تلزيم الـOTT لشركة أُنشئت حديثاً يثير الارتياب… هل من صفقة جديدة؟

 

بعد تداول ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي معلومات عن وجود شركة حديثة الولادة تتحضر للتعاقد مع وزارة الاتصالات وهيئة “أوجيرو” لتوفير خدمة التلفزيون عبر الانترنت وفقا لتقنية الـOTT، وبعدما تم ربطها بمراجع حزبية وسياسية، هل من باب فساد جديد فُتح من نافذة تلزيم وزارة الإتصالات تقنية الـOTT لشركة أنشئت حديثا لهذه الغاية، ولم يُعرف لها إنجازات سابقة في “الكار”؟

التساؤلات جدية وزادها أن الشركة المعنية لم يُعرف ما إذا كانت قد حازت التراخيص والأذونات اللازمة من وزارة الإعلام والمجلس الوطني للإعلام، التي تسمح لها بتقديم محتوى تلفزيوني، كذلك لم يتضح حتى تاريخه حجم الأنشطة والأعمال التي حققتها الشركة في الأسواق الخارجية، وخصوصاً في الخدمات المماثلة للخدمات التي تبتغي تقديمها للسوق اللبنانية.

بعض الإستغراب تأتى من ان الشركة تأسست في شهر ايلول من العام 2022 برأسمال 30 مليون ليرة فقط (نحو 300 دولار) فيما تقدمت من وزارة الاتصالات، بعد ستة أشهر فقط من إنشائها، بعرض لتوفير خدمات تصل إيراداتها الصافية الى نحو 10 ملايين دولار سنويا، ويحصل كل ذلك من دون وجود عارض آخر أو أي شركة منافسة وحتى من دون إجراء مناقصة عامة.

واللافت ان الشركة ليس لها موقع رسمي على شبكة الانترنت، على رغم وجود عنوان مطبوع على العرض المقدم لوزير الاتصالات جوني القرم الذي استغرب الحملات الممنهجة على ما تقوم به الوزارة من مشاريع ترفد الخزينة بأموال لطالما كانت منسية. وأكد لـ”النهار” أن “خدمة Ott (over the top) غير موجودة في لبنان، فالمحتويات التلفزيونية تصل عبر الإنترنت من دون أن تستفيد وزارة الاتصالات أو “أوجيرو” من أي مبلغ، فيما اليوم الفرصة متاحة من خلال تقديم شركة “ستريم ميديا” platform (منصة) تكون بعهدة أوجيرو وتصرّفها، علما أن الشركة لا تحظى بحصرية بل يمكن لأوجيرو التعاقد مع مثيلاتها لخلق منافسة، ويمكننا الغاء العقد معها ساعة نشاء لا أن ننتظر انتهاء مدة العقد، أي 3 سنوات”. وأضاف: “الايجابية في “ستريم ميديا” أنها وقّعت عقودا مع قنوات محلية للبث من خلالها، كما تجري مفاوضات مع شركات أخرى للحصول على الحقّ الحصري منهم. وبغضّ النظر عن تاريخ الشركة ومَن يملكها، إلا أن المؤكد أن ليس لدى أوجيرو الخبرة والتمويل اللازمين في هذا المجال حاليا، فيما العقد الذي سيوقع مع الشركة لا يكلفنا شيئا، بل على العكس سيدفعون لنا نسبة محددة. وبما أن الشركة حديثة، وتاليا يؤكد متابعون أن ليس لديها خبرة في هذا المجال، بدليل أن ليس لها موقع الكتروني، عدا عن ان مالكها يعمل في مجال الاستشارات، ولديه خبرة في هذا المجال (الانترنت غير الشرعي) منذ 20 سنة، وهذا هو الاهم”.

ولا ينفي القرم أن الشركة ستستخدم شبكة “أوجيرو”، ولكن “سنقبض في المقابل نسبا محددة تبدأ بـ10%، ويمكن أن ترتفع بحسب المحتوى لتصل الى ما نسبته 50%”.

الى ذلك، تم تداول مستندات تتعلق بردّ وزارة الاتصالات على الاسئلة المطروحة من النائبين ياسين ياسين وملحم خلف حول خدمة الـ IPTV وخدمة الـ OTT، وعرض شركة Stream Media المقدم لوزارة الاتصالات.

