أزمة الطوابير…«قطوع ومرق» أم أنه هناك داعي للهلع؟

 

استحضر اللبنانيون خلال الساعات الماضية أزمات انقطاع المحروقات والمواد الأساسية، نتيجة الحروب والأزمات. فتهافتوا على شراء المحروقات ليل السبت وحتى صباح أول أمس الأحد، تزامناً مع الهجوم الإيراني على إسرائيل، ونتيجة ارتفاع المخاوف من تدهور الوضع الأمني في المنطقة، عمد الكثير من اللبنانيين إلى تخزين مادة البنزين، خوفاً من انقطاعها على غرار ما كان يحصل سابقاً مع تأزم الوضع الأمني في الداخل والخارج، لذلك عاد اللبنانيون بالذاكرة إلى زمن الطوابير الطويلة التي إجتاحت محطات البنزين في أغلب الأراضي اللبنانية نتيجة أزمات البنزين الشهيرة وسط مخاوف من تكرار هذا السيناريو إن كان من خلال الهجوم الإيراني الذي تم تنفيذه في تلك الليلة أم من خلال التهديدات الإسرائيلية الدائمة في إمكانية دخولها في حرب شاملة مع لبنان، فهل هلع اللبنانيين مشروع؟.

وفي هذا السياق أشار رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون الشماس في حديث لـ«اللواء» إلى أن الكميات الموجودة والمخزنة تكفي الأسواق بطريقة بشكل دوري ومنظم لمدة 15 يوماً الأسواق ناهيك عن البضائع المخزنة في المحطات التي تكفي بين الـ3 أيام إلى الـ7 أيام.

ورأى شماس أن هناك كميات موجودة ومتوفرة ولكن مثل أي مادة أو غرض إذا تم نفاده أو إيقافه فإذا تم إيقاف الإستيراد نتيجة حصار بحري تم فرضه على لبنان فهنا الموضوع سيختلف كليّاً لأن الحصار البحري في هذه الحالة هو دلالة على إيقاف التموين، وهذا ما يؤدي إلى ضعف في الكميات الموجودة، ولكن طالما أنه ليس هناك حصار بحري ومجال البحر مفتوح والملاحة البحرية تمارس عملها بشكل طبيعي فلا يوجد هناك أي خوف.

وأكد أن ليلة السبت -الأحد الفائت أن هناك محطات كانت لا تزال مفتوحة ،واستمرت في تلبية طلبات الزبائن الذين ترددوا إليها حتى ساعات الصباح الأولى، وتمكن الجميع من تعبئة البنزين من دون أي عوائق تذكر،ولكن لا شك أن هناك بعض المحطات كانت مقفلة وهذا ناتج عن أنه من الأساس لا يوجد محطات مفتوحة في المساء، ولكن على الرغم من إقفالها ولكن مارست عملها بشكل طبيعي وفتحت نهار الأحد أبوابها للزبائن.

وشدد على أنه لا يوجد هناك مخاوف من ناحية البضائع لأن الكميات الموجودة هي كميات كافية، إن كان من خلال البنزين أو المازوت،أو حتى الغاز الذي يكفي لوحده لمدة 4 أو 5 أسابيع،لذلك كان هناك ترقب للتطورات السياسية والميدانية ليُبنى على الشيء مقتضاه،ولكن ما اتضح أنه لا يوجد أي تأثير لحالة الخوف أو الهلع لأن الأيام التي تلت هذه الليلة باتت طبيعية، لذلك لم يتم مشاهدة الطوابير على المحطات لاحقاً.

وختم الشماس قائلاً: «إن الناس لديها تجارب سابقة، فحالة الهلع لديها مبررة من خلال السعي إلى حفظ حقها وتأمين حاجاتها لربما حدث أمر ما،ليتبين لاحقاً أنه «قطوع ومرق» وهذا ما أكدته الأوضاع بعد هذه الليلة على محطات البنزين على أنها أوضاع طبيعية،ولكن في حال حصل أي حصار بحري على لبنان من الممكن أن تتغير الأمور، ولكن أشك في حدوث هذا الأمر لأن بواخر اليونيفيل هي موجودة وممكن أن يكون لها تأثيرها على منع هذا الحصار من أن يحدث، لذلك الوضع اليوم مختلف عن الوضع الذي كنا عليه قبل عام 2006.»

أما ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا فأكد في حديث لـ«اللواء» أن البنزين متوفر في المحطات ولا يوجد أي عوائق أو مشاكل في الوقت الحاضر، وإذا بقي السوق يعمل بشكل طبيعي فمخزون البنزين هو كافٍ لعدة أيام أو أسابيع حتى وفي الشركات المستوردة يوجد هناك بضائع،وفي البواخر في الشواطئ اللبنانية التي تفرغ أيضاً.

ولفت أبو شقرا إلى أنه لا يوجد هناك أي مشكلة في ما يتعلق بمجال البحر لأن البضائع لا زالت تأتي من هناك بشكل طبيعي، ولكن كلفة البضائع بالنسبة لموزعي المحروقات أصبحت أكثر بسبب شركات التأمين التي تزيد كلفة التأمين، ولكن الأمور متجهة نحو الحلحلة، ولا يجوز أن يتحمل المواطن هذا الأمر على الإطلاق.

واعتبر أن ما حدث في الأيام الماضية بحسب ما ردَّد الكثيرون أننا قادمون على «حرب كبرى» وكانت الأمور غامضة بمجملها، لذلك خافت الناس نتيجة الأخبار التي وردت على مواقع التواصل الإجتماعي،ولكن تم التواصل مع المعنيين والحكومة وتلقينا تطمينات أنه لا يوجد مشكلة في موضوع «البنزين».

