفتوحة وتعاون لبنان إقتصادياً مستمرّ مع سائر الدول، أمننا الغذائي بخير وموادنا الأولية متوفّرة.