صيانة مرفأ بيروت وتوسيعه بـ 100 مليون دولار
أطلقت يوم أمس خطّة جديدة لصيانة مرفأ بيروت وتطوير مساحاته الداخلية. الهدف الأساسي هو إجراء عمليات صيانة وتوسيع للمرفأ، بمعزل عن ترويج هذه المسألة تحت عنوان «إعادة الإعمار»، بالإضافة إلى جذب استثمارات القطاع الخاص، أي خصخصة المساحات تدريجياً. صحيح أن الحديث كلّه عن مرفأ بيروت يندرج في إطار إعادة الإعمار بعد انفجار 4 آب 2020، إنما الواقع أن المخطط الذي عرض أمس مخصّص لصيانة وتوسيع مرفأ بيروت الذي يعمل منذ أكثر من عام بشكل طبيعي وصار يحقق إيرادات سنوية قدّرت في موازنة 2024 بنحو 150 مليون دولار، أي بمعدل 12 مليون دولار شهرياً؛ وبالتالي، تعدّ هذه الخطّة استكمالاً للخطّة النموذجية التي أعدّتها إدارة المرفأ في أيار 2018 مع بعض التعديلات الإضافية لتأخذ في الحسبان عمليات التوسيع والقدرة الاستيعابية للمرفأ في محيطه الإقليمي والمنافسة التي يمكن أن يتعرّض لها. لذا، يتم تقديم الخطة بوصفها مشروعاً تطويرياً بعد مرور 3 سنوات ونصف سنة على انفجار المرفأ.
التعديلات على الخطّة جرت من خلال الاستعانة باستشاريين من شركتين فرنسيتين (أرتيليا وإيجيس) وبمؤازرة شركة فرنسية ثالثة تدعى «اكسبرتيز فرنس». لم يُعرف سبب وقوع الخيار على الفرنسيين دون سواهم، أو سبب حضور السفير الفرنسي هيرفي ماغرو المؤتمر الصحافي الذي عُقد أمس لعرض المخطط وإعلانه للعموم، باستثناء ما قاله حميّة لـ«الأخبار» من أن الشركات الفرنسية قدّمت هبّة، وأن الأمر سيكون مفتوحاً لجميع الدول والشركات الدولية في المناقصات التي ستطلق لأعمال التلزيم. واللافت هو ما تردّد سابقاً عن أن حميّة والمدير العام للجنة المؤقتة لإدارة واستثمار المرفأ عمر عيتاني، تمكّنا من إسقاط كل العروض الدولية للاستيلاء على المرفأ وتحويله الى «سوليدير 2»، وإسقاط مشروع البنك الدولي لتحويل هذا المرفق المربح، إلى منطقة سياحية مع الإبقاء على مساحة صغيرة فيه تعمل كـ«ميني مرفأ».
يقول عيتاني لـ«الأخبار»، إن الخطّة تقضي بتطوير عمل المرفأ عبر: إعادة ترميم الأرصفة وصيانتها، تعميق الحوض الثالث، تنظيف الحوض الرابع، تنظيم خطة سير داخل المرفأ وعلى مداخله، تحديد منطقة إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية، توزيع جديد للباحات مع اعتزام خصخصة محطة إفراغ البواخر وركن السيارات، وتنظيم مساحات الأهراءات ومحطة المسافرين. ويشير إلى أن «دفاتر شروط هذه البنود لن تطلق مرّة واحدة، بل على دفعات وفقاً للأولويات». والأولوية هنا «لإعادة صيانة الأرصفة وتنظيم المساحات، ثم تعميق الأحواض وصولاً الى صيانة محطة الركاب وغيرها».
وتخصّص الخطة مساحة خاصة لبناء أهراءات من نوع جديد (Steel silo)، في حين أن مبنى أهراءات القمح المهدّم الذي صدر قرار حكومي بهدمه قبل أن يُعلّق ميقاتي العمل به تحت وطأة الشعبوية، يحتاج الى قرار من مجلس الوزراء، ويقع تحت سلطة وزارة الاقتصاد لا إدارة المرفأ. وسبق لوزير الاقتصاد أمين سلام أن أشار إلى أن مجلس الإنماء والإعمار يعمل على دراسة لإعادة ترميم الأهراءات المتضرّرة وتحويلها إلى صرح لذكرى انفجار 4 آب، قبل أن يكشف منذ عام عن اعتزام دولة الكويت تمويل المشروع المقدرة كلفته بما بين 30 و40 مليون دولار (أي ما يوازي تقريباً كلفة صيانة وتطوير المرفأ بكامله!) من دون أن يتحقق شيء.
علي حميّة: هدفنا تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار وإبقاء الملكية للدولة
يقول عيتاني إن «الكلفة التقديرية لمخطّط التطوير تتراوح ما بين 60 مليون دولار و100 مليون دولار». ولأن باستطاعة إدارة المرفأ إنفاق نحو 25% من مجمل الإيرادات السنوية على المصاريف التطويرية، أي ما يعادل نحو 37 مليون دولار إذا احتسبنا مبلغ 150 مليون دولار كمعدّل إيرادات سنوي وفقاً لأرقام عام 2023، سيكون بالإمكان إنجاز الخطّة كاملة في مدّة أقصاها 3 سنوات، علماً أن الخطّة الفرنسية التي أعلنها سابقاً المدير العام لمجموعة CMA CGM في لبنان جو دقّاق، في نيسان 2021 والتي تضمّنت إعادة بناء الأحواض والمخازن المدمرة مع توسعة المرفأ وتحويله إلى النظام الرقمي، تراوحت كلفتها الإجمالية ما بين 400 و600 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات.
وبحسب حمية، فإن مشروع تطوير المرفأ وتمويله من إيراداته الذاتية من دون الحاجة إلى قرض أو إلى هبة أو أيّ نوع من «استجداء صندوق النقد أو أي طرف آخر لرهنه، لم يكن ليحصل لولا تفعيل عمل المرفأ، ما ساهم في زيادة إيراداته وتقوية موقفنا». هكذا «حررنا رقبة الدولة وهدفنا اليوم تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار مع الإبقاء على ملكية الدولة للمرفأ. وسنعمد في المرحلة الأولى إلى إعداد دفتر الشروط لعرضه على هيئة الشراء العام قبل إطلاق المناقصات»، الأمر الذي «لا يحتاج الى المرور في مجلس الوزراء إلا إذا كان ثمة موضوع مالي يفترض مناقشته».