مصادر متابعة أكدت أن هيئة “أوجيرو” ذكرت في كتابها أن خدمة IPTV تطورت لتصبح خدمة OTT، أما الواقع فإن هاتين الخدمتين مختلفتان تماما، حتى أن خدمة IPTV تتفوق على خدمات OTT من نواح تقنية عدة، كالتحكم في الشبكة، كون IPTV توفر تجربة تلفزيونية أكثر استقرارا بسبب التحكم الكامل في الشبكة، اذ يمكن لمقدمي خدمة IPTV ضمان تخصيص كل موارد الشبكة لتوفير جودة عالية للخدمة، فيما قد يواجه مستخدمو OTT تقطعات وتأخيرات نتيجة تقاسم الشبكة مع مختلف التطبيقات والخدمات الأخرى. وإضافة الى الضغط وجودة الفيديو، فالـ IPTV يمكنها استخدام تقنيات ضغط متقدمة لتوفير جودة عالية للفيديو بمعدل بثّ منخفض، بما يقلل من حجم البيانات المستخدمة ويحسن جودة الفيديو. بينما قد تواجه خدمات OTT قيودا على معدلات البث بسبب تحديات شبكة الإنترنت، بما قد يؤدي إلى جودة أقل للفيديو. كما ان تجربة المستخدم في الـ IPTV توفر تجربة تلفزيونية متكاملة بما في ذلك القوائم البصرية التفاعلية وخيارات البحث والتسجيل، مما يجعلها تتفوق على بعض خدمات الـ OTT التي قد تفتقر إلى هذه الوظائف. اما في ما يخص الأمان والحماية، فان الـ IPTV تتيح لمقدمي الخدمة السيطرة على الأمان وحماية المحتوى بشكل أفضل، بما في ذلك التشفير والتوقيع الرقمي، على نحو يقلل من فرص الاختراق أو القرصنة، بينما قد تواجه خدمات OTT تحديات أمنية أكبر بسبب طبيعتها العامة وتواجدها على الإنترنت.

باختصار، IPTV توفر جودة خدمة محسّنة عبر توفير تجربة تلفزيونية متكاملة، وضمان استقرار الشبكة، وجودة عالية للفيديو HD، ومستويات أعلى من الأمان والحماية، مما يجعلها خيارا مفضلا للمستخدمين على رغم وجود خدمات OTT.

اما حيال ضرورة استخدام Set-top-box لخدمة IPTV، فتلفت المصادر الى انه يمكن الاستغناء عن جهاز set-top-box لخدمات IPTV من خلال استخدام تطبيقات الـ IPTV على الأجهزة الذكية مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكومبيوتر اللوحية والتلفزيونات الذكية. وتاليا، يمكن للمستخدمين تنزيل تطبيقات IPTV المتوافرة على منصات التشغيل المختلفة والاشتراك في خدمات IPTV للوصول إلى المحتوى المفضل لديهم من دون الحاجة إلى جهاز set-top-box، إذ إن تطبيقات الـ IPTV أصبحت متوافرة في التلفزيونات الذكية منذ بداية انتشارها في الأسواق، والتي بدأت تزداد شيوعا في الاعوام الأخيرة.

وقد ورد في كتاب “أوجيرو” “إستيفاء نسبة من المردود”، وليس “مشاركة في الايرادات” ما يتناقض مع كتاب شركة stream media التي تقدمت بالعرض الوحيد للشراكة، اذ ورد حرفيا في كتاب الشركة Ogero will receive a share of the revenue… 10% in line with market and industry standard. فعبارة share of the revenue هي تحديدا مشاركة في الايرادات، اما لجهة الـ 10% فطبعا هذه ليست معايير السوق إطلاقا.

تختلف نسبة معايير السوق المتشعبة (Revenue Share) بين المشغّل الوطني ومقدم الخدمة OTT (Over-The-Top) باختلاف الاتفاقات. وهذه النسبة لتقاسم الايرادات بين المشغل الوطني ومقدم خدمة الـ OTT تراوح وفق ما تقول المصادر عينها ما بين 30% و70% لمصلحة المشغل الوطني، وذلك وفقا لمعايير السوق Industry and market standards وليس 10% للمشغل الوطني كما ورد في عرض Stream Media. قد تبدو هذه النسبة واسعة نظرا للمساهمات وظروف السوق التي تؤثر على اتفاق تقاسم الإيرادات بين المشغل الوطني للاتصالات (NTO) وموفّر الخدمة لتدفق الـ OTT، لكنها في جميع الأحوال لا يمكن أن تصل إطلاقا الى قيمة 10% فقط لمصلحة المشغل الوطني وفقا لما هو معروض على هيئة “أوجيرو” حاليا، خصوصا أن وزارة الإتصالات قامت بالاستثمار في البنية التحتية بما في ذلك شبكات النطاق العريض ومراكز البيانات، وهي عوامل حاسمة لتقديم خدمات تدفق OTT، وقد تبرر هذه الاستثمارات حصة أكبر من الإيرادات لـ”أوجيرو” وصولا الى 70%.