وكشف أنه مباشرة بعد ساعتين من أزمة «البنزين» والإتصالات التي حصلت مع المعنيين إستطعنا السيطرة على السوق، والمحطات يوم الأحد الفائت عادت إلى طبيعتها، والتحميل من الشركات المستوردة مستمر لتوزيعها على المحطات بشكل طبيعي على كل الأراضي اللبنانية، لذلك البضائع متوفرة ولا يوجد هناك أزمة.

وفي موضوع الأسعار رأى أبو شقرا أن أسعار النفط عالمياً ليست بيد أي أحد وليس لدينا معرفة في هذا الموضوع، ولا يشك أن هذا الأمر يتعلق بالأزمة الحاصلة عالمياً ككل لأن أسعار النفط عالميّاً ناتجة عن تأثير الوضع السياسي على البورصة عالمياً،فحكماً لبنان سيتأثر بأسعار النفط عالمياً إن كان من خلال الإرتفاع أو الهبوط، والمشاهد التي رأيناها في اليومين الماضيين ذكَّرتنا في مشاهد الطوابير وهذا ما لا نريده.

ومن جهته قال عضو نقابة أصحاب المحروقات جورج البراكس أنه:«لا نستطيع أن نلوم الشعب اللبناني لأنه تعود على الأزمات خصوصاً الأزمات التي مرت على لبنان طيلة السنوات الماضية حتى أيامنا الأخيرة،لذلك هذا الأمر ليس جديداً،لذلك أصبح الهلع عند الشعب اللبناني أمراً طبيعياً وبات أي حادث أو «خضة» تحصل في البلد كفيلة أن تُشعر الشعب اللبناني بالهلع خصوصاً في موضوع نقص مواد المحروقات، لذلك يكون الخيار الأول أمامه اللجوء إلى محطات البنزين».

وكشف البراكس في حديث لـ«اللواء» أنه لا يوجد داعي لكي تكون هناك هذه الطوابير ليل السبت-الأحد لأنه في حال حصول حرب شاملة على لبنان في تلك الليلة، وبانت إنعكاساتها فهذا الأمر لن يكون عائقاً أمام المواطن في تعبئة سيارته في أي محطة من محطات البنزين،من دون أي حاجة إلى مشهد الطوابير في منتصف الليل،لذلك يستطيع أن يملأ سيارته بالبنزين في اليوم التالي بشكل طبيعي.

ورأى أنه لا شك أن الحرب الشاملة تؤثر على لبنان ووضعه سواء في المحروقات أو حتى في المواد الغذائية، ولكن ضمن قواعد معيّنة، أي في حال حصول تطور دراماتيكي للحرب ،أو حرب شاملة في المنطقة وأثرت على خطوط الإمداد البحري في لبنان وحصل تسكير للخطوط البحرية فحكماً المخزون الموجود إن كان في المحروقات أو في المواد الغذائية أو في أي مادة مستوردة لن تكون متوفرة، وهذا ما سيشكل إحراجاً كبيراً، وهذا ما عشناه في عام 2006 عندما تم فرض حصار بحري على لبنان.

واعتبر البراكس أن هذا الأمر لا ينعكس على لبنان وحسب بل على المنطقة برمتها خصوصاً مع وجود تداخل في البحر المتوسط والإقليم لدينا والبحر الأحمر، وباب المندب، فإنعكساتها لا تنحصر فقط على لبنان إنما على دول أخرى أيضاً،وحكماً سيضطر لبنان أن يخضع للأمر الواقع، ولكن المخزون الموجود في لبنان منذ السابع من تشرين الأول قائم ومتوافر بشكل مرتفع،لذلك المحطات متجهِّزة لأي طارق والوضع هو طبيعي جداً والمستودعات جميعها ممتلئة بالبضائع،وكل الشركات لديها مواد مخزنة بشكل مرتفع، لذلك لا داعي للهلع.

أما غذائياً فأشار رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني البحصلي في حديث لـ«اللواء» إلى أن الوضع لم يتغيّر منذ بدء حرب غزّة وتداعياتها إذ أنه، ولغاية الساعة، ليس هناك خوف على نقص الإمداد في المواد الغذائية طالما ان المرافئ تشتغل بطريقة طبيعية، ولكن على الرغم من هذا تبقى الأمور مرهونة لما سيحصل في الأيام المقبلة.

أما في ما يتعلق بالإستيراد فلفت إلى أن هناك عاملين يجب التركيز عليهما في هذا الخصوص يتعلق بالمعلومات التي تنشرها إدارة الجمارك عن كميات الاستيراد ومصدرها،ولكن لم يتم نشر هذه المعلومات منذ شهر تموز من العام الفائت،ويجب نشرها باعتبار أنها المصدر الوحيد الذي يمكن الإتكال عليه،والعامل الآخر هو معلومات متفرّقة من التجار في السوق، إذ بعد انتهاء شهر رمضان، وكما يحصل كل سنة، يوجد فائض من المواد الغذائية الأساسية إذ يُقدم التجار إلى طلب المواد بكميات أكثر من الطبيعي تحسّباً لتلبية الطلبات ضمن الشهر الفضيل.

وطمأن أن البضائع موجودة عند المستوردين كما عند التجار وفي المنازل، وذلك لفترة لا تقل عن شهرين أو ثلاثة ،ولكن في حال تغيّرت هذه المعطيات وتطوّرت الأمور بشكل سلبي عندها، وكما اعلناه مراراً وتكراراً منذ ٦ أشهر، فمن غير الممكن التكهن بما قد يحصل خاصة إذا عمد العدو على ضرب المنشآت الحيوية في لبنان.

Leave A Reply

Your email address will not be published.