الأهمية التي أعطيت لمروحة لقاءات هوكشتاين
على رغم وضوح الرسالة التي وجهها الموفد الاميركي آموس هوكشتاين من على باب رئيس مجلس النواب نبيه بري حول ان هدنة غزة لن تمتد تلقائيا الى الجنوب اللبناني والتي تعمد توجيهها لمن يهمه الامر اي “حزب الله” ، نقل من زارهم الديبلوماسي الاميركي انطباعاتهم او خلاصاتهم على خلفية الموضوعين الاساسيين راهنا : الاول حول مساعي التهدئة في الجنوب والخطر الذي لا يزال يحدق بلبنان لا سيما في الاسبوع الفاصل عن موعد الهدنة المفترضة في غزة ، اتم الوصول اليها ام اذا تعرقلت خصوصا ، ما يجعل الايام القابلة صعبة جدا وعلى قاعدة ان ليس هناك موقف رمادي يمكن اعتماده بل اما ابيض او اسود اي اذا لم يرغب الحزب في الحل سلميا ، فان الخيار الاخر هو خيار الحرب . والثاني يتصل بالموضوع الرئاسي على خلفية ان هناك نافذة مفتوحة راهنا وهناك استعداد اميركي للمساعدة على قاعدة التواصل بين القوى السياسية اللبنانية وعدم اقفال الابواب امام هذا الاحتمال بين بري والقوى المعارضة . وهذه النقطة الاخيرة لم يفهم منها حكما الذهاب الى ترجيح خيار الثنائي الشيعي بل يرجح ان الاجواء هي اجواء اللجنة الخماسية . وما لا يقل اهمية هو توسيع هوكشتاين مروحة لقاءاته وهو لم يلتق ثلاثة افرقاء من المعارضة في مجلس النواب بل التقى المعارضات من ضمن المعارضة في مجلس النواب والتقى ايضا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي سابقا وليد جنبلاط بعد فترة برودة نسبيا بعد انطلاق الحرب على غزة والمواقف من ” حماس” وما يتصل بما قامت به .
ويمكن القول ان هوكشتاين التقى معارضتين مختلفتين علما ان كلا منهما معارضة على طريقتها فضلا عن اللقاء مع قائد الجيش العماد جوزف عون . وتم تعليق أهمية على الرسالة التي وجهها هوكشتاين عبر هذه اللقاءات بمعنى عدم اختصاره استطلاع الاراء والقرار بمن يلتقيهم تقليديا خصوصا ان جزءا كبيرا من القوى السياسية غير ممثلة في الحكومة التي هي حكومة تصريف اعمال في نهاية الامر فضلا عن وجود رأي عام واسع معارض للحرب الذي يخوضها الحزب من الجنوب ويرفض جر لبنان الى اتون حرب اقليمية . وهذا امر مهم انطلاقا من انه بات يصعب دحض الانطباعات عن تغذية الديبلوماسية الاميركية على نحو غير مباشر وغير مقصود على الارجح ، ليس حكم المجلس النيابي وهو نوع من الحكم الموجود في العالم ، بل حكم “رئيس “المجلس النيابي الذي يشكل النصف الاخر من الثنائي الشيعي ، في غياب رئيس للجمهورية بحيث يخشى ان ثمة اهدافا مقصودة يتم توظيفها داخليا وبقوة من خلال تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وتعطيل تأليف حكومة جديدة .
فمع ان رئيس المجلس النيابي اعتبر دوما محاورا بديلا وممثلا ل” حزب الله” من موقع الشراكة المذهبية والسياسية والوطنية كذلك ، فان الامور لم يعد ينظر اليها بالابعاد نفسها في ظل ازمة التعطيل المستمرة باعتبار ان رئيس المجلس الذي يمسك ايضا بورقة عدم دعوة مجلس النواب لانتخاب رئيس ويساهم في تعطيل النصاب ، تمتع بالحظوة نفسها حتى ابان عهد الرئيس ميشال عون والتفاوض الذي ينبغي ان يقوم هو به على اتفاق للترسيم البحري مع اسرائيل . وهذا مفهوم ما دام الحزب هو التنظيم الوحيد المسلح في لبنان والذي يقوم بمواجهة وتهديد اسرائيل بالسلاح ويسيطر على قرار الدولة ويمنع قيامها . وهذه العناصر لم تكن تأخذ هذه الابعاد تحديدا في ظل انتظام عمل المؤسسات الدستورية.
على هامش هذا التطور الذي كان منتظرا بقوة ، يلفت مراقبون انه لم يتم اعطاء اهمية كافية في الايام الاخيرة لموقفين لافتين احدهما ما تضمنه تصريح الموفد الاميركي هوكشتاين من “إن ما نقوم به ليس جهداً اميركيا منفرداً بل اننا نعمل مع شركائنا في العالم لخلق فرصة تعزز الإستقرار والإزدهار للبنان وشعبه ومؤسساته ولاقتصاده” . والاخر هو ما تضمنه البيان الختامي للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والذي اجتمع في 3 اذار الجاري في الرياض في شأن لبنان . اذ وفيما اكد “مواقف مجلس التعاون الثابتة مع الشعب اللبناني الشقيق وعن دعمه المستمر لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، وللقوات المسلحة اللبنانية التي تحمي حدوده وتقاوم تهديدات المجموعات المتطرفة والإرهابية مؤكداً على أهمية تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية شاملة …” اكد ” دعم جهود المجموعة الخماسية بشأن لبنان، التي أكدت أهمية التعجيل في إجراء الانتخابات الرئاسية وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لوفاء الحكومة اللبنانية بمسؤولياتها تجاه مواطنيها، مشيداً بجهود أصدقاء وشركاء لبنان في استعادة وتعزيز الثقة والتعاون بين لبنان ودول مجلس التعاون، ودعمهم لدور الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في حفظ أمن لبنان” .
اهمية هذا المعطى صدوره غداة تكهنات او استنتاجات تنعي عمل اللجنة من جهة كما على خلفية رفض “اللاورقة ” الفرنسية في شأن ترتيبات امنية في الجنوب تعيد تفاهم نيسان 1996 الى الواجهة بنسخة جديدة من جهة اخرى علما انه لم يفصح احد حتى الان عن مضمون الترتيبات الامنية التي تحدث عنها هوكشتين ومدى ترابطها او استكمالها للاقتراحات الفرنسية . ولكن في كل مرة تحدث فيها المسؤولون عن وساطة هوكشتاين ، اكدوا عدم احتمال عودته من دون ان يحمل شيئا جديدا معه.