اما لجهة الاستحواذ أو ترخيص المحتوى، فتوضح المصادر أن موفر الخدمة يتحمل عادة كلفة استحواذ أو ترخيص المحتوى للتدفق. فإذا كان موفر الخدمة مسؤولا عن الحصول على محتوى شهير وعالي الجودة، قد يتفاوض للحصول على حصة أكبر من الإيرادات لتعويض هذه التكاليف. لكن هذا لا يبرر اطلاقا، برأي المصادر، نسبة الـ 90% لمقدم الخدمة الاساسية وفقا لعرض Stream Media، بل على العكس تماما، “يجب ألّا تتعدى حصة الشركة نسبة 30% وفقا لمحدودية العرض”. والاهم من كل ذلك، ان مقدم الخدمة يستفيد من قاعدة العملاء الموجودة لدى “أوجيرو” وقنوات التوزيع الخاصة بها. وتقول المصادر: “يمكن أن تؤثر المساهمات في هذا المجال على تقاسم الإيرادات بنسبة أكبر لمصلحة أوجيرو يجب ألّا تقل عن 70%. اما لجهة التسويق والترويج، فان أوجيرو تساهم في حملات التسويق والترويج لخدمة تدفق الـ OTT، لذلك يتم احتساب نسبة اكبر في تقاسم الإيرادات لمصلحتها. كما أن استحواذ واحتفاظ المشتركين هي من مسؤولية أوجيرو في الدرجة الأولى من خلال وسائل مختلفة، بما يمكن أن يؤثر على اتفاق تقاسم الإيرادات لمصلحتها أيضا. اما الديناميات السوقية، فيمكن أن تؤثر كثيرا، في ظروف السوق مثل المنافسة او الاحتكار، على اتفاق تقاسم الإيرادات. على سبيل المثال، في سوق غير تنافسية، كالسوق اللبنانية مع عدم وجود خيارات كثيرة لتدفق الـ OTT، يميل تقسيم الإيرادات نحو أوجيرو أيضا وأيضا”.

وتعتبر المصادر أن “التكاليف التي ستتكبدها أوجيرو لتقديم محتوى الـ OTT هي اكبر بكثير من النسبة التي سوف تحصل عليها وفقا للعرض المقدم وهي 10% أو 40 سنتاً عن كل مشترك في الخدمة الاساسية. فيما عناصر كلفة تقديم خدمة OTT streaming من وزارة الاتصالات وهيئة أوجيرو كثيرة، وأهمها كلفة البنية التحتية، وتشمل هذه التكاليف البنية التحتية للشبكة مثل الألياف البصرية، والأبراج، والمعدات اللازمة لضمان سرعة واستقرار الاتصال بالإنترنت. يضاف اليها كلفة الصيانة والتشغيل، وتتضمن هذه العناصر تكاليف صيانة وتشغيل البنية التحتية والمعدات، وكذلك تكاليف الطاقة اللازمة لتشغيل الشبكة. كما أن هناك تكاليف التشغيل والإدارة وتشمل التسويق وخدمة الزبائن والتطوير التقني لتحسين تجربة المستخدم وضمان جودة الخدمة. وقد تتكبد أوجيرو تكاليف إضافية لزيادة حجم البيانات المرسلة والمستقبلة بسبب استهلاك خدمة OTT streaming، وهذا قد يتطلب استثمارات إضافية في البنية التحتية”.

الى ذلك كله، ما سوف تقدم عليه وزارة الاتصالات وهيئة “أوجيرو” قد يكون الحالة الوحيدة في العالم أجمع، إذ ليس من مشغّل وطني NTO في اي دولة من دول العالم يقدم خدمة OTT Streaming

من دون أن تكون لديه خدمة الـ IPTV.

 

Leave A Reply

Your email address will not be